أمريكا اليوم تنفس عن ضجرها من كل ما يجري عكس حساباتها في العراق باتهام وسائل الاعلام العربية عن حالة الفوضى في العراق ومسئوليتها عن تأجيج مشاعر عدائية في الشارع العراقي تجاه أمريكا كقوة احتلال، بل وأبعد من هذا خدمة مشروع المقاومة العراقية بتضخيمها للدرجة التي اكسبتها تعاطف الشارع العراقي مع كل عملية تقوم بها ضد القوات الامريكية.. فالأمريكيون اليوم يستجوبون صحافيين ويعطلون صحفا ولا غرابة في أن يستاؤوا من بث الفضائية العربية لشريط مسجل لعناصر ممن يمكن وصفها بالمقاومة.. ولعله مفهوم جدا حرص البنتاغون على ألا يصل للامريكي العادي الا الصورة المؤطرة سلفا من مخططي الحرب والتي تعكس عظمة امريكا ومن يقودون سياستها من حماة الحلم الامريكي في مغامرة العراق "جيوبلولتيكيا" واقتصاديا بل وسياسيا جاءت اليوم بنقيضها على ارض عراق ما بعد البعث، وتريد ان تخرج الآن من العراق بماء وجه غير مراق خاصة ان هي نجحت في توريط الاممالمتحدة في الاتون القاتل الذي قد يهدد استقرار المنطقة كلها لا العراق وحده.. ماهو غير مفهوم طبعا تجرؤ الأمريكيين على حريات التعبير بقمع وسائل الاعلام العراقية والعربية وتحجيم تغطياتها الصحافية بدعاوى التحريض واثارة المشاعر والكراهية تجاه امريكا.. والمفارقة هنا ان ما تنافح عنه امريكا من مبادىء وحقوق في العالم سقطت فيه بامتياز سواء في افغانستان والآن في العراق.. هذه البوليسية الامريكية يبدو انها الشيء الوحيد الذي برع فيه الامريكيون لمعرفتهم سلفا انهم في العالم الثالث ومن يملك السلطة يفعل بالاعلام مايشاء. وان كان الشيء بالشيء يذكر، فرفض مجلس ادارة البي بي سي لطلب توني بلير بالتراجع عن موضوعها الصحافي المثير على الرغم من ان الحكومة البريطانية تعين نصف اعضاء المجلس والذين آثروا الانتصار لمهنية الصحافة ورسالتها الجماهيرية حتى وان تصادموا مع الحكومة والتي استقال فقيهها الاعلامي اليستر كامبل.. واتوقع ان تحدث نفس الجلبة في امريكا مع تزايد أعداد التوابيت بمرور الوقت ليتكرر سيناريو فيتنام المذل.. فلو كانت حرب الارهاب شريفة ونزيهة لما احتاجت امريكا كل هذه العناء؟