يحاول الزعيم الليبي معمر القذافي التخلص من تجاوزاته الماضية التي جعلته منبوذا من البعض، ويبدو ان العالم بخلاف الولاياتالمتحدة مستعد للتعامل مع الرجل الذي يظهر عزما على الاصلاح. ويدفع القذافي ثمنا باهظا من الكبرياء والنقود لاستعادة المصداقية الدبلوماسية وتعويض أقارب ضحايا تفجير طائرة ركاب امريكية في 1988 واخرى فرنسية في العام التالي وملهى ليلي في برلين عام 1986. وقد يلقى هذا العمل شيئا من التقدير هذا الاسبوع برفع العقوبات الدولية المعلقة منذ 1999. ولكن العقوبات الامريكية ستبقى في مكانها وايضا ستستمر ليبيا مدرجة على قائمة وزارة الخارجية الامريكية للدول التى ترعى الارهاب. قال سعد جبار المحامي بلندن الذي يعمل مستشارا لليبيا في مفاوضات التعويضات لاهل ضحايا حادث تفجير الطائرة الامريكية فوق لوكربي باسكتلندا عام 1988 ادرك القذافي ان العالم تغير. وكان الرئيس الذي اعلن نفسه مدافعا عن الإسلام وبطلا للقومية العربية هدفا للعنات زعماء الولاياتالمتحدة لعشرات السنين وزعموا انه قوة شريرة تدعم الارهاب. كما ان عداء الرأي العام الامريكي الذي أججه صقور الكونجرس وادارة الرئيس جورج يزيد من صعوبة سعي ليبيا بتأييد من بعض شركات النفط في اجراء حوار قد ينهي العقوبات الامريكية على هذه الدولة بشمال افريقيا. واشار جورج جوفي خبير شؤون شمال افريقيا الى اتهامات جون بولتون نائب وزير الخارجية الامريكية بان طرابلس تسعى للحصول على اسلحة للدمار الشامل يعتقد بعض الامريكيين باستحالة اعادة ليبيا الى جماعة الامم. مضيفا انه يجب على بوش الموازنة بين هذه الاراء والضغوط الاقتصادية لالغاء قرار رئاسي بفرض العقوبات والحظر على قيام شركات النفط الأمريكية بالعمل في ليبيا مما يترك المجال مفتوحا أمام شركات أجنبية. ولكن الغاء هذا القرار اسهل من إقناع الكونجرس بإلغاء قانون أصدره في 1996 يستهدف ليبيا وايران لتأييدهما المزعوم للارهاب والسعي للحصول على أسلحة للدمار الشامل ولبوش خيار استخدام سلطاته الرئاسية لتجاوز هذا القانون. وينص اتفاق لوكربي على ان تدفع ليبيا اربعة ملايين دولار لاهل كل ضحية بمجرد رفع عقوبات الاممالمتحدة واربعة ملايين اخرى اذا ألغت الولاياتالمتحدة عقوباتها ومليونين اخرين اذا حذفت واشنطن اسم ليبيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب. واذا رفضت واشنطن هذه الخطوات في غضوت ثمانية أشهر فان اهل الضحايا سيحصلون على مليون دولار فقط بالاضافة الى الاربعة ملايين دولار الاولى. وبعد وصف القذافي بأنه خطر على الامن الدولي في الثمانينات عندما كان صدام حسين لا يزال مفيدا لواشنطن فان التعامل مع الزعيم الليبي حاليا يثير نفور كثيرين في واشنطن، ولكن زعماء أوروبيين يتخذون موقفا عمليا. وذكر مصدر حكومي في مدريد ان خوسيه ماريا ازنار رئيس وزراء اسبانيا وحليف بوش يعتزم زيارة ليبيا هذا الشهر. وفي أكتوبر الماضى التقى رئيس وزراء ايطاليا سيلفيو بيرلسكوني وهو حليف اخر لبوش مع القذافي في طرابلس. وقالت فرنسا ان اقارب ضحايا تفجير طائرة الركاب الفرنسية على وشك التوصل الى اتفاق مع ليبيا. ورحبت المانيا بتعهد احد ابناء القذافي بتعويض عائلات ضجايا تفجير ديسكو برلين. فيما هددت فرنسا بعرقلة مشروع بريطاني في الاممالمتحدة برفع العقوبات الدولية عن ليبيا اذا لم توافق طرابلس على زيادة تعويضات اقارب ضحايا تفجير الطائرة الفرنسية فوق النيجر. وتحركت بريطانيا في الشهر الماضي بعد موافقة ليبيا على دفع 7ر2 مليار دولار لعائلات 270 قتيلا في حادث لوكربي. وتساعد هذه الصفقات التي لم تعترف فيها ليبيا باية مسؤولية جنائية طرابلس على الانضمام الى اتفاق المشاركة مع الاتحاد الاوروبي الذي يضم عشر دول من شرق وجنوب البحر المتوسط. وذكر جبار هذا امر لا مفر منه. لا أرى سببا لماذا لا تكون ليبيا عضوا في العملية. واشار الى ان سوريا انضمت الى اتفاق الشراكة رغم وجود عدوتها اللدودة اسرائيل فيه فلماذا لا تنضم ليبيا. والتحدي الحقيقي الذي يواجه القذافي الان الاصلاح الداخلي وهو يحاول الخروج من انقاض تجربته في الوحدة العربية والاشتراكية العربية وحكم الجماهير. ويذكر انه في يونيو الماضي غامر باثارة غضب رفاقه من الحرس القديم بتعيين رئيس وزراء من المتخصصين لاصلاح الاقتصاد. حطام الطائرة التي انفجرت بالنيجر