تكثر البرامج التعليمية والتثقيفية والترفيهية التي تنفذها الجهات المختصة، والموجهة للاطفال والشباب والموظفين.. لكن المتقاعدين لايدخلون ضمن اهتمامات الجهات المختصة مع انهم طاقة انتاجية تزداد تفحما ويزداد اهمالها مع مرور السنين عندما تبدأ الاجيال الحالية والقادمة في الانضمام الى قوافل المتقاعدين الباحثين عن مهرب للخروج من دائرة الظل التي وجدوا انفسهم يعيشون فيها. ولمواجهة الاعداد المتزايدة من المتقاعدين، لابد من وضع البرامج التي تتيح الاستفادة منهم بشكل او بآخر من خلال عدة مناشط مثل العمل التطوعي والمشاركة في تنمية المجتمع، والاستفادة من خبراتهم المتنوعة حتى لا تكون هذه الفئة طاقة معطلة في المستقبل كما هو حالها في الحاضر. الموظف او العامل الذي تعود على الانتاج منذ السادسة من عمره تلميذا ثم طالبا ثم موظفا، وتعود على نمط معين من الحياة خلال اربعين او خمسين سنة.. وتحدد هذا النمط وفق ماتمليه طبيعة وظيفته.. هذا الموظف غالبا ما يأتيه التقاعد بالكثير من المفاجآت، خاصة اذا لم يخطط مسبقا لما بعد التقاعد، فتتراكم عليه الهموم، وتزداد الامراض وتتفاقم الامراض النفسية عليه، وقد تصل الى حدا الاصابة بالاكتئاب لدى بعضهم لانه لم يتعود على الفراغ الممل الذي يفرضه التقاعد. والنتيجة لذلك كله هي تعطل جزء من الطاقة الانتاجية في المجتمع وماينجم عن ذلك من سلبيات اجتماعية ونفسية واقتصادية، ربما تأثرت بها الاسرة بكاملها وليس المتقاعد بمفرده، وهو امر لايغيب عن بال احد بعد ازدياد عدد المتقاعدين الذي افنوا شبابهم في اعمالهم التي احبوها واخلصوا لها ثم تركوها وهم اشد رغبة في التمسك بها والاستمرار في ادائها وهو امر غير ممكن بحكم النظام. ولكن لماذا لاتهتم جهات الاختصاص بأمر المتقاعدين منذ وقت مبكر ابتداء من التوعية بضرورة التخطيط للاستفادة من التقاعد واستبدال العمل القديم بعمل جديد ومفيد ومرورا بتنمية الشعور بأهمية العمل التطوعي وانتهاء بتوفير فرص الاستفادة من خبرات المتقاعدين وهي خبرات واسعة ومتنوعة لايستهان بها. ان معظم المتقاعدين مازالوا يحتفظون بحماستهم للعمل فلم لايستفاد من خبارتهم بشكل او بآخر، ولو في فترات غير متصلة ضمن برامج تضعها جهات عملهم الاصلية او الجهات المماثلة لها او يعملون كخبراء او مستشارين للاستفادة من خبراتهم المتراكمة عبر سنوات الخدمة قبل التقاعد وبذلك يستمر القادرون من المتقاعدين في العطاء وخدمة المجتمع، واذا كان بعض الكفاءات تحظى بفرص معينة للعمل بعد التقاعد فهذه حالات نادرة، وما يهمنا هو جميع المتقاعدين وليس فئة معينة. كثيرون يرفضون على المستوى النفسي ما قد تقرر على المستوى العملي لذلك يصر بعضهم على التردد على مقر عمله هربا من شبح الوحدة والعزلة ورغبة في الانتاج والاستثمار الافضل لأوقات الفراغ لكن هذا الحل العقيم لايجدي فما الذي سيتغير اذا اصر الموظف على التردد على مقر عمله القديم؟ لاشيء والامر برمته يقتضي وعيا كاملا بهذه المعضلة ووضع الحلول الجذرية لها لانها تتفاقم مع مرور الايام وتزايد اعداد المتقاعدين ثم لماذا تبقى رواتب المتقاعدين ثابتة مع ان كل شيء يسير الى الغلاء بسرعة البرق؟