تلعب صناعة الغاز دورا مهما بالنسبة للاقتصاد الوطني, وقد شجعت المملكة النمو السريع والمستمر لقطاع الغاز لتعظيم الفوائد الاقتصادية والاجتماعية. وسنلقى الضوء على الدور المتنامي لقطاع الغاز في النمو الاقتصادي للمملكة من خلال عرض لمعالم تاريخ صناعة الغاز بالمملكة, وأسس الرؤية المستقبلية لقطاع الغاز ونموه ومن ثم الإطار العام لتحقيق هذه الرؤية. وننوه الى انه في السنوات الأولى التي بدأت فيها صناعة الزيت في المملكة, كان الغاز المرافق يحرق بأكمله. ثم بدأت حكومة المملكة في عقد السبعينيات من القرن الماضي بجمع الغاز المرافق لانتاج الزيت ومنتجاته المرافقة ذات القيمة العالية بهدف حماية البيئة ووضع الأساس لقاعدة صناعية واضافة قيمة للغاز ومنتجاته المرافقة. وهناك ثلاثة معالم هامة في تاريخ صناعة الغاز الطبيعي بالمملكة وهي مرحلة تشغيل شبكة الغاز الرئيسية, واضافة الغاز غير المرافق, وتشغيل معمل غاز الحوية. وقد أدى انتاج الغاز ومنتجاته المرافقة الى نشأة مرافق وصناعات بتروكيميائية عالية الكفاءة التي شكلت الأساس للمدينتين الصناعيتين في كل من الجبيل وينبع. وتعتبر صناعة الغاز في المملكة صناعة قوية ورائدة مما يصنفها ضمن أعلى المنتجين والمستهلكين في هذا المجال عالميا. وتعد المملكة أكبر مصدر لسوائل الغاز الطبيعي في العالم كما انها تحتل مرتبة متقدمة كمنتج للصناعات البتروكيميائية الأساسية التي تعتمد على الغاز كلقيم, كما أصبحت صناعة الغاز بكامل مراحلها عنصرا من العناصر الأساسية التي تساهم في اقتصاد المملكة بنسبة 15 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي وتوفر أيضا 35 ألف فرصة عمل. ان صناعة الغاز المتنامية في المملكة تركز على برنامج طموح للتنقيب عن الغاز تديره شركة أرامكو السعودية بنجاح مشهود. فخلال أقل من عقد من الزمن اضافت الشركة أكثر من 44 تريليون قدم مكعبة من احتياطيات الغاز غير المرافق الى قاعدة الموارد في المملكة, مضاعفة بذلك الاحتياطيات الثابتة من الغاز غير المرافق لتصل الى نحو 88 تريليون قدم مكعبة. ويعتبر احتياطي الغاز في المملكة, الذي يقدر بنحو 224 تريليون قدم مكعبة, رابع أكبر احتياطي من الغاز في العالم. وقد اعدت المملكة في عام 2000م استراتيجية لتطوير صناعة الغاز في المملكة, وأكدت على دور الغاز كمحرك رئيسي للنمو الصناعي ولايجاد مزيد من الفرص الوظيفية. كما تضمنت الاستراتيجية رؤية مستقبلية تسعى الى العمل على تحقيق أعلى مردود اقتصادي واجتماعي للمملكة باستغلال مواردها من الغاز الطبيعي. وتشمل هذه الرؤية اجراء برامج تنقيب مكثفة وسريعة للمناطق التي لم يتم التنقيب فيها لزيادة الإمدادات وتلبية متطلبات الغاز لمدة الخمس والعشرين سنة المخطط لها. كما تركز الرؤية المستقبلية لقطاع الغاز على التوسع السريع والمكثف لامدادات الغاز لتحقيق مزيد من التطور الصناعي خاصة فيما يتعلق بالاستخدامات المتعددة للغاز في انتاج المواد البتروكيميائية, والصناعات الأخرى, ومحطات الكهرباء والتحلية. ويتضمن الإطار العام لتحقيق الرؤية المستقبلية, القيام بعملية تطوير واستغلال الغاز بطريقة فعالة من خلال استثمارات مستهدفة من جانب المملكة والمستثمرين المحليين والأجانب في هذا القطاع, وتبني قواعد تنظيمية ومالية مناسبة وفعالة. وسيسمح للقطاع الخاص بالمساهمة في جميع مراحل أعمال الغاز التي تشمل عمليات التنقيب والانتاج والمعالجة والتجزئة والنقل بالاضافة لاستخدامات الغاز المختلفة مثل مشاريع توليد الكهرباء وتحلية المياه والصناعات البتروكيميائية وغيرها. وسوف يتم امداد الغاز وانتاجه في المستقبل من قبل أرامكو السعودية او المشاريع المشتركة بين المستثمرين في القطاع الخاص وأرامكو السعودية. كما يتم بيع منتجات الغاز مستقبلا من قبل هذه الفئة من المستثمرين الى (المجمع) الذي يقوم بتشغيل شبكة الغاز الرئيسية (أرامكو السعودية) وذلك اذا لم يكن الغاز مطلوبا من قبل المستثمرين لاستخدامهم الخاص. كما سيكون بمقدور الشركات المنتجة تسويق الغاز ومنتجاته محليا من خلال شبكة غير متصلة بشبكة الغاز الرئيسية. وستقوم وزارة البترول والثروة المعدنية بالاشراف المباشر على صناعة الغاز وتنظيمها وسوف تشمل القواعد التنظيمية حقوق ومعايير استخدام الغير لخطوط الأنابيب والمرافق ذات الصلة, وتخصيص الغاز, وتسعير الغاز ومنتجاته, ومنح التراخيص للمستثمرين. أرامكو السعودية