"..مكر مفر مقبل مدبر معا.." حين وصف امرؤ القيس جواده بهذه الصفات المتناقضة, لم يطلب منا التقيد باطلاق هذه الأوصاف على جواد ما, فنحن بحمد الله لا نملك جيادا ولا نعرف حتى امتطاءها, ولكنه كأي شاعر ترك لنا الخيال في استخدام شعره بحرية تامة, بحيث يمكن ان نطلق هذه الأوصاف على انسان ما. هذه الصفات, في المقياس الجاهلي, لم تكن متناقضة - كما وصفتها أنا - بل هي كلها علامات على الشجاعة: فالجواد الأصيل يستجيب لرغبات فارسه في الكر والفر, وكلها تعتبر في الميزان الجاهلي من صفات الفروسية النبيلة. عندنا تغير الحال خاصة حين نطلق هذه الصفات على انسان: فبعض الافراد من البشر حين تغرس عينيك فيه, وفي تصرفاته.. يحلو لك فورا ان تصفه بصفات جواد امرىء القيس (مكر مفر مقبل مدبر معا). لكن في زماننا هذا, وتحت مقاييسنا الاخلاقية.. تصبح هذه الصفات لعنة سوداء تسمر على جبهة من يتصف بها بالمسامير. كثير من الذين يركضون في الساحة الثقافية, والذين اذا رأيت اسماءهم في الصحف (حسبتهم لؤلؤا منثورا) يمكن ان تصرخ في وجه كل واحد منهم: (مكر مفر مقبل مدبر معا). هل تراه يخجل حين يسمعك تحثو هذا الكلام في وجهه؟ لا انه لن يخجل, لان:==1== من يهن يسهل الهوان عليه==0== ==0== ما لجرح بميت ايلام==2== قد تقول: ماذا يهمك من هؤلاء؟ واقول لك ما قال عمنا ايضا:==1== واحتمال الأذى ورؤية حانية==0== ==0== غذاء تضوى به الأجسام==2==