بالأمس اجتمعت في الأردن اللجنة الرباعية لتقويم مدى التقدم الحاصل في تطبيق خطة خريطة الطريق في وقت متزامن مع طرح أمريكي يقضي بانسحاب اسرائيلي كامل من قطاع غزة ومدينة بيت لحم ونقل المسؤولية الأمنية في القطاع والمدينة للحكومة الفلسطينية، والاجتماع مع الطرح الجديد يمثلان مدخلا عقلانيا نحو تسوية للأزمة القائمة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، غير انهما لا ينسجمان مع تهديدات شارون الأخيرة بمواصلة مقاتلة الفصائل الفلسطينية، فيتوجب في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها الأزمة بين الطرفين الجنوح لضبط النفس وتحكيم العقل في كل قول وعمل وإلا فإن النتائج ستكون وخيمة، فمن شأن تلك التهديدات أن تعقد الأمور وتدفع الى تأزيمها، غير أنها ليست المسلك الوحيد الذي سيؤدي إلى اشعال فتائل التوتر بين الجانبين كلما هدأت. فثمة قرار جديد صدر مؤخرا عن حكومة شارون يقضي بإحياء مشروع استيطاني ضخم أقر عام 1999، وهو مخطط سيلتهم نحو أربعة عشر ألف دونم من الأراضي الفلسطينية، ومن شأن هذا المشروع الاستيطاني ان نفذ أن يتحول الى خطوة خطيرة ستنسف كل الأسس والقواعد والأركان التي قامت عليها خطة خريطة الطريق، وسوف تؤدي الى عواقب وخيمة من أهم علاماتها استمرارية التوتر والتقاتل بين الجانبين، فالمشروع القديم الذي ينوي شارون احياء فكرته يعني فيما يعنيه الحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة المرتقبة التي جاءت كأهم نص من نصوص المبادرة الرباعية السلمية الأخيرة، ولعل شارون أراد بإطلاق هذه الزوبعة الجديدة تعطيل مسار المحادثات النشطة التي تجريها الولاياتالمتحدة في المنطقة لانفاذ نصوص خطة خريطة الطريق بعد شعوره ببعض الملامح الايجابية نحو تطبيق تلك الخطة، لاسيما ان التحركات الدبلوماسية الأخيرة توحي بالجدية نحو مواصلة الجهود لمتابعة آليات تنفيذ الخطة السلمية، والمهم في المرحلة الحرجة الحالية التي تمر بها الأزمة الفلسطينية الاسرائيلية الانتباه الى ما يدبره شارون في السر والعلن لعرقلة أي حركة من شأنها الوصول الى تسوية، بما فيها خطوة الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وازاء ذلك فإن الضرورة تقتضي تدخل قوات دولية للفصل بين الجانبين، فمن شأن هذه الخطوة التسريع في تنفيذ نصوص الخطة السلمية وضمان تحقيقها على أرض الواقع، فقوات حفظ السلام الدولية التي مازالت اسرائيل ترفض تواجدها في المنطقة سوف تؤدي دون أدنى شك الى زرع مساحات من التفاؤل بحفظ الاستقرار والأمن ليس في منطقة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي فحسب بل على مرتفعات الجولان وجنوب لبنان أيضا.