إن إنتاج الدول العربية من النفط لا يزال ومنذ الثمانينات لا يتناسب وحجم احتياطياتها النفطية، كما أن ذلك الإنتاج - عدا لفترات زمنية محدودة - لا يتناسب مع طاقاتها الإنتاجية. وأكد وزير النفط العراقي الأسبق عصام الجلبي في محاضرة له في مركز زايد للتنسيق والمتابعة في أبو ظبي تحت عنوان (النفط العربي في القرن الحادي والعشرين) إن احتياطات نفط دول بحر قزوين لا تمثل سوى جزء من احتياطات أي دولة مطلة على الخليج العربي، معتبرا مسألة الحديث عن إنتاج ونقل نفط بديل عن النفط العربي هو شيء بعيد عن الحقائق العلمية وأن نفط الخليج العربي سيبقى، وسيظل الخليج العربي كممر مائي هو الأخطر والأكثر استراتيجية. وجاء في محاضرة الجلبي إن النفط العربي - وعلى وجه الخصوص نفط دول الخليج العربي - يُعامل معاملة ( النفط المتمم ) مشيرا إلى أن إنتاج دول الخليج العربي قد انخفض من أعلى معدلاته قبل عقدين من الزمن حيث تجاوز نصف الإنتاج العالمي إلى حوالي الثلث بل وأقل خلال السنوات الأخيرة متوقعا أن يشهد إنتاج البلدان الخليجية ارتفاعا يصل إلى الضعف خلال العقدين القادمين. و أشار إلى أن الطاقة الإنتاجية الفائضة في ضوء معدلات الإنتاج الحالية تبلغ ما يقرب من 7 - 8 ملايين برميل يومياً وتمثل أعلى رقم منذ نحو 15 عامًا، لافتا إلى أن معظم الفائض في الطاقة الإنتاجية يقع في دول الخليج العربي. وتوقع أن ترتفع هذه الطاقة إلى حوالي 43 مليون برميل يومياً عام 2020 وأن تصل على المستوى العالمي إلى أكثر من 120 مليون برميل ستكون فيها حصة دول الأوبك في حدود النصف. وأكد أن الطاقة الإنتاجية الفائضة تبقى المتحكم الرئيسي في مواجهة أية اضطرابات في معدلات التجهيز والتي قد تطرأ لاعتبارات سياسية أو عسكرية أو غيرها وبهذا ستكون منطقة الخليج العربي مفتاحاً أساسياً له تأثيره الكبير. أما بالنسبة للغاز، فقد أشار الوزير العراقي الأسبق إلى أن موقعه الحالي لا يزال متدنياً بسبب تأخر العمل بتطوير منشآت الإنتاج، إلا أنه توقع أن يتحسن ذلك في ضوء برامج التطوير خلال السنوات الأخيرة منبّهًا في الوقت نفسه إلى أن ارتفاع كلف التطوير وصعوبة التمويل قد تؤخر ذلك. وفيما يتصل بالاحتياطيات النفطية، لفت معاليه إلى أن الاضافات الرئيسية للاحتياطيات العالمية قد حدثت في الثمانينات من القرن المنصرم من منطقة الخليج العربي بشكل خاص، بينما لم تر التسعينات أية إضافات كبيرة مضيفًا ان التوقعات المستقبلية تشير الى أن أية احتياطيات كبيرة في المستقبل ستتركز ضمن منطقة الخليج العربي ودول بحر قزوين . وبعد أن أوضح أن التطور التكنولوجي وانخفاض كلف الإنتاج سيساعد دولاً عديدة في زيادة احتياطياتها أو الإبقاء على معدلاتها الحالية لفترات أطول، وأشار الى أن العراق يحتوي على أكثر الاحتمالات لرفع احتياطياته النفطية في المستقبل بشرط توافر حلة من الاستقرار السياسي والاقتصادي. وعن قراءته المستقبلية بالنسبة لاستهلاك النفط، رأى وزير النفط العراقي الأسبق أن معدلات الاستهلاك ستستمر بالصعود في الدول النامية الكبيرة مثل الصين والهند وستحتل آسيا موقعاً متقدماً من حيث حجم الاستهلاك وستبقى منطقة الخليج العربي المورد الرئيسي للنفط لتلك المناطق . وأكد أنه من مصلحة الدول العربية المنتجة اعتماد سياسات متوازنة وهادفة تضمن الإبقاء على حصة في السوق تتناسب واحتياطياتها وطاقاتها وبشرط الحصول على عائدات وأسعار معقولة ومن ذلك ضمان استمرارية الإنتاج والتجهيز والتعامل مع الأسواق بصيغ هادئة بعيدة عن التهديد. وأعرب في الأخير عن اعتقاده أنه لو أُحسن استخدام الموارد النفطية يمكن أن تطور الوطن العربي وتستغل لتنويع اقتصادياته وتطوير برامجه التنموية وايجاد واقع سياسي واقتصادي جديد على الأرض العربية يخدم المصلحة القومية وطموحاتها.