اذا أريد التوصل الى تسوية حقيقية بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي فلا يكفي ان (ينزعج) بوش من محاولة اغتيال الرنتيسي، ولا يكفي ان يطالب باول من شارون ان يضبط نفسه، فالاسلوبان معا لا يقدمان ولا يؤخران، وموجة العنف ستظل قائمة على ساحة الاراضي الفلسطينية، المحتلة مالم تقدم الادارة الامريكية على ممارسة ضغوط معينة على اسرائيل تحملها للرضوخ لمستلزمات السلام ومقتضياته والعمل على ترجمة خطة خريطة الطريق الى واقع مشهود على الارض، فالاغتيالات التي تمارسها اسرائيل لقيادات المقاومة الفلسطينية التي ما فتئت تصفهم بالارهابيين وهم يدافعون عن حقوقهم المسلوبة وفقا لمعطيات الشرعية الدولية انما تستهدف في اساسها الاجهاز على خطة خريطة الطريق بحكم ان نصوص الخطة طالبت اسرائيل بالانسحاب من الاراضي المحتلة وتفكيك المستوطنات والعمل على التمهيد لقيام الدولة الفسطينية المستقلة، ويبدو واضحا للعيان ان شارون باحتفاظه بسياسته القديمة الخاطئة المتمحورة في اهمية حصول اسرائيل على الارض والسلام معا يريد التخلص من نتائج النزاع الطويل الذي دام اكثر من نصف قرن من الزمان قبل الشروع الفعلي في التغلب على اسبابه الجوهرية التي أدت الى اطالة أمده وتعقيده، فالغارات التي تشنها اسرائيل على مدينة غزة فتقتل من تقتل وتجرح من تجرح لن تؤدي الى اسكان المقاومة الفلسطينية، والاتفاق لوقف النار بين الطرفين يقتضي احترام اسرائيل لمبادرة السلام الرباعية الاخيرة والعمل على انفاذ نصوصها والتوقف عن اشعال وتأجيج العنف على الساحة الفلسطينية، وقد أزف الوقت اذا كانت الولاياتالمتحدة جادة بالفعل للوصول الى تسوية حقيقية بين الطرفين للعمل على لجم جماح اسرائيل وردعها عن ممارسة اعتداءاتها المتلاحقة على المدن والقرى الفلسطينية، فالعنف لا يولد الا عنفا، رغم ان الفلسطينيين مازالوا يلوحون بورقة السلام بحكم انها تمثل في جوهرها الخيار الوحيد للتسوية، ومن مصلحة الطرفين معا الرجوع الى هذه الورقة، وعلى المجتمع الدولي من جانب آخر ان يمارس دورا اكثر فاعلية للوصول الى تسوية قبل ان تذهب خطة خريطة الطريق في مهب الريح.