جمع فايز كاظم، العامل العراقي المقيم في الاردن منذ اربعة اعوام، كل مدخراته وراح يبحث عن سائق سيارة اجرة يقبل بان يغامر بايصاله الى بغداد وهو يردد لا استطيع ان ابقى امام التلفزيون واشاهد بغداد تحترق. فعوضا عن تدفق اللاجئين العراقيين الذي تترقبه وسائل الاعلام الدولية بفارغ الصبر في بلدة الرويشد الحدودية، يسجل تدفق في الاتجاه المعاكس لعراقيين حزموا امتعتهم وقرروا العودة الى بلادهم. ويتحمس فايز، عامل البناء المقيم في الاردن بشكل غير شرعي، لدى سؤاله عن قراره العودة والصواريخ الاميركية تنهمر فوق بلاده، فيسارع الى التأكيد اريد ان اكون اول العائدين الى بلدي. ويضيف اعود لاقاتل الاميركيين، العراقي يلد من رحم امه حاملا السلاح. وفايز واحد من مجموعة من حوالى 13 عراقيا من العمال المقيمين في الاردن قصدوا موقف سيارات الاجرة والباصات ليفاوضوا السائقين علهم يعثرون اخيرا على سائق يوافق على القيام بالرحلة الخطرة. ويقول ستار محمد الذي انتقل من مدينة البصرة الجنوبية الى الاردن قبل عام ونصف العام ويعمل لحاما في عمان انه لا يهاب الموت، مؤكدا ان الموت هنا او هناك واحد غير ان الموت الجماعي اشرف من الموت بعيدا عن ارضنا. وستار الذي ترك وراءه في البصرة زوجة وثلاثة اطفال يستغرب السؤال عن سبب عودته صارخا من يدافع عن عوائلنا وشرفنا وعرضنا في العراق؟ هل ابقى هنا في عمان اشاهد التلفزيون بينما الاميركي يقتل عائلتي ويتعرض لزوجتي وشقيقتي؟ كما يصبون جام غضبهم ايضا على الاعلام العربي لانه يستخدم تعبير الهجوم الاميركي بدلا من الاحتلال الاميركي للعراق، كما يؤكدون. ويقول رائد محمد جواد الذي يريد العودة الى مدينته البصرة دافعنا عن كل دول العرب وحاربنا من اجل كل العرب، أين العرب اليوم، لم لا يحاربون من اجلنا؟. ويضيف هل يعقل ان ترفض الدول الاوروبية الحرب وتندد بها في حين ان القادة العرب يلزمون الصمت؟. ويقول رائد انه يطمئن يوميا عبر الهاتف على عائلته وينقل عنها ان الاوضاع في العراق عادية جدا والناس تخرج الى الشوارع وتتنقل من دون خوف، كل ما تنشره وسائل الاعلام عن الخوف والهلع وهزيمة الجيش العراقي اكاذيب. ويرفض رائد حتى مجرد الحديث عن احتمال لجوء عدد كبير من العراقيين الى الاردن، ويقول بنبرة حادة لا يوجد عراقي واحد سيترك ارضه، اؤكد لك ذلك، نحن تعودنا على القتال ونريد الآن ان نموت في ارضنا. وقد وافق الاردن على اقامة مخيمين احدهما للاجئين العراقيين والاخر للوافدين من جنسيات اخرى في بلدة الرويشد على حدوده الشرقية. غير ان المجموعات التي وصلت حتى الآن هي من الرعايا السودانيين والصوماليين والمصريين في شكل خاص في حين ان مخيم اللاجئين لم يستقبل حتى الان اي عراقي. وسيكون من الصعب على رائد ورفاقه ان يجدوا ضالتهم فسائقو سيارات الاجرة بات بعضهم يطلب حوالى ثلاثة الاف دولار اجرة السيارة الى بغداد والبعض الاخر يرفض ان يعرض حياته للخطر مقابل اي مبلغ كان. وتقوم بعض الباصات يوميا بنقل عراقيين يريدون العودة لكنها تقلهم حتى معبر ترابيل العراقي الحدودي مع الاردن وتعود ادراجها الى عمان. وكما العديد من زملائه، قرر ابو رامي، سائق سيارة الاجرة بين عمانوبغداد، العودة الى منزله ورفض اي طلب بنقل افراد الى العراق مهما كان السعر مغريا، بعد رحلة الرعب بين بغدادوعمان غداة بدء العملية العسكرية ضد العراق. ويروي ابو رامي لقد قدت سيارتي ثماني ساعات من دون ان المح شخصا واحدا على الطريق او سيارة تعبر. ويؤكد ابو رامي الذي قصد بغداد لينقل عراقيا ان لا احد يهرب من العراق، لم ار احدا يحزم امتعته او حتى يخرج من منزله، ويقول انه اضطر الى العودة الى عمان من دون ان ينقل اي زبون. وقتل سائق اردني الخميس وهو في طريقه بين بغداد والحدود الاردنية-العراقية اثناء قصف اميركي لمركز اتصالات على الطريق. كما قتل مساء السبت اربعة طلاب اردنيين في سقوط صاروخ امام سيارتهم في الموصل شمال العراق في حين كانوا، على ما يبدو، يحاولون العودة الى الاردن.