أبدت مجموعة قطاعات تجارية وخدماتية محلية في الآونة الاخيرة استعدادا لاستقبال فترة ما بعد الامتحانات النهائية، او فترة بدء الاجازة السنوية الصيفية وهو يوحي بان هذه القطاعات قد وضعت خططا لاستقبال هذه الاجازة والاستفادة منها بأقصى ما يمكن لتعظيم العائدات والارباح.. مراقبون للحركة الاقتصادية المحلية قالوا ان هذه الفترة من السنة تتسم بالعديد من المعطيات، ذات النتائج المباشرة على الحركة الاقتصادية الداخلية بشكل عام، تظهر من خلال التوصيف الدقيق للصورة الحالية للحركة في هذه الفترة. فأولى سمات هذه الفترة انها بداية لدخول فصل الصيف، بكل مايعنيه هذا الفصل، من ارتفاع في درجة الحرارة، وزيادة نسبة الرطوبة، وهذا الامر له تداعيات كبيرة على الحركة الاقتصادية، فهناك قطاعات تنتظر هذا الفصل بفارغ الصبر، وهناك قطاعات تعلن توقفها ويتراجع نشاطها مع بدء الفصل، فتكون هذه الفترة بمثابة لحظة توقف لبعض الانشطة، ولحظة انتعاش لانشطة اخرى. السفر والسياحة اولى الانشطة وابرزها هو قطاع السفر والسياحة الى الخارج، فهذا القطاع ينتعش بصورة كبيرة اذ يعتبر الصيف موسمه الاول، وان كانت التوقعات تذهب بتراجع عائدات هذا القطاع، نتيجة لتراجع حركة السياحة للدول الاسيوية، التي حازت على نصيب الاسد من السياح السعوديين في العام الماضي، نظرا لوجود مرض الالتهاب الرئوي اللانمطي (سارس) وسيكون ذلك خدمة للسياحة في العالم العربي، والذي تقل تكاليفه عن السياحة لباقي دول العالم، للقرب الجغرافي. هذا مع بقاء تراجع كبير للسياحة نحو امريكا واوروبا، نتيجة تداعيات احداث الحادي عشر من سبتمبر، التي ادت الى عزوف الخليجيين والعرب عن الذهاب اليها. وافادت معلومات هذا القطاع ان ابرز الدول المرشحة لاجتذاب السياح السعوديين هي مصر ولبنان وسوريا وايران وتركيا، تليها الدول الاوروبية. اما السياحة الداخلية، فان التوقعات تشير بنموها وارتفاع وتيرتها هذا العام، كأحد نتاجات خطط دعمها وتطويرها بعد اشهاد الهيئة العامة للسياحة والتي انبثق عن توصياتها العديد من المهرجانات والتي سوف تنفذ في كافة مناطق المملكة في اوقات متقاربة خلال فصل الصيف ايضا، الا ان احدا لايجزم بمنافستها للسياحة الخارجية، مهما كانت الظروف، لوجود عوامل طبيعية ضاغطة تفرض على العائلة السعودية السفر الى الخارج، خاصة وان برامج عدة تنفذها العديد من الدول المجاورة، هدفها جذب السائح السعودي، بالدرجة الاساسية. وعلى هذا الصعيد، فان حركة السياحة الداخلية سوف تنتعش خلال الاسابيع القادمة بنسبة تتراوح بين 10 20 في المائة.. حسب توقعات متعاملين مع هذا القطاع، عطفا على جملة البرامج التي اعلن عنها من قبل القائمين على المهرجانات والفعاليات المصاحبة لها والتي تبدو مشجعة اكثر هذا العام. ويفيد متعاملون مع قطاع السياحة والسفر ان هناك انشطة متعلقة بهذا القطاع تشهد نموا كبيرا في مثل هذا الوقت ابرزها، قطاع الفنادق والشقق المفروشة، اذ تستقبل المنطقة الشرقية العديد من الزوار من دول مجلس التعاون الخليجي، بهدف زيارة المنطقة او الانتقال منها الى دول خليجية اخرى، بالتالي فان قطاع النقل (للركاب) يتحرك في هذا المجال. وينتعش ايضا خلال هذه الفترة قطاع الشحن البري والبحري على حد سواء، وذلك لان عددا من الوافدين يعمد لجدب بعض الممتلكات والادوات المنزلية الكبيرة كالسيارات والثلاجات وما شابه ذلك من المملكة الى بلادهم في مثل هذا الوقت من السنة. وتبعا لحركة السفر والسياحة فان مكاتب السفر تتحرك في مثل هذا الوقت بصورة ملحوظة، وتنشط حركة المؤسسات الاجنبية التي تقدم برامج سياحية عبر ممثلها من المكاتب في السوق المحلية. وتتحرك بموجب هذا الامر ايضا حركة صرف البطاقات والشيكات السياحية التي تقدمها البنوك او بعض المؤسسات المتخصصة في هذا المجال. وتزدهر في مثل هذا الوقت ايضا حركة التحويلات المالية المصرفية، كما تنشط عملية تحويل الريال الى عملات عربية وأجنبية اخرى. الهدايا والملابس وتنتعش في الايام الاولى من فصل الصيف حركة شراء الهدايا والملابس والاحذية، نظرا لرغبة العديد من المسافرين (المواطنين والوافدين) لذلك، للاهداء او للاستخدام في الدول المقصودة بالسفر. وبالعودة الى القطاع السياحي الداخلي فان من الامور التي تنشطها وتزيد فعاليتها المجمعات التجارية, مدن الالعاب التي تقدم مجموعة فعاليات تكتسب بها الجمهور كالتخفيضات والمسابقات والسحوبات والالعاب الشعبية.... الخ. موسم الاعراس والحديث عن فصل الصيف فان هذه الفترة تعني الدخول في موسم سنوي متعارف عليه بين المواطنين، وهو موسم الاعراس، حيث يلقي هذا الموسم بظلاله على مجموعة قطاعات ذات صلة حيث تنتعش احتفالات الزواج ابرزها قطاع الذهب والمجوهرات، ففي هذا القطاع ترتفع المبيعات بنسبة تزيد على 70 في المائة، وبصورة لاتحدث حتى في الاعياد، ولكن الزبائن هم فئة محدودة، وينشط في المقابل قطاع الشراء (البيع العكسي) لتعمد البعض من المواطنين لبيع بعض مالديهم من حلي واساور وجواهر لتوفير السيولة، لتحقيق متطلبات السفر، بالتالي فان فصل الصيف يعد حركة جيدة لسوق الذهب تشمل البيع والشراء، كذلك الحال تنشط حركة شراء السبائك الذهبية الخالصة (غير المصاغة) وذلك من قبل فئات من العمالة الوافدة، الذين يفضلون شراءها من السوق المحلية، املا في الحصول على اسعار افضل في بلادهم، وهذا ينطبق على العمالة الهندية بالتحديد وهي بالمناسبة اكثر عمالة وافدة في السوق السعودية وبالتحديد في المنطقة الشرقية. صالات الافراح: وفي هذا الوقت تجد صالات الافراح المستقلة، او الموجودة في الفنادق فرصتها، حيث تقدم خدماتها الى العوائل وتجني بذلك المزيد من الارباح، التطور الحاصل على هذا الصعيد في المنطقة الشرقية بوجه الخصوص، هو دخول منافس جديد لصالات الافراح، بات يكتسب شريحة من العوائل، وهي الاستراحات التي يتم اقامتها في المزارع، حيث تعمد بعض العوائل اقامة حفلات زفاف ابنائها او بناتها في بعض الاستراحات الزراعية، بدلا من الصالات المعروفة لعوامل متعددة، يأتي في مقدمتها انخفاض التكلفة. وربما كان هذا عاملا مشجعا لاصحاب الاستراحات الزراعية الى تجهيز صالونات معينة داخل الاستراحة كي يتم تأجيرها لحفلات الزواج، ورغم الملاحظات الفنية المتعلقة بمسألة السلامة في الاستراحات فانها اجتذبت شرائح واسعة من المواطنين، ولم يقتصر نشاطها على مسألة التأجير اليومي في الاوقات العادية، بل ان فرصة موسم الاعراس تدفعها لرفع سعر ايجارها والتي تصل لدى بعض الاستراحات اكثر من عشرة الاف ريال.. المنافس الاخر لصالات الافراح هي الخيام المعدة لاقامة حفلات الزواج، والتي تراجع الاقبال عليها في المنطقة الشرقية، بعد كارثة حريق القديح قبل سنوات، الا انها كقطاع تنتعش خلال هذه الفترة، ويبقى لاعبا رئيسا ينتعش خلال فصل الصيف، لكن بنسبة اقل مما كان عليه قبل خمس او ست سنوات. قطاع المواد الغذائية: ويساهم موسم الاعراس في انعاش الحركة في العديد من الانشطة ذات الصلة بقطاع المواد الغذائية والمشروبات، ابرزها الخضراوات والفواكه، اللحوم والدواجن والاسماك، المكسرات والحلويات والمعجنات، والمشروبات الغازية والعصائر، الارز والدقيق، والمياه الصحية المعبأة. وتبعا لذلك فان كافة الاسواق المتعلقة بهذه الانشطة تشهد حركة غير عادية في فترات من فصل الصيف، تخفف من وطأة التراجع الناجم عن حركة السفر السنوية، وانسجاما مع هذا الامر ايضا يزداد الاقبال على خدمات المطابخ والمطاعم والمسالخ. العطور والملابس: تدب الحركة في هذا القطاع بصورة حادة، ربما قبل فصل الصيف بعدة اسابيع استعدادا لفصل الصيف عدا ان الاقبال في هذا الوقت لايكون على الاصناف الرخيصة المتواضعة، وانما يزداد على الغالية الفاخرة، مثل ملابس الزفاف وفساتين الحفلات، وما يستلزم هذا الامر من عطور واكسسوارات واحذية وما شابه ذلك، في المقابل تشهد الاصناف الاخرى تراجعا كبيرا، وركودا موسميا حادا. النقل الداخلي: رغم ان معظم المواطنين ينقلون عوائلهم بسياراتهم الخاصة، من والى مواقع الافراح، الا ان قطاع النقل، والاستفادة من خدمات النقل الخاص (الليموزين) والحافلات الصغيرة يرتفع في مثل هذا الوقت، خصوصا في ليالي الافراح. يذكر ان فترات معينة من فصل الصيف خصوصا في بداياته، وفي نهاياته، يعتبر موسم حصاد لمعظم القطاعات المذكورة، الا ان الانتعاش يبقى متقطعا، ففي بعض اسابيع فصل الصيف تشهد الحركة تراجعا ملحوظا. التراجع الحاد وفي فصل الصيف، بمعناه شديد الحرارة والرطوبة، والاجازة السنوية، فان هناك قطاعات عدة تتراجع بصورة تامة، تنتظر بعض الهزات الخفيفة خلال الفصل. اولى هذه القطاعات التي تتراجع في الصيف، تلك التي ترتبط بالشأن الدراسي والتعليمي، فلا نشاط في المكتبات ولا القرطاسيات، فنشاطها مؤجل الى ما بعد اشهر الصيف. وتتراجع كذلك اسواق قطع غيار السيارات فالبيع فيها محدود جدا، لان عددا هائلا من السيارات متوقف، لسفر اصحابها، بل ان البعض يعد لبيع سياراته قبل فصل الصيف، ليشتري اخرى مع نهايته، كل ذلك رغم ان ورش الصيانة تشهد حركة اضافية في الصيف، لان احتمالات العطل في السيارات في الصيف اكثر منها في الشتاء، فضلا عن ان الحفل الصيفي اذا صح التعبير، اشد وطأة وضررا واكثر كلفة من الخلل الشتوى، خاصة وانه يتعلق باجزاء في السيارات هامة وخطيرة، سببها الحرارة والتي تستدعي بعضها اجراء عملية صيانة شاملة (توضيب) للماكينة او ناقل الحركة (القير) فضلا عن بعض الاعطال مكلفة ماديا مثل تبديل المبرد او المكيف او الاهواز والمواسير. وتساهم تقلبات الطقس واشتداد درجة الحرارة في احداث ركود في الاماكن المفتوحة، كالاسواق الشعبية، ومدن الالعاب المفتوحة، ليكون البديل هو المجمعات التجارية المغلقة، التي تتراجع الحركة فيها بنسبة كبيرة، لقلة اعداد المواطنين، والوافدين بسبب السفر، خلال فترات فصل الصيف. وتتراجع ايضا الاسواق الاستهلاكية، كأسواق الاثاث واسواق المواد الكهربائية ومواد البناء، وبعض انواع الاغذية والملابس (الشتوية بوجه التحديد)، واسواق الاحذية. الاسعار والتخفيضات خلال فصل الصيف، وعلى ضوء معطيات الاسواق المحلية يلحظ ان تراجعا حادا في اسعار بعض الخدمات والسلع لايحدث الا نادرا، وفي قطاعات محددة تتأثر كثيرا بالعرض والطلب، وابرزها اسواق الاسماك والخضراوات والفواكه، وهذه صفة عائدة لطبيعة هذه الاسواق التي تشهد في اجواء الحرارة العالية انخفاضا حادا في الاسعار، لقلة الزبائن اولا، وخشية التجار من تلف بضائعهم، اما السلع المعمرة مثل قطع الغيار او المعلبات، والاحذية فلا تتأثر اسعارها خلال فصل الصيف، بفعل الحرارة والرطوبة، وانما بفعل المنافسة، او بفعل لجوء التجار الى التخفيضات الموسمية، او تقديم الاسعار الخاصة خلال فصل الصيف، انسجاما مع مهرجان سياحي او رغبة تسويقية او نتيجة لعملية جرد. هذا هو الصيف، تتبدل كل الطبائع، والطرائق، فتزيد المصاريف في بعض الجوانب، كمصاريف الماء والكهرباء، كما يزيد الاقبال على بعض السلع والخدمات كالتذاكر وخدمات السفر ويتراجع في بعض قطاعات اخرى كالملابس والادوات القرطاسية وما شابه ذلك.. مراكز الترفيه والسياحة المستفيد الأكبر من برامج الصيف تزايد عدد مرتادي محلات الملابس والعطور