إن الهدف من العمليات العسكرية الجارية حول قطاع غزة هو محاولة ممارسة الضغط على السلطة الفلسطينية ذاتها، كي تقوم بخطوات عسكرية ضد التنظيمات الفلسطينية... لم يشعر المسؤولون في قيادة المنطقة الجنوبية، بأي تأثر بالغ عندما اتضح لهم فشل محاولة اغتيال خالد مسعود. ف(تفويت الهدف يعتبر جانباً من عمليات الإحباط المركز) حسب ما قاله أحد الضباط الكبار في القيادة، مضيفاً أن عمليات الإحباط الجوي في قطاع غزة تشكل جانباً من روتين عملنا اليومي. وإذا كانت حركة حماس قد اعتقدت، قبل أسبوع، بأننا نعمل ضد قادتها، فقط، فقد اتضح لها الآن، أننا نستهدف جميع النشطاء العسكريين. سيقوم سلاح الجو الإسرائيلي، بعد فشل العملية، بإجراء تحقيق روتيني لمعرفة ما إذا تم تفويت الهدف لأن المطلوبين شاهدوا المروحية قبل قيامها بإطلاق النيران، فلاذوا بالفرار، أو أن الصواريخ الأولى فوتت الهدف فوفرت بذلك لركاب السيارة فرصة للهرب. وسواء كان هذا هو السبب أو ذاك، فسيتم استخلاص عبرة عملية، توضح: كيف يمكن الوصول سراً وتشخيص السيارة الصحيحة، تماماً، وإطلاق الصواريخ في الوقت المناسب ومحاولة تقليص الأضرار الجانبية. والمؤكد هو أنه لا ينوي أي مسؤول في الجيش التنازل، في هذه المرحلة، عن مواصلة استخدام تقنية الإحباط المركز. خالد مسعود هو الشقيق الأصغر لتيتو مسعود، الذي كان مسؤولاً عن جهاز إنتاج صواريخ (قسام) وتم اغتياله قبل عدة أشهر. وبدأ شقيقه الأصغر، خالد، بتسلق السلم تدريجياً الى أن تم تعيينه مسؤولاً عن إطلاق صواريخ (قسام) في شمالي قطاع غزة. حسب رأي الضابط الكبير، فإن الصورة الحالية السائدة بين رجالات التنظيمات الفلسطينية في قطاع غزة، هي صورة تعرضهم للملاحقة، ولذلك لجأوا إلى العمل السري، وباتوا يواجهون مشاكل في الاتصال بين بعضهم البعض ومع العالم الخارجي. إنهم يتحركون تحت حراسة مشددة بشكل خاص". لكنه على الرغم من ذلك، نجد أن النشاط العسكري المنطلق من قطاع غزة، يزداد بشكل متواصل. وقد ازداد حجم قذائف الهاون وأعمال القنص التي استهدفت غوش قطيف، بقرابة 400%، هذا الأسبوع، مقارنة مع الأسبوع الماضي. وفي هذه الأثناء يقيد الجيش الإسرائيلي نفسه ويقوم بالرد الدفاعي فقط. وما زالت الاستعدادات العسكرية حول قطاع غزة تمر في مرحلة انتظار صدور الأوامر بالتحرك نحو القطاع. وطالما لم يتسبب إطلاق صواريخ (القسام) في وقوع أضرار، طالما تواصل العمل بقرار الامتناع عن ادخال القوات الى القطاع. إن الهدف من العمليات العسكرية الجارية حول قطاع غزة، اليوم، هو محاولة تفعيل الضغط - ليس على عناصر الإرهاب، فحسب، وإنما على السلطة الفلسطينية ذاتها، كي تقوم بخطوات عسكرية مضادة للتنظيمات الإرهابية. ويمكن لمثل هذه الخطوات العسكرية، فقط، جعل إسرائيل توقف الضغط الجسدي الذي تمارسه ضد قادة حماس ومختلف مستويات الحركة. إن ما قامت به السلطة الفلسطينية، حتى اليوم، لا يثير تحمس المسؤولين في القيادة الجنوبية. فما تم القيام به هو إغلاق عدة أنفاق استخدمت لتهريب الوسائل القتالية، كانت بعضها غير فاعلة بتاتاً. كما قام رجال الأمن الوقائي بنشاطات غير فاعلة، في شمالي القطاع، ضد مطلقي صواريخ (قسام). في إسرائيل سيتتبعون باهتمام كبير الجلسة الخاصة للحكومة الفلسطينية التي سيعقدها أبو مازن، في غزة. ويسود الشعور في إسرائيل بأن هذا الاجتماع غير الاعتيادي، يمكنه أن يشكل نقطة تحول في لعبة صراع القوى الفلسطينية الداخلية. فلقد طرح أبو مازن على طاولة البحث، مطلب تسليمه المسؤولية المطلقة عن قوات الأمن القومي التي تشكل الجانب الأساسي من القوة العسكرية الفلسطينية، والخاضعة، حالياً، لسلطة عرفات. وحسب ما يدعيه أبو مازن ورجالاته فإنهم لن يتمكنوا من القيام بنشاط منهجي، واسع وطويل الأمد، ضد رجالات حماس، طالما لم تخضع لهم قوات أمنية مكثفة. جلسة اليوم (الأمس) تعتبر حاسمة، لكن المروحيات الهجومية والطائرات الاستطلاعية الإسرائيلية ستواصل التحليق في أجواء القطاع. كما ستواصل حركة حماس البحث عن المتعاونين وفحص مصدر المعلومات التي تصل إلى إسرائيل حول تحركات رجالاتها. إن جلسة الحكومة الفلسطينية وما يتعرض له قادة حماس من ضغط عسكري، شخصي، يشكل وجهين لعملة واحدة، فالسلطة الفلسطينية وإسرائيل، أيضاً، لا يمكنهما مواصلة التصرف حسب شروط اللعبة التي حددتها حركة حماس خلال فترة الهدنة. ويمكن للتطورات التي حدثت هذا الأسبوع، أن تعني بالنسبة لأبو مازن، مواصلة الوجود أو النهاية. * صحفي ومعلق عسكري إسرائيلي