في الضوء الخافت قبيل الفجر تصطف عشرات من سيارات الشيفروليه ذات الدفع الرباعي ومحركاتها دائرة عند الحدود الاردنية على طريق صحراوي سريع واسع به ست حارات هو الطريق الوحيد الذي يربط الاردنبالعراق الذي تحتله الولاياتالمتحدة. اصبح الطريق الصحراوي من العاصمة الاردنيةعمان الوسيلة الوحيدة المجربة للوصول الى العاصمة العراقيةبغداد في غياب الطيران المدني الذي تحظره القوات الامريكية خشية التعرض لهجوم بصاروخ يطلق من على الكتف. لكن الرحلة البرية لا تخلو من مخاطر كما انها مكلفة. والمسافر المستعد لهذه المغامرة يمكن ان تأخذه سيارة بعد منتصف الليل من فنادق انيقة في عمان مقابل 500 دولار تدفع نقدا ليد السائق لتنقله بسرعة الصاروخ عبر الصحراء الاردنية في الغرب ليصل الى الحدود العراقية قبل ساعة او نحو ذلك من شروق الشمس. وهناك وبعد المرور عبر سلسلة من نقاط مراقبة جوازات السفر في مجموعة من المباني الادارية التي تكتظ بالمسافرين والسائقين يصطف الجميع انتظارا لشروق الشمس. في فجر يوم قريب تجمعت مئة سيارة في مكان بلا ملامح في المنطقة التي تفصل بين الاردنوالعراق وتبدد اعمدة انارة الظلام فيما تقوم مجموعات من الرجال بقطع فترات الانتظار بإعداد اكواب من القهوة. اما من يحتاج الى بنزين فعليه ان يقود سيارته في الظلام نحو اكواخ صغيرة من المسلح حيث يقوم رجال بتزويد السيارات بالبنزين مستخدمين انبوبا قديما مثبتا على براميل صدئة وقد تدلت السجائر من شفاههم. وينقل السائقون وكثير منهم يتردد على هذا الطريق بانتظام منذ الحرب رجال اعمال وصحفيين وعمال اغاثة وآخرين من العراق واليه يسيرون في قوافل تضم عددا من السيارات بحثا عن الامان في الكثرة. والخوف هو ان تهاجم عصابات من رجال الميليشيا العراقية هذا الطريق التجاري سواء في اطار حملة يشنها رجال حرب العصابات ضد المحتلين الاجانب او لمجرد السرقة والنهب. وفي الماضي رافقت القوات الامريكية بعض القوافل لكن ذلك جعلها هدفا سهلا. نقل بعض السائقين المسافرين بين العراقوالاردن في ذروة الحرب التي اطاحت بصدام حسين وفقد واحد منهم على الاقل حياته عندما اصاب صاروخ امريكي محطة للتزود بالوقود على الطريق. والآن تقطع قوافل من السيارات سواء كانت من سيارات النقل الثقيل او الشاحنات الخفيفة او سيارات ركوب فاخرة الطريق السريع في سرعة خاطفة على امل الافلات من الخطر. تنطلق قافلة من عشر سيارات شيفروليه بيضاء عبر صحراء العراق الغربية بسرعة 160 كيلومترا في الساعة لتقطع المسافة من الحدود الى بغداد ويبلغ طولها 540 كيلومترا في اقل من اربع ساعات.لا وقت كي ينزل الراكب من السيارة ويقضي وقتا على مقاعد ومناضد من الخرسانة المسلحة بنتها الدولة في عهد صدام كي يأكل عليها المسافرون في الاوقات الاقل خطرا. وتتوتر اعصاب المسافرين عند مرور القافلة على بلدتي الفلوجة والرمادي حيث تكثر الهجمات التي يشنها رجال حرب العصابات. وتتطلع نحو عشر من شركات الطيران من شتى انحاء العالم ومن الشرق الاوسط لتقديم خدمة النقل الجوي من عمان او من مدينة الكويت الى بغداد لكن هذه الخدمة لن تبدأ طالما الغموض يكتنف الاوضاع الامنية. ومن التوقع ان تحقق شركات الطيران تجارة مزدهرة بمجرد السماح بتسيير الرحلات الجوية خصوصا مع وجود رجال اعمال يتلهفون على احراز مكاسب من العراق. وقدرت شركة /كيه.ال.ام/ ان يبلغ سعر تذكرة السفر بالطائرة من عمان الى بغداد 800 دولار تقريبا. وحتى يتحقق ذلك ستصب كل الاموال في جيوب السائقين وسيستمرون في نقل المسافرين في رحلة مرهقة تستمر 12 ساعة من عمان الى بغداد عبر صحراء مقفرة.