يحمل الاتفاق الذي تم توقيعه امس الاول بين المملكة وروسيا في مجال الطاقة في اطار زيارة صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني لروسيا اكثر من عمق ولعل العمق الابرز هو العمق المتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين في مجال الطاقة. فمن حيث الاهمية فهذا هو الاتفاق الاول الذي يتم بين اكبر دولتين مصدرتين للنفط في العالم وسينعكس ذلك على الاستثمار المشترك بين البلدين في مجال الطاقة حيث تجمع الاتفاقية عناصر الامكانيات المالية والخبرة والمخزونات الواعدة للنفط والغاز والتي يمكن ان يوفرها الجانبان لتكون تربة خصبة لهذه الاستثمارات المشتركة والتي ستسفر كما يرى المراقبون عن تسهيل اجراءات تشكيل شركات مختلطة لتنفيذ مشاريع في مجال استثمار النفط والغاز. وقد اكدت ذلك تصريحات وزير الطاقة والوقود الروسي ايجور يوسفوف بعد توقيع الاتفاقية بأن عقودا ستوقع في اطار الزيارة بين شركات روسية وسعودية كما أعرب عن امله في ان تحتل الشركات الروسية موقعا مشرفا في هذا المجال. كما ألمح في تصريحاته الى ان المحادثات بين المملكة وروسيا بحثت امكانية اقامة مشروعات تنقيب عن الغاز الطبيعي في المملكة بقيمة 25 مليار دولار يمكن لروسيا المشاركة في تنفيذها. أما العمق الثاني للاتفاقية بين المملكة وروسيا فهو وان كان متعلقا بالحفاظ على مستوى أسعار النفط في الاسواق العالمية فانه يعكس السياسة التي حرصت عليها المملكة وتعمل عليها بجد من خلال عضويتها في منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك) فالمملكة طالما عملت على استقرار سوق النفط والحفاظ على اسعاره وعدم تحميل اقتصاديات العالم خاصة الدول النامية متاعب وويلات ارتفاعات غير عادلة للنفط. ورغم عدم اشارة المملكة وروسيا الى التعاون مع (اوبك) في اي تخفيضات للانتاج في المستقبل الا ان اتفاق التعاون بين البلدين يدعو لتنسيق امدادات النفط ومراقبة اسعار الطاقة العالمية كما اكد الطرفان عزمهما على التعاون لاستقرار اسواق النفط العالمية. ولابد هنا من الاخذ في الاعتبار ان روسيا بصفتها خارج عضوية (اوبك) تتمتع بحرية عدم الالتزام بحصص المنظمة وكونها تعبر عن رغبتها من خلال الاتفاق مع المملكة في الحفاظ على استقرار اسواق النفط العالمية يعد مكسبا للمملكة بأنها استطاعت ان تجعل عملاق تصدير النفط خارج اوبك يعبر عن هذه الرغبة كما انه مكسب اخر لسوق النفط والبلاد المستوردة التي تشعر بالقلق من التقلبات الحادة في اسعار النفط.