المجالس الرسمية وغير الرسمية والتي يلتقي فيها الناس تزخر بالحوارات الجانبية والجماعية.. ولكن يحدث في بعض المجالس سوء تفاهم من جراء سوء الفهم.. حتى ان بعضهم - اي بعض الحاضرين - يخرج من المجلس وقد امتلأ حنقا وغيظا, وسبب ذلك يكمن في عدم القدرة على التكيف مع تلك الحوارات التي سادت الجلسة. ولأهمية موضوع الحوار تحدثت في الاسبوع الماضي عنه واعطيت مقدمة بسيطة ومختصرة.. ارجو ان تكون افادت قراءها.. ووعدت بطرح آلية الحوار, ولقد اطلعت على كتاب ألفه الاستاذ: محمد ديماس عن فنون الحوار والاقناع ولقد اورد في كتابه الرائع والقيم عناصر مهمة للحوار. من ذلك استخلص لك عزيزي القارىء هذه الآليات في الحوار والتي اراها مهمة ولم استخلصها من كتابه بنصها وانما هي استنتاج مني من خلال قراءة الكتاب. اهم آليات الحوار: النطق السليم. لأن الفرد منا عندما يحاور انما يستعمل لسانه واللسان آلة النطق والكلام.. ويجب ان يكون هذا اللسان سليما فصيحا والا فليجعل له انسانا آخر نيابة عنه ينطق بما يريده هو. فاللثغة والفأفأة والتأتأة والحصر والارتاح.. كل ذلك معوق في النطق وبالتالي معوق في الوصول الى الآخر ومن ثم معوق في الحوار. واذا سلم اللسان من عاهاته فان الصوت له دور مهم في الحوار.. فالصوت العالي يوحي بالشجار وطلب الغلبة, والصوت الخافت المنخفض لا يؤدي المطلوب.. اذ ان بعض الجمل تموت قبل ان تصل الى الملتقي. واذا نجونا من ذلك فيجب ان نحسب حساب (آداب الحديث). وهذا متوقف على مستوى من نحاوره وموقعه الاجتماعي والعلمي والوظيفي.. فلكل مقامه.. ولكل مقام مقال.. فعندما تحاور رئيسك تكون في حالة نفسية وبلاغية غيرها عندما تحاور مرؤوسك وعندما تحاور أباك غيره عندما تحاور أخاك وهكذا.. ومن آليات الحوار, الانتباه والاصغاء المركزان.. فمن غير المعقول ان تحاور احدا وفكرك في واد آخر فيكون هذا الحوار بمثابة صرخة في واد ونفخة في رماد.. وكن في حالة الحوار رابط الجأش ممسكا بزمام نفسك عقلا وقلبا فلا تكن منفعلا لدرجة ان يؤثر هذا الانفعال على سير الحوار ومفرداته. ولا تكن متعاطفا الى حد الغاء شخصيتك والغاء وجهة نظرك التي تعتقدها وترغب في وصولها واقناع الطرف الآخر بها. فالانفعال يؤدي الى الاستنتاج الخاطىء فكن حذرا من ذلك. وبعد ذلك كن في حالة حوارك مقتنعا بما تقدمه من أفكار.. ففاقد الشيء لا يعطيه.. وانتبه لمستوى من تحاوره فلا تقذف ببارجة كبيرة في خليج ضحل او العكس وقس نفسية من تحاوره من ناحية الاعتداد بالنفس والغرور وغير ذلك.. فالمغرور صعب اقناعه, والحوار معه هذيان وضياع للوقت والجهد. واخيرا.. لا تنس الجو او الظرف.. اقصد الظرف الزماني والمكاني للحوار. فهما مهمان في عملية الحوار فالمجلس غير السوق وغير الشارع فحوارك مع شخص ما حول شراء ارض او منزل لا يكون في الشارع, وحوارك حول موضوع فكري ثقافي لا يكون في مكتب العمل وهكذا.. وكن على قدر كبير - في حالة الحوار - من الجاذبية والاحترام.. ولي معك لقاء آخر باذن الله في المقال القادم لنكمل مسيرة هذا الطريق.