قالت مصادر فلسطينية امس الجمعة إن نحو ثلاثة آلاف عنصر من عناصر الامن الفلسطيني بدأت ظهر امس عملية انتشار واسعة على الحدود الفاصلة بين قطاع غزة وإسرائيل في أول خطوة إجرائية لوقف العمليات والهجمات الفدائية الفلسطينية ضد إسرائيل. وأوضح مصدر أمني فلسطيني مطلع أن القوات بدأت بالانتشار في المنطقة الواقعة بين وادي غزة على بعد 5 كيلو مترات جنوبغزة حتى حدود بلدات بيت لاهيا وبيت حانون شمال قطاع غزة. و«أخذت القوات الفلسطينية مواقعها وبدأت كذلك بتسيير دوريات وتنفيذ المهام المنوطة بها». وشوهد منذ مساء الخميس انتشار مكثف لقوات الامن الفلسطينية من مختلف الاجهزة في مدينة غزة ومحيطها ومن المقرر أن يعاد إقامة نقاط التفتيش الفلسطينية التي أزيلت أو دمرت خلال الانتفاضة الفلسطينية التي بدأت عام 2000في مناطق قرب المستوطنات والحدود التي تطلق منها المقاومة الفلسطينية قذائف الهاون وصواريخ القسام. ويأتي انتشار قوات الامن الفلسطينية تنفيذا للامر الذي أصدره رئيس السلطة الفلسطينية الجديد محمود عباس بوقف هجمات المقاومين ضد «إسرائيل» تمهيدا لبدء محادثات مع إسرائيل. ورأى المصدر الفلسطيني أن نجاح هذه الخطوة مرتبط باستمرار الاتصالات مع التنظيمات الفلسطينية المختلفة التي تدور حتى الان على نحو غير معلن. وأشار المصدر إلى عدم حدوث أي حوادث إطلاق نار من قبل فلسطينيين أمس الاول الخميس في غزة مؤكدا أن «القوات التي انتشرت امس ستمنع أي محاولة للخروج على القانون وفي حال حاولت أي جهة اختبار حزمنا ستتلقى ردا صارما». وواصل محمود عباس امس الجمعة مفاوضاته مع مندوبي فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة في محاولة لبلورة اتفاق لوقف إطلاق النار. وقال عباس امس الجمعة في غزة ان الحوار الذي تجريه القيادة الفلسطينية حاليا مع المجموعات الفلسطينية المسلحة «يأخذ منحى ايجابيا». واوضح عباس بعيد ادائه الصلاة في مسجد التشريفات في مدينة غزة ردا على سؤال حول قرب التوصل الى هدنة «الان هناك حوارات وهذه الحوارات تأخذ منحى ايجابيا وجديا». لكنه اضاف «لا ادري اذا كانت ستصل الى نتائج قريبا ام لا». وتعليقا على انتشار القوات الامنية الفلسطينية في شمال قطاع غزة، قال عباس «سيكون من مهمتها حماية حدودنا ووطننا ومدننا من اي عدوان».إلى ذلك استبعد الشيخ نافذ عزام القيادي في حركة الجهاد الاسلامي حدوث تماس بين قوات الامن الفلسطيني في قطاع غزة والمقاومة الفلسطينية، لان ذلك لا يرغب به احد في الساحة الفلسطينية، والطرف الوحيد المستفيد منه هو اسرائيل. واعتبر عزام في حديث ل «الرياض» من غزة ان انتشار قوات الامن الفلسطيني على نقاط التماس خاصة شمال قطاع غزة، نوعا من الترتيبات التي تتخذها اجهزة امن السلطة، ولا يجوز ان يأخذ اكثر من حجمه. واضاف : نحن لا نريد ان نعلق كثيرا على هذا الاجراء ولكن من المؤكد ان هذه القوات لم تكن في خدمة اسرائيل ولن تكون ابدا ضد مصلحة شعبنا. وتابع قائلا: ربما جاء التوقيت الذي انتشرت فيه يعطي هذا الانطباع. لكن بلا شك مقاومة الشعب الفلسطيني مستمرة وهي حق مشروع طالما استمر العدوان الاسرائيلي. وفيما اذا تم ابلاغ او استشارة الفصائل بشأن هذه الخطوة خاصة انها تزامنت مع لقاءات مع الرئيس الفسطيني محمود عباس، في غزة، قال عزام: هذا الامر لم نستشر فيه ولم يعرض علينا. ولو عرض فإننا نقول رأينا فيه. نحن نقول بصراحة ان الشعب الفلسطيني يعيش مأساة كبيرة ومن حقه ان يواجه العدوان المستمر ضده. من حقه ان يقاوم هذا العدوان بلا هوادة. وحول اهمية الحوار طالما ان السلطة تأخذ اجراءات عملية على الارض وتواصل حوارها، قال عزام: الحوار يهدف الى تعزيز وحدة الشعب وتعزيز الثقة بين الفلسطينيين. هناك ثوابت نعتقد ان الجميع متمسك بها سواء نحن في الفصائل او السلطة، وهذه الثوابت لا يمكن لاحد ان يتجاوزها على الاطلاق لانها اصبحت بمثابة مقدسات بالنسبة للفلسطينيين، وطالما هذه الثوابت لم تمس فباقي الموضوعات يمكن النقاش والتحاور حولها، حتى لو كنا مختلفين مع السلطة. وعن مضمون الحوار وتقييمه له، وصف عزام هذه البداية بالايجابية. واضاف: في هذه المرحلة لا نريد التحدث عن تفصيلات، لكن بلا شك ان اللقاءات تتناول معظم القضايا المطروحة في الساحة ويتم البحث فيها بشكل جدي، وهي ستتواصل وستعقد الجولة التالية من الحوار خلال الايام المقبلة. وفيما اذا كان هناك اختلاف بين الطريقة التي يجرى فيها الحوار الان بعد تولي عباس رئاسة السلطة وبين المرحلة التي كان يتولى فيها منصب رئيس الحكومة، قال عزام: لم نشعر بوجود اختلاف. معظم الوقت كان هناك حوار متواصل مع الرئيس ابو مازن. يوجد قضايا نختلف حولها وفيها، ولكن طبيعة المواقف بالنسبة لنا او ل «أبو مازن» لم تختلف ولم تتغير. وعن القضايا الخلافية، اضاف: لا نريد ان نتحدث عن تفاصيل الان، ونفضل الحديث عن نتائج ان شاء الله، ولكن استطيع القول ان البداية ايجابية. وعن احتمال منح عباس فرصة جديدة على صعيد التهدئة، قال القيادي في حركة الجهاد: هذا الامر يجري نقاشه بشكل جدي ومسؤول داخل الحركة، ولكن لم يتم التوصل الى نتائج نعلن عنها حتى اللحظة.إلى ذلك اعلن نائب وزير الدفاع الإسرائيلي زئيف بويم أمس الجمعة أن إسرائيل «ستضرب بشكل قاس جداً» في حال استأنف الفلسطينيون القصف بالصواريخ وقذائف الهاون على مواقع إسرائيلية رغم انتشار قوة أمنية فلسطينية في شمال قطاع غزة. وقال بويم في حديث إلى الإذاعة العامة الإسرائيلية «إن قواتنا في قطاع غزة في حالة تأهب وهي تلقت تعليمات واضحة جدا للضرب مجدداً إذا استؤنف القصف بالصواريخ وقذائف الهاون، وفي حال حصل هذا الأمر فإننا سنضرب بشكل قاس جداً». وتابع المسؤول الإسرائيلي «هذه المرة لن نسمح بأن توجه أصابع الاتهام إلينا في حال فشل أبو مازن» في إشارة إلى محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية. وتابع قائلاً «لقد سمحنا بنشر فلسطينيين (في شمال قطاع غزة) على أمل حصول تطور ايجابي». وكان المسؤولون الاسرائيليون وافقوا الخميس على نشر قوة فلسطينية في شمال قطاع غزة لوضع حد للقصف بالصواريخ وقذائف الهاون الذي يستهدف خصوصاً جنوب إسرائيل. وباشر عناصر الشرطة الفلسطينية بالانتشار بعد ظهر الخميس وكانوا يقومون امس الجمعة بتفتيش السيارات في شمال قطاع غزة. ورغم قبولها الأربعاء على استئناف الاتصالات الأمنية مع السلطة الفلسطينية فإن الحكومة الإسرائيلية، وافقت مبدئياً على القيام بعملية عسكرية واسعة في قطاع غزة في حال استؤنفت الهجمات الفلسطينية. وكانت إسرائيل جمدت الاتصالات الأمنية في الثالث عشر من كانون الثاني/يناير الجاري إثر هجوم أدى إلى مقتل ستة اسرائيليين في قطاع غزة. وفي الثامن عشر من الشهر نفسه قتل عنصر في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي الشين بيت في عملية انتحارية. وباشر عناصر من الشرطة الفلسطينية صباح أمس الجمعة بتفتيش السيارات في شمال قطاع غزة قرب معبر ايريز تنفيذاً لأوامر صادرة عن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بضرورة وقف الهجمات على إسرائيل من شمال قطاع غزة حسب ما نقل مراسل وكالة فرانس برس. وأفاد مسؤولون فلسطينيون أن نحو 2500 شرطي فلسطيني سينتشرون في مجمل قطاع غزة. ولا يزال عباس في قطاع غزة منذ الثلاثاء الماضي وهو أجرى اتصالات مكثفة مع حركتي حماس والجهاد خصوصاً في مسعى للتوصل إلى هدنة مع اسرائيل. من ناحية ثانية صرَّحت المتحدثة باسم الأممالمتحدة ستيفان دوجاريك بأن نشر قوات أمن فلسطينية على المشارف الشمالية لقطاع غزة يعتبر خطوة مشجعة لا سيما بعد أن تزايدت المخاوف من احتمال أن يؤدي التصعيد الأخير في أعمال العنف إلى عرقلة التقدم على مسار السلام. وحثت المتحدثة في بيان بثه راديو سوا الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني على مواصلة التقدم باتجاه السلام.