تصل رايس الى المنطقة في وقت متزامن مع مساع فلسطينية/ اسرائيلية لمناقشة ترتيبات الانسحاب من قطاع غزة وبيت لحم في ضوء استعداد فتح وحماس والجهاد لاعلان وقف متبادل لاطلاق النار مع اسرائيل، وتدور الشكوك رغم هذه الخطوات التفاؤلية حول التزام شارون بمبدأ الانسحاب الكامل ومبدأ وقف الاغتيالات والاعتداءات المتلاحقة على القرى والمدن الفلسطينية وممارسة الاعتقالات الجماعية، فالهدنة بين الطرفين كما تعلم اسرائيل يقينا هي الخطوة العملية نحو تحقيق تقدم مشهود على الأرض لتطبيق نصوص خطة خريطة الطريق، وبدونها فان مسلسل العنف سيبقى مستمرا وسيحول بطبيعة الحال دون البدء في تنفيذ تلك النصوص، ولعل موجة الشكوك التي أخذت تحوم حيال امكانية احترام اسرائيل للهدنة التي أعلنها الفلسطينيون تتضح بجلاء من خلال القرار الذي اتخذه شارون بتجاهل اي اتفاق لوقف اطلاق النار واصراره على مواجهة السلطة والفصائل الفلسطينية ومواصلة الاغتيالات ، واذا علم في اعقاب المزيد من تصريحات الرئيس الأمريكي أن بلاده جادة ومصرة في الوصول الى خطوات حاسمة لتطبيق خطة خريطة الطريق، وكذلك الاتحاد الأوروبي الذي مازالت دوله تعلن أملها الكبير في امكانية تطبيق بنود تلك الخطة، واذا علم أن السلطة والفصائل الفلسطينية جادة في تهيئة الأجواء والسبل من أجل التوصل الى تسوية منطقية وعقلانية للأزمة القائمة، فان ذلك يعني أن قرار شارون الأخير الذي تزامن مع موعد وصول رايس الى المنطقة من شأنه أن يصب الزيت على النار ويؤجج التوتر من جديد على ساحة النزاع القائم بين الطرفين، ويستدعي ذلك تحركا أمريكيا فاعلا لتحقيق طموحها المعلن بتطبيق نصوص خطة الخريطة والتزام جدولها الزمني المحدد الذي يقضي باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في موعدها، وهو طموح مازالت اسرائيل تعتبره (خطيرا وغير واقعي) وازاء ذلك فان من الصعب التكهن باحترام اسرائيل الهدنة التي أعلنها الفلسطينيون، وهي هدنة تقضي بوقف العمليات العسكرية لمدة شهور ثلاثة على أن توقف اسرائيل عمليات الاغتيال والدهم واعتداءاتها بكل أشكالها وتطلق المعتقلين الفلسطينيين، وتلك خطوة تعد في جوهرها أساسية لزرع سحابات من الثقة المفقودة بين الطرفين من جانب، ولتمهيد السبل من جانب آخر لوضع نصوص خطة خريطة الطريق موضع التنفيذ.