انها اسطورة البشرية حينما كان المجانين ولايزالون يعلمون الانسانية بسديد رأيهم وصدق حدسهم ولكن اولئك لا ينالون حق العقل الا بعد الموت في غالب الاحيان ويعيشون في برزخ دنيوي لا ينقطع.. المستحيل لم اقف له على معنى حسي الا في كتاب الله من امور الاعجاز الرباني وما عدا ذلك فلا اظن ما استعصى على القدرة البشرية يعني نهاية المطاف.. العلم مبني على الوجود او امكانية الوجود وهنا تكمن فلسفة التحدي ومن هنا يتوالد المجانين حيث يقرون بما لا وجود محسوس له ان عدم رؤيتك للحوت لا تعني عدم وجوده كما ان عدم رؤيتك للملائكة لا تختلف عن سابقها.. ان ما لا يمكن معرفته بوسائلنا اليوم يمكن معرفته بوسائل الغد والمستحيل يقتله الزمن فيصبح واقعا. ان ما يقرره تاريخ الانسانية ان لا مستحيل وان بامكان مجانين اليوم ان يكونوا عقلاء الغد.. الخيال العلمي لا يمثل تصورا غير منطقي لموضوعه مهما يكن ولكنه يمثل فراغا معلوماتيا في ادراكنا وان محدودية الادراك في حواسنا تشكل عائقا امام معرفة المزيد عن عالمنا فنحن لا نسمع اصوات الموتى ولا نرى عالم الذرات ولا يمكننا استشعار تحرك المجرات ولتفاوت المدارك يخرج لنا البعض بتصورات وتقديرات لا تتواءم مع ما توصلنا اليه حتى اللحظة من بيانات تخص عالمنا المحسوس ومن هنا نعتقد بان الامر محض جنون وهذيان.. من خلال تتبعي للمبدعين والمخترعين وتأملي في سيرهم وخط حياتهم الحافل بالعقبات والصعاب تبين لي ان جل اولئك نالوا وسام الجنون مع مرتبة الشرف الاولى سرا او علنا هذا ان لم يكن لقي بعضهم حتفه قتلا لانه اتى بما لم يقرره الاوائل وفق نظريات ونظم ومعتقدات. انها صورة مشوهة لمبدأ الابداع والاختراع والاكتشاف، كل من يملك عقلا سويا وجسما صحيحا يمكنه ان يكشف للعالم شيئا جديدا ان هو اراد الكل جدير بان يكون الاول في العالم والاوائل لم يكونوا ابدا اناسا غير عاديين الا ان تقديمهم للناس امورا غير تقليدية تدخلهم في اطار الجنون وهذا ما يعمل على رفع راية التحدي في وجه العالم وغالبا ما يحققون النصر.. ان لم يكن بانفسهم فبتلاميذهم ومن سار على طريقتهم.. لم يسلم من هذا الوصف كل مجدد او مخترع او مصلح.. ان تصوروك مجنونا فهذا شأنهم.