منذ سقوط بغداد في التاسع من نيسان - أبريل الماضي تحت الاحتلال الأمريكي اصبح بإمكان كل البشر على كوكب الارض الدخول الى العراق ومن أي اتجاه دون ان يجد الداخل من يسأله من أين ؟. . والى أين ؟. حدود العراق بلا حدود وهي مفتوحة للجميع من التجار الى السياح الى رجال الأعمال والى مهربي المخدرات والنفط والآثار والعملة الصعبة وغير ذلك، ولا يوجد حتى الآن في العراق أي قانون يمنع الداخلين من الدخول، غير ان العراقيين الخارجين منه يمنعهم اكثر من قرار خاصة بعد ان توقفت عمليات صرف جوازات السفر ولم يعد مسموحا الا لمن يمتلك جوازا نافذا بالسفر الى بلدان عدة قد لا ترحب بالعراقيين في هذا الوقت. تزوير الجوازات اصبح سمة غالبة في العراق ومهنة مربحة والمزورون كثر على الرغم من تعقب الشرطة لهم في كثير من الأزقة التي يمارسون فيها عملهم شبه العلنية. حدود مفتوحة خاصة مع إيران حيث يدخل العراق يوميا منها اكثر الف شخص بالمقابل فان عراقيين كثيرين يذهبون الى إيران دون قيد او شرط، الا ان الحدود مع الدول العربية تسمح للمتجهين الى العراق بالدخول في الوقت الذي لا يتمكن العراقي فيه من السفر الا بالحصول على تأشيرة ( فيزا ) عدا دولتين فقط تسمح للعراقيين بالسفر إليها دون تأشيرة هي الأردن واليمن وضمن اتفاقات مسبقة، الا ان الأردن في الفترة الأخيرة بدأت تعيد العراقيين المتجهين إليها من الحدود تحت حجة حملهم جوازات سفر مزورة. وجوازات السفر لم تطبع ليمنع اكثر من عشرين مليون عراقي من السفر الى الخارج، ونشبت فيه خلافات بين مجلس الحكم وممثل الاحتلال الحاكم المدني الأمريكي للعراق بريمر حول موضع الجوازات حيث يصر مجلس الحكم على إصدار جوازات جديدة لمن لا يمتلكون جوازات سابقة، او للذين انتهت فاعلية العمل بجوازاتهم، في حين يرى بريمر ضرورة التفكير في منح وثائق سفر للعراقيين باعتبار انه لا توجد في العراق حكومة شرعية، وهو الأمر الذي يعطل فرصة منح الجوازات الجديدة للعراقيين. ولكن الحدود المفتوحة دفعت من جهة القوات الأمريكية الى اتهام المقاومة العراقية بوجود عناصر فيها قادمة من دول أخرى، وقد أثار هذا الاتهام موجة من التساؤل في العراق وهو لماذا تسمح القوات الأمريكية بترك الحدود العراقية مفتوحة بهذه الطريقة وتكيل الاتهامات الى الآخرين. وإضافة الى هذا التساؤل فان أسئلة كثيرة بدأت تظهر خاصة فيما يتعلق بتهريب الكثير من المواد الصناعية وغيرها من العراق الى الخارج. إذ لم تتوقف عمليات التهريب من العراق على الرغم من ان القوات الأمريكية والبريطانية هي التي تتولى أمن العراق حاليا، وتزداد عمليات التهريب بشكل كبير مع انفتاح الحدود العراقية على كل الجهات، فمن تهريب النفط ومشتقاته الى تهريب الحديد والنحاس والأشخاص الى الأغنام والإبل وقائمة المواد المهربة تطول ولا تتوقف عند حد، بل اصبح التهريب في المفهوم الجديد هو التجارة الحرة لبلد بلا حدود، وهو ما يراه البريطانيون في مدينة البصرة التي تعد معقل التهريب في العراق بأنه تجارة لا اكثر. حدود العراق المفتوحة الى كل الجهات دفعت التجار وغير التجار واللصوص والأثرياء ومن لم يجد له مهنة ان يمارس عملية التهريب التي يؤكد الخبراء الاقتصاديون في العراق انها يمكن ان تدمر البنى التحتية العراقية وتهدد اقتصاده مستقبلا. فبعد تهريب آلاف القطع الأثرية من العراق الى الخارج بعد نهب المتحف الوطني العراقي واستمرار عمليات التهريب التي تتم من مناطق أثرية مهمة مثل مناطق الآثار السومرية في مدينة الناصرية جنوبالعراق، كشفت صحيفة عراقية مؤخرا ان مجموعات عراقية تقوم بتهريب مكائن ومعدات في غاية الأهمية تابعة لهيئة التصنيع العسكري الى بعض الدول المجاورة بواسطة شاحنات خاصة تابعة لوزارة التجارة والنقل والمواصلات التي تقوم بتفريغ ونقل حمولات المساعدات الإنسانية الى العراق بعد ان يتم تبديل خطوطها وعلامات التسجيل بلوحات أخرى مستغلة الانفلات الحدودي الحالي في العراق. ويؤكد عراقيون ان عمليات التهريب قد ازدادت حدتها في ظل حالة الانفلات الأمني وان عمليات التهريب لم تقتصر على النفط ومشتقاته التي يحتاجه العراق اليوم بل شملت الحديد والزئبق والحصى والخشب. وتهريب النفط أدى الى أزمة في الوقود حسب تصريحات المشرف على وزارة النفط العراقية ثامر الغضبان، إذ أكد الغضبان (ان عمليات تهريب الوقود الى الخارج تقف وراء الأزمة في الداخل وفقدان الخزين مطالبا قوات التحالف بالتصدي لهذه الظاهرة لحل المشكلات في القوت الذي لم تنتج فيه المصافي العراقية الحاجة الكافية من الوقود للسوق المحلية). ومثلما أثار موضوع الحدود أسئلة حول التهريب فانه أثار من جانب آخر تساؤلات كثيرة حول وجود عدد من اليهود في بغداد يدخلون من عدة دول، إضافة الى بضائع إسرائيلية بدأت تدخل السوق العراقي من دول أخرى مجاورة للعراق، إضافة الى أنواع كبيرة من المخدرات والخمور والأفلام والصور الإباحية، فالحدود المفتوحة تجعل كل شيء مفتوحا ولا ممنوعا في قاموس العراقي اليوم.