تواجه العديد من الأسواق والمتاجر الشعبية التقليدية المنتشرة في العاصمة القطريةالدوحة صراعا مريرا من اجل البقاء مقابل تطورات ومستجدات يشهدها السوق القطري بوتيرة متسارعة وغير مسبوقة. وبالرغم من ظهور الكثير من المجمعات والمراكز التجارية الحديثة التي أخذت تستقطب أعدادا كبيرة من المستهلكين في قطر الا أن تلك المتاجر الشعبية مازالت تكابد للصمود واثبات وجودها والحفاظ على خصوصيتها من خلال الاستمرار في تقديم سلع وبضائع تقليدية تجذب الزبائن وترضي أذواق الكثير منهم. ويعتقد أصحاب بعض المتاجر والأسواق الشعبية أن هذا المنظر اللافت الذي أصبح يميز كورنيش الدوحة بأبراجه الشاهقة وبناياته التي تزخر بفن العمارة الممزوج بين روح العصر الحديث والتراث العربي الاسلامي يعتقد هؤلاء أن هدا المنظر بروعة جماله وقدرته على الجذب لن يتمكن من الغاء وجود متاجر شعبية ارتبطت بعراقتها وقدمها الممتدة عبر عقود خلت بأذهان الكثير من المواطنين والمقيمين في قطر. ومن أبرز الأسواق والمتاجر الشعبية التي مازالت قائمة في قطر هناك السوق الايراني وسوق عمان وأسواق فالح وواقف وآل أحمد بالاضافة الى سوق الخميس والجمعة الذي يحظى برواج واقبال كبير بين المتسوقين والمستهلكين في السوق المحلي القطري. قال رجل الأعمال المعروف في قطر وعضو مجلس الشورى القطري عبد الرحمن المفتاح أن المدن العريقة مهما شهدت من تطور وتحديث فانها تبقي على الأسواق الشعبية والمعالم الأساسية التي تميزها عن غيرها ولا شك أن هناك العديد من هذه المعالم التي مازالت تتميز بها الدوحة. وأوضح المفتاح أن هناك ضرورة للابقاء على هذه المتاجر والأسواق على ما هي عليه مهما شيد من أبراج ومراكز تجارية حديثة تحتوي على أشهر الماركات العالمية ولابد من الحفاظ على الطابع الخاص الذي يميز هذه الأسواق التي ترتبط بذكريات الكثير من الناس عبر سنين طويلة. ولا يوجد هناك رقم محدد لعدد المتاجر الشعبية المنتشرة في قطر لكن هذه المتاجر بشكل عام تشهد انتعاشا وانتشارا كبيرا يساعدها في ذلك طبيعتها المرنة واستجابة الكثير منها للتغيير والتطوير والتوافق مع متطلبات الزبائن. وبالاضافة الى ذلك فان هذه المتاجر والأسواق تقوم بدور كبير في دعم وتنشيط حركة التجارة والتسوق في قطر خصوصا في ظل عدم تمتع العاصمة الدوحة بكثافة سكانية كبيرة. وقال المستشار الاقتصادي لوزير الاقتصاد والتجارة القطري ومدير ادارة الشؤون الاقتصادية في وزارة الاقتصاد والتجارة سابقا علي الخلف ان المتاجر الشعبية العديدة المنتشرة في الدوحة تساهم بدور نشط في تعزيز حركة التجارة المحلية لافتا الى أن أحدا لا يستطيع انكار الدور الهام الذي تقوم به هذه المتاجر على صعيد دعم نشاط السوق المحلي. وتابع الخلف قائلا: المتاجر والأسواق الشعبية التي تحظى بها الدوحة تضفي رونقا خاصا وطابعا مميزا للعاصمة ما يحتم ضرورة الحفاظ على هذه المتاجر وحمايتها من أي تطورات قد تطول عراقتها وجذورها الضاربة في أعماق السنين. وفي دراسة حديثة أجرتها منظمة الخليج للاستشارات الصناعية حول المتاجر الشعبية جاء أن انتشار هذه المتاجر في أي سوق من شأنه أن يساعد في كثير من مداخل التنمية الاقتصادية والصناعية والاجتماعية وأبرزها أن هذه المتاجر تعتبر بفخامتها ورونقها الخاص اضافة جمالية في الأحياء السكنية كما أنها تساعد في تغيير السلوك الشرائي لدى المستهلك من حيث توفير الاحتياجات غير العادية بصورة مستمرة اضافة الى أن هذه المتاجر الشعبية تشكل عنصر جذب سياحي لأي مدينة تتواجد فيها. وقال صاحب أحد المتاجر الشعبية بينما كان منهمكا في اعادة ترتيب بعض أركان متجره أن انتشار ظاهرة المتاجر والأسواق الشعبية في الدوحة في تزايد مستمر رغم نجاح العديد من المراكز والمجمعات التجارية في تغيير اتجاهات وأنماط المستهلكين وجذبهم اليها نظرا لأن هذه المتاجر توفر سلعا ومنتجات وبضائع لا تستطيع تلك المراكز التعامل بها وخاصة تلك التي لها طابع تراثي وشعبي تناسب بعض أمزجة الزبائن الذين لا يهوون التحديث السريع ومواكبة روح العصر الذي بات يعتمد كليا على تقليد الدول الأجنبية في كل سلوكياتها. واضاف صاحب المتجر الذي شاء عدم الافصاح عن اسمه موضحا أن أسباب استمرار نجاح المتاجر الشعبية المنتشرة في الدوحة بالرغم من التطور الهائل الذي يشهده السوق القطري تتمثل في أن هذه المتاجر رغم تقليديتها الا أنها تحاول قدر الامكان تطوير وجودها ومظهرها دون أن يمس ذلك عراقة مضمونها اضافة الى أنها تلبي أمزجة أعداد متزايدة من المتسوقين والمستهلكين الذين يتمتعون بطباع خاصة في اقتناء الكثير من الحاجيات التي يسعون الى شرائها.