يستأنف رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عمله السياسي بعد العطلة الصيفية في ظل التحقيق الجاري في وفاة الخبير ديفيد كيلي والذي سيدلي بافادته في اطاره، وفي حين تكشف معلومات يوميا حول هذا الملف تهدد بشل نشاطه وبتوجيه ضربة قاسية الى مصداقية حكومته. ولدى عودته صباح الجمعة الى داونينغ ستريت بعد عطلة في بربادوس استمرت ثلاثة اسابيع، وجد توني بلير نفسه وسط احداث تتمحور حول قضية كيلي الذي مات بفصد شريان يده، بعدما وجهت اليه اصابع الاتهام بشأن تصريحات ادلى بها للصحافة حول ملف اسلحة الدمار الشامل العراقية. وقالت الصحافة البريطانية أمس ان جميع مشاريع الحكومة بدءا باليورو، قد تجمد في انتظار النتائج التي سيتوصل لها القاضي براين هاتن المكلف التحقيق في المسألة. وابدى بلير حتى قبل العطلة البرلمانية عجزا عن السيطرة على معسكره، فتعرض لنكسات عدة في مجلس العموم حول عدة مواضيع منها الصيد بواسطة الكلاب واصلاح نظام التغطية الطبية، حتى ان غالبيته تراجعت في بعض الاحيان. وبعودته ضعيفا لدى استئناف عمله، قد يجد صعوبة متزايدة في فرض رأيه في هذه الملفات. وفي العاشر من حزيران/يونيو، قام توني بلير ووزير المال غوردون براون بحملة حقيقية من اجل اوروبا، فاعلنا عن تنظيم حملة واسعة بهدف بناء اجماع مؤيد لاوروبا في بريطانيا، تتضمن خصوصا خطابات وجولات حول هذا الموضوع. اما الآن، فقد باتت هذه المسألة طي النسيان. وكتبت صحيفة ديلي تلغراف امس الثلاثاء ان الوقت الذي اختاره توني بلير للتحرك هو في الواقع الوقت الذي لم تعد فيه البلاد تؤمن به . وذهبت الصحيفة البريطانية اليمينية الى التأكيد في افتتاحيتها ان الدكتور ديفيد كيلي هو الذي جعل من غير الوارد تنظيم استفتاء حول اليورو . والواقع ان استطلاعات الرأي تشير الى ان توني بلير في مأزق. وبحسب استطلاع للرأي نشر معهد اي سي ام نتائجه السبت، فان 67% من الاشخاص الذين شملهم يعتبرون انه تم خداعهم حول مسألة اسلحة الدمار الشامل العراقية، في حين قال 61% انهم يصدقون تأكيدات البي بي سي بان رئاسة الحكومة ضخمت ملف الاسلحة العراقية الذي اعلن في ايلول/سبتمبر 2002. وبعدما غادر بلير في عطلته الصيفية مسجلا رقما قياسيا كاول رئيس وزراء عمالي يبقى في السلطة لهذه المدة بدون انقطاع، لكنه يواجه الآن خريفا ينذر بصعوبات خطيرة. والهدف الاول لرئيس الوزراء البريطاني الآن هو عدم الظهور في موقع المتهم صباح اليوم الخميس امام اللورد هاتن ومساعديه لدى مثوله للرد على الاسئلة حول الظروف التي أدت الى وفاة ديفيد كيلي. ولا شك ان توني بلير اثبت رغبة في الشفافية يحمد عليها حين وعد بفتح تحقيق مستقل حول المأساة، الا ان تطبيق وعده ينطوي على خطورة سياسية. وبعدما توقع مجمل المراقبين منذ مطلع الصيف رحيل اليستر كامبل مديره الاعلامي وذراعه اليمنى الحقيقية في الخريف، قد يضطر توني بلير ايضا الى التضحية بجيف هون احد اقرب الوزراء اليه. فمن المحتمل ان يصبح وزير الدفاع كبش المحرقة، وهو موضع انتقادات لدوره في قضية كيلي، اذ اتهم بانه اراد التدخل في عمل لجنتين برلمانيتين مكلفتين باستجواب الخبير واخضع العالم البريطاني لضغط كبير. غير ان رحيل هون سيضعف اكثر قاعدة بلير السياسية، بعد استقالة وزيريه الاكثر شعبية روبن كوك وكلير شورت قبل الحرب على العراق وبعدها على التوالي، وسط ضجة اعلامية كبيرة، فضلا عن تخلي الان ملبورن وبيتر ماندلسون عنه، وهما مهندسا تحديث حزب العمل.