ما اقدمت عليه اللجنة الرباعية الدولية في اجتماعها بعد ظهر امس الاول على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في البحر الميت بانشاء هيئة مراقبة وتنسيق لانفاذ خريطة الطريق.. وهو ما يتوافق تماما مع التوجه الامريكي بالاصرار على وضع الآليات المناسبة للبدء في تطبيق نصوص تلك الخطة.. ما اقدمت عليه اللجنة بانشاء تلك الهيئة هو خطوة على الطريق الصحيح، كما ان انتقادها للعمليات العسكرية الاسرائيلية التي ما زالت تتسبب في قتل المدنيين الفلسطينيين هو انتقاد صائب يستهدف في حقيقته التمهيد عمليا للبدء في انفاذ مشروع خطة خريطة الطريق بحكم ان وقف العنف هو السبيل الاقصر والامثل للشروع بشكل عملي ومثمر في الدخول الى عالم السلام وتحقيقه بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي على اسس سليمة وقواعد منطقية، وازاء ذلك فان اللجنة الرباعية مطالبة بالضغط على الدولة العبرية لتنفيذ واجباتها ومستلزماتها حيال انفاذ خطة خريطة الطريق لاسيما ان هذه الخطة السلمية تحظى بتأييد امريكي مطلق يجيىء في تأكيدات البيت الابيض بأهمية التزام طرفي النزاع بنصوص وبنود تلك الخطة التي سوف تؤدي في نهاية المطاف الى قيام دولتين مستقلتين ومعترف بهما دوليا في المنطقة، وتلك تأكيدات منسجمة تماما مع المبادرة الجماعية العربية التي تمخضت في اعقاب القمة الدورية الاخيرة في بيروت ولاشك ان عمليات الاغتيال والاعتداءات المتلاحقة التي تمارسها اسرائيل من شأنها ان تخرب الخريطة الرباعية المرسومة للتسوية بين الطرفين المتنازعين، وازاء ذلك فان القلق الذي تبديه الادارة الامريكية في اعقاب كل محاولة عدوانية اسرائيلية ليس كافيا بل يجب اضافة الى قيام هيئة المراقبة والتنسيق من قبل الدول التي وضعت وصاغت مشروع خطة خريطة الطريق من الحصول على ضمانات امريكية لحماية الخطة من التهديدات الاسرائيلية، فما يهم شارون في ضوء احتدام الخلاف السياسي بينه وبين الحكومة الفلسطينية المنتخبة هو القيام باغتيالات بين صفوف قيادات الفصائل الفلسطينية حتى يتمكن من الاجهاز على خطة خريطة الطريق قبل ان ترى النور لا سيما انها تنص صراحة دون تلميح على اهمية قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وهذا مالا يريده شارون الذي جاء الى سدة الرئاسة الاسرائيلية اساسا للاجهاز على اي فكرة او مبادرة او طرح لقيام دولة فلسطين، فعملية الاغتيالات التي يمارسها شارون ستؤدي الى توسيع دائرة العنف، وهو امر لابد ان تعيه اللجنة الرباعية والادارة الامريكية معا حتى يمكن الوصول بعقلانية الى سلام حقيقي بين الطرفين يقوم على مبدأ الالتزام بتعهدات ونصوص خطة خريطة الطريق لتسوية ازمة معقدة تعتبر من اطول الازمات السياسية التي لم يشهدها العالم في عصره الحديث.