العتيبي من منبر برلمان العرب: الموقف السعودي راسخ وثابت .. والحق الفلسطيني لا يسقط بالتقادم    الربيعة يلتقي المدير التنفيذي لمنظمة اليونيسيف    الأخضر الشاب براعة جماعية وتألق فردي    آل الشيخ: القيادة تحرص على نفع المسلمين وتشاركهم فرحتهم في رمضان    «التجارة» تعلن نتائج انتخابات غرفة الأحساء    ميلوني تطالب ب"ضمانات أمنية" لأوكرانيا في إطار اتفاق سلام    ب95 صوتاً.. الحكومة اللبنانية تنال ثقة البرلمان    محطة قصر الحكم تفتح أبوابها    الاتحاد يغرق في الخليج    الخريجي يلتقي وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة قطر    إدارة الجبلين تستنكر تصرف حارس فريقها    اتحاد القدم يرفض ويستنكر اعتداء حارس الجبلين على الحكم    انطلاق التصفيات النهائية لبطولة المملكة للسهام بجازان وسط تنافس حاد    وزير الحرس الوطني يتفقد وحدات القطاع الشرقي ويدشّن مشاريع تطويرية    أمين منطقة الرياض يفتتح «واحة التحلية» ضمن سلسة «واحات الرياض»    مفتي عام المملكة يلتقي وفد الإفتاء وجمعية البر الخيرية بجازان    ارتفاع عدد ضحايا تحطم الطائرة العسكرية السودانية    المرحلة الثانية هي الاختبار الحقيقي لهدنة غزة    ضبط (15) إثيوبيا في جازان لتهريبهم (440) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    أمير تبوك يواسي أسرة الشريف في وفاة الدكتور عبدالله    «الأرصاد» : شهر رمضان يتزامن مع بداية فصل الربيع أرصاديًا    أمير تبوك يواسي أسرة الشريف في وفاة الدكتور عبدالله الشريف    «الصناعة»: المملكة تطور إطاراً تنظيمياً وتمويلياً لدعم الإنتاج المحلي للمنافسة عالمياً    أمير المدينة المنورة يرأس اجتماع المجلس المحلي بمحافظة بدر    أمانة الطائف تقوم بتشغيل ممشى السد الجديد على مساحة 10.500م2    لافروف: تهجير سكان غزة «قنبلة موقوتة»    الشرايطي ينفرد بالمركز الأول والسعودي معنّ عبدالله صيف"نجوم الغد"    وزير نفط سورية: رفع أوروبا العقوبات عن «الطاقة» يعزز اقتصادنا    تجمع الرياض الصحي الأول يُطلق برنامج "تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها"    أمير الرياض يستقبل سفير جمهورية مصر العربية المعين حديثًا لدى المملكة    حكمي يحتفل بزواجه    محافظ جدة يُكرّم الطلبة المبدعين في «تايسف 2025» وَ «أنوفا 2024»    البرد القارس يجمد الأشجار في حدائق عرعر    أمير تبوك يترأس اجتماع الإدارات الحكومية والخدمية لمتابعة استعدادات شهر رمضان    المحكمة العليا تدعو إلى تحري رؤية هلال رمضان يوم الجمعة 29 شعبان    تجمّع مكة الصحي يكمل تجهيز 8 مستشفيات و 43 مركزًا صحيًا    إقامة أسبوع التوعية بمرض الحزام الناري بالمملكة    ضبط 6 وافدين لممارستهم أفعالا تنافي الآداب العامة في أحد مراكز المساج بجدة    بموافقة خادم الحرمين.. توزيع 1.2 مليون نسخة من المصاحف وترجمات القرآن في 45 دولة    مدير الأمن العام يرأس اجتماع قادة قوات أمن العمرة    بحث أهمية الأمن السيبراني في الإعلام الرقمي ودور الذكاء الاصطناعي بهيئة الصحفيين بمكة    5 عادات شائعة يحذر أطباء الطوارئ منها    وزير المالية يرأس وفد المملكة المشارك في الاجتماع الأول لوزراء المالية لمجموعة العشرين تحت رئاسة جنوب أفريقيا    تأسيس أعظم وطن    اليمن.. مطالبة بالتحقيق في وفاة مختطفين لدى الحوثيين    السعودية تتصدر مؤشر الأعلى ثقة عالمياً    لاعبون قدامي وإعلاميون ل"البلاد": تراجع الهلال" طبيعي".. وعلى" خيسوس" تدارك الموقف    شهر رمضان: اللهم إني صائم    أكد ترسيخ الحوار لحل جميع الأزمات الدولية.. مجلس الوزراء: السعودية ملتزمة ببذل المساعي لتعزيز السلام بالعالم    القيادة تهنئ أمير الكويت بذكرى اليوم الوطني لبلاده    وزير الدفاع ووزير الخارجية الأميركي يبحثان العلاقات الثنائية    مملكة السلام.. العمق التاريخي    خفاش ينشر مرضاً غامضاً بالكونغو    النحت الحي    الأمن المجتمعي والظواهر السلبية !    مدير الأمن العام يتفقّد جاهزية الخطط الأمنية والمرورية لموسم العمرة    فعاليات الشرقية.. حِرف وفنون أدائية    تقنية صامطة تحتفي بذكرى يوم التأسيس تحت شعار "يوم بدينا"    









في الفوارس المكان الروائي بطل من أبطال الرواية
الشيخ يرصد لواقع العلاقات الاجتماعية:
نشر في اليوم يوم 23 - 06 - 2003

في بداية رواية " الفوارس" يؤكد حسن الشيخ أن روايته من نسج الخيال الروائي، وليس لها صلة بالواقع. وأنه اختار الأحساء والدمام ولندن وأحياءهم مسرحاً لأحداث الرواية. ويذهب الكاتب للتأكيد أن أي تشابه في مسيمات أبطال الرواية أو أحداثها فأنه من باب الصدفة. ورغم أن هذا الاستهلال لا داعي له إلا أن العديد من أدبائنا العرب دأبوا على هذا النوع من الاستهلال الروائي. ومن خلال قراءتنا لأحداث رواية (الفوارس) والدخول إلى تفاصيلها وأحداثها والتي لا تعمد بالدرجة الأساسية إلى السرد التفصيلي لأحداث حكاية شخصية، بقدر ما هي سرد لتفاصيل مجتمعي خلال مقطع تاريخي من عمر الزمن. ورصد لسمات جيل كامل من خلال مجموعة من السر بكل طموحاتها ونزاعاتها وهمومها، يرصد الروائي لتفاصيل الصغيرة في نفوس شخصياته الروائية، بصورة يجعلك تتفاعل معها وتتواطئ مع انكساراتها وخيباتها المتكررة. ويحاول حسن الشيخ أن يجعل أبطال شخوصه يعبرون عن رؤاه وأفكاره وفلسفته الحياتية بمهارة روائية. وبخطاب سردي بعيد عن الخطابية المباشرة.
السرد الروائي
ويستمر الروائي في سرد تفاصيل المجتمع الأحسائي القديم، وإبراز سماته وتناقضاته وعاداته من خلال شخوصه المتعددة. حيث استطاع حشد العديد من الشخصيات الروائية المتنافرة، والتي في ذاتها ترمز لأجيال مختلفة، ولرؤى حياتية مختلفة أيضاً. فعماد العامري بطل الرواية في رفضه الاجتماعي يقابله أخوة بتحفظه الشديد على تلك القيم. كما أن عماد العامري يرى نفسه في صديقه الآخر زكي تلك الشخصية الأحسائية الغريبة المثيرة للجدل. يمزج كل ذلك بقليل من الخرافة والسحر، في نقد لاذع لعادات سلوكية فردية عاشت في تلك الفترة ورغم ذلك فإن البطل عماد العامري يجمع مختلف التناقضات التي تعيش في ثنايا الفرد الإنساني. ولذلك فإن الشيخ يرصد لقضية إنسانية بالدرجة الأولى. ومن خلال السرد لواقع الأسرة الأحسائية يمكن معرفة عادات وتقاليد تلك الأسر في تلك الفترة وما تعانيه الزوجات من سيطرة الحموات وأبنائهن على مصيرهن. وبالطبع هناك تحول كبير في قيم الأسرة الأحسائية استطاع الكاتب رصده بشكل واضح. ورغم ذلك فإن حالات التمرد موجودة ومنذ ذلك اليوم في تلك الأسر. رغم أن بطل الرواية يهرب إلى لندن في رمز للانسلاخ عن المجتمع الأحسائي. إلا أن البطل يظل سجيناً للأحساء ولمائها وترابها وهوائها. وفيه إشارة إلى عدم إمكانية الانسلاخ الفكري الذي يحدث عند البعض. وتبقى الرواية بكل تفصيلاتها المتلاحقة والمتسارعة تحاول أن تشد القارئ إلى الصفحات الأخيرة منها. الأمر الذي جعل من شخوص روايته مسرحاً لكل التجارب الإنسانية.
الراوي
ولا يمكن لنا تصنيف الفوارس طبقاً للروائي السارد الذي أخذ ضمير المتكلم تقنياً في إطار الحكاية العربية القديمة، أي حكايات المغامرات التي يتصف الراوي فيها بمزايا الحكواتي بالبطل. بل أنها يمكن أن تصنف في إطار السرد الروائي الحديث، بناء على التقنيات الفنية التي وظفها الروائي في الفوارس. إذ زواج بين أزمان متعددة في نصه السردي. وهذا الأمر يتطلب مهارة عالية من الروائي. إلى جانب التماسك البنائي في شكل الرواية ومضمونها. وفي إطار ممتع ومشوق. كما أن الراوي الذي يكتب بالفصحى يطلق العنان لشخصيات الرواية أن يتحدثوا بما شاءوا من لهجاتهم المحلية المتعددة. يقدم كل ذلك بذكاء شديد. ولا يتردد الراوي أن يقتبس من كتب التاريخ والأدب العديد من الاقتباسات ويوظفها في النص بحيث تأتي طبيعية وفي سياقها السردي دون تكلف. ونستطيع أن نقول أن حسن الشيخ قد استطاع أن يأخذ من واقع حياة الأحساء البسيطة مادته الروائية ويصنع منها رواية في خط تصاعدي، متقطع، ومتواز زمنياً على مستوى فصول الرواية وأحداثها. بحيث ينطلق الراوي إلى تشكيل البنية النصية للراوية.. يتطور ويتفاعل بفعل التطور النفسي للراوي طبقاً للعوامل الذاتية البحتة.
الحوار
حفلت الفوارس بالعديد من الحوارات الفردية والجماعية وأن غلب عليها الأول تلك الحوارات كسرت رتابة السرد الروائي. وبعثت الدفء في قدمي الرواية. ونعود للحديث عن اللهجة المحلية التي استخدمها حسن الشيخ وحاكي فيها العديد من الروائيين العرب، الذين كسروا هاجس الخوف من العامية. إلا أن هذا الأمر قد لا يروق للكثيرين من النقاد .
وبالإضافة للخوار استخدم الشيخ المنلوج الداخلي في مواقع عديدة من روايته. وقد وظف الحوار الداخلي بالدرجة الأولى للدخول إلى شخصية أبطال الرواية .
الإيقاع المكاني
الإيقاع المكاني للرواية ابتدأ من القرية (الاحساء) ومن ثم انتقل للمدينة الدمام وحقق قفزة كبيرة بانتقاله إلى لندن ومن ثم رجع للمكان الذي بدأ منه أي الاحساء. وخلال الأمكنة التي تجول فيها بطل الرواية لم يحمل شخوصه معه. بل كان قادراً على ابتداع شخوص جديدة ربطها ببطل الرواية كما أن الشيخ جعل من القارئ يلهث معه في تجوله في هذه الأمكنة. فتجول في أزقة الاحساء القديمة وقراها. ومشى في أحياء الدمام وفي شوارع لندن وقراها المتناثرة حولها . لذلك لم يكن المكان للروائي شبه قار وساكن رغم حنينه الذي لامس المكان. هذا الحنين للاحساء صير من المكان بطلا أو شخصاً قد ألتصق بالقارئ. وقد شاركه القارئ في حبه للاحساء . فالمكان الروائي الذي أبتدأ بالاحساء انتهى إليها ولكن في زمن آخر غير الزمان الذي ابتدأ منه. ولعل الشيخ بأخذ مكان السبق في المجال الروائي بين أقرانه ، فقد استطاع الروائي أن يتوغل مكانيا في مكان مألوف واقعياً ومجهول روائيا، حيث دأب معظم الكتاب الروائيين والمحليين على محاكاة بيئات غير بيأتهم ، بينما عكس الشيخ من خلال الفوارس هذا المفهوم، واستطاع أن يقدم لنا مكانا جديداً بكل مفرداته الاجتماعية والثقافية والتراثية، وفي قالب قصصي جديد . إنها كما ذكرنا سطوة المكان الروائي عند حسن الشيح الذي وظف ذاكرته التراثية، بمفرداته الزمن القديم واستحدث ذاكرته لتخيل الواقع القادم بعد عقدين من الزمن .
البناء الفني
قسم الروائي الفوارس إلى أربعة وعشرين فصلاً وعدد الملاحق السرية في نهاية الرواية. إلا أنه لم يعنون أي منها بل رقمها ترقيما حسابياً وفي ظني أن الروائي أراد بهذا الترقيم إعطاء توقف طبيعي للقارئ يلتقط فيها أنفاسه لصعوبة قراءة أكثر من ثلاثمائة صفحة في جلسة واحدة من جهة أخرى له علاقة بهذا التقسيم الفني فالشيخ كما أشرنا استخدم زمانين متوازيين في سرده الروائي. وحتى يحقق هذا الجانب السردي، دعمه بتقسيمه الفني للفصول، فهناك فصل يتناول الزمن الحاضر، وآخر يرجعك للزمان الماضين مع مزاوجات من هنا وهناك . ولا أعتقد أن الرواية يضيرها أن تستعين في بنائها الفني بما يشاء من أدوات لذلك فان استخدام الملاحق السرية الأخيرة في الرواية اعتقد إنها موفقة. مع رواية كتبت بضمير الراوي .
فلسفة الزمن
وللرواي فلسفة للزمان غير الزمن الروائي التي أشرنا إليها. إنها ذات علاقة برؤية الروائي لمفهوم الزمن. وهذا الزمن ليس له ارتباط عضوي بزمن أحداث الرواية. إنها مفهوم فلسفي يجسد الزمن إلى شيء ملموس فساعات الظهيرة مثلا لا نهايات لها محرقة، رطبة، تشبه دروبا طينية زلقة، لا يأمن السير بها. في منتصف النهار .
أما ساعات الليل فهي ساعات طوال بكل دقائقها وثوانيها المكشرة في وجهه ولا يستطيع أن يتخطاها ولا يستطيع أن يقفز على أوقات الانتظار الممتدة لأن لياليه طويلة سرمدية.
ويعترف الروائي وهو يتلمس الزمن بأنه كغيره من الحمقى الذين تصورا بأنهم أقوى من الزمن، ولكنه يعترف وهو منكس الرأس أن ذلك هراء. يقول الشيخ (فهمت من الزمن بأنه الثواني والدقائق التي أستطيع إمساكها بيدي، حتى لا تهرب من بين أصابعي، إلا أن الثواني تراكمت .. أضحت طوفانا جارفا، فقذفني في مؤخرة المركب ) .
لقد حاول حسن الشيخ أن يكتب الزمن بمفهومه الخاص، وقد فعل رغم أنه يصرح بأنه لن يستطع أن يصد طوفان الزمن. لأنه لم يتمكن من السيطرة على ذاكرته .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.