ذاكرة الوقت هنا، تتراقص أمام ناظري شريطا سينمائيا، يمرض عرضه، لكنه لا يموت، يفتر، لكنه سرعان ما يعود لسخونته وحيويته، فهو واحد من المنافسات التي لا تشيخ، حتى مرحلة الكهولة لا يعرفها، كأنه يعيش مرحلة الشباب طوال عمره. مازال صامدا على خشبة المسرح، رغم أن أقرانه في الألعاب الأخرى توقفوا عن أداء أدوار البطولة، واكتفوا فقط بتأدية الواجب لإنهاء الرواية منذ بداية الموسم لنهايته، دون إبداع أو تشويق أو حتى محاولة لاستماتة الجمهور. هو باختصار شموخ كرة اليد الذي عزف على مدار ثلاثين عاما، ولم ينحن رأسه لا لعزوف الجماهير، ولا لإهمال بلاط صاحبة الجلالة، ولا حتى لوهج الفضائيات، ولم تستسلم هذه اللعبة كما هو الحال لمثيلاتها برفع الراية البيضاء، والسير في شارع الروتين الممل الذي لا يخرج عن بطل واحد للمنافسات، وإن نافسه طرف آخر فلا يتعدى زائر بين الفينة والأخرى. اليوم نشهد واحدة من المواجهات المثيرة في هذه اللعبة، التي ترتسم فيها لعبة الكراسي الموسيقية في ركب المقدمة، فالنور الذي يستضيف الأهلي، سجل تراجعا مخيفا في الجولات الماضية، والقلعة تعطلت قبضتها أمام الخليج، ولقب الدوري يترنح بين الثلاثة، وهذا ما يميز منافسات اليدكرة اليد، هي اللعبة التي خالفت القواعد منذ نشأتها، وهي التي علا فيها اسم الأندية ذات الدخل المحدود في سماء البطولات والألقاب، حتى قيل عنها إنها «زاد الفقراء» لارتفاع راية الأندية التي كانت تتدرب على الأسفلت على الأندية الكبيرة التي تمتلك الصالات والإمكانات، بدأها الخليج أمام الأهلي والاتحاد والوحدة، ثم النور في وجه الأهلي والخليج، ثم مضر في وجه الأهلي والخليج والنور، والتاريخ في هذه اللعبة دائما ما يصف إلى جانب «الغلابة»، ولم يصمد من الأندية الثرية إلا الأهلي بعد أن غادر الاتحاد والهلال المشهد التنافسي لهذه اللعبة. حالة الصخب، وإن خفت إلا أنها مستمرة في منافسات «الكرة الصغيرة»، توهجت في جميع مناطق المملكة في الغربية الوحدة والاتحاد والأهلي منذ التأسيس والخليج والنور ومضر في الساحل الشرقي، وكان الأول هو من فتح الباب على مصراعيه لانتشار اللعبة في المنطقة التي أصبحت العمود الفقري لمنتخبات الأخضر، أما ثنائي القصيم النجمة والعربي فكانت لهما صولات وجولات أيام عبدالله الوهيبي «رحمه الله»، وفهد الوهيبي، وعبدالله العليان، وصالح الرميحي، وقد يكون للعربي الذي عاد للممتاز بداية جديدة لعودة يد القصيم للواجهة من جديد. هذه الحالة المتفردة للعبة قديما وحديثا، جعلت المنافسة على الألقاب تتنوع في منافسات اليد، تنام مرة على ضفاف البحر الأحمر، وتارة أخرى تغفو على الخليج العربي، وثالثة في جبال مكةالمكرمة، وهكذا دواليك. اليوم نشهد واحدة من المواجهات المثيرة في هذه اللعبة، التي ترتسم فيها لعبة الكراسي الموسيقية في ركب المقدمة، فالنور الذي يستضيف الأهلي، سجل تراجعا مخيفا في الجولات الماضية، والقلعة تعطلت قبضتها أمام الخليج، ولقب الدوري يترنح بين الثلاثة، وهذا ما يميز منافسات اليد. خارطة كرة اليد تتبدل فيها المدن، وتتغير الأسماء، لكن الحقيقة الثابتة هي أن الأهلي ثابت والباقي متحرك.