صيغة الاتفاق الاولى الذي توصل اليه الفلسطينيون والاسرائيليون برعاية امريكية ومصرية لوقف التدهور الأمني الخطير على أراضي السلطة الفلسطينية يقتضي ان تنسحب اسرائيل دون شروط من المواقع التي احتلتها في قطاع غزة، فالحكومة الفلسطينية، غير عاجزة عن بسط سيطرتها على كامل الاراضي الفلسطينية، سواء في غزة او الضفة الغربية او غيرها من الاراضي الخاضعة للهيمنة الاسرائيلية. فالانسحاب شرط ضروري وملح حتى يعود الامن الى كافة الاراضي الفلسطينية ترجمة لما جاء في نصوص خطة خريطة الطريق التي لا يمكن تحقيقها على ارض الواقع في ظل ممارسات اسرائيل القمعية، فالتوصل إلى الاتفاق الجديد اذا اعتبر انه خطوة تمهيدية لاحلال الامن بين الطرفين المتنازعين فلابد ان يكون من وجهة اخرى خطوة عملية نحو الشروع في تطبيق ما جاءت به بنود خطة خريطة الطريق وعلى رأسها الانسحاب الاسرائيلي الكامل من اراضي السلطة الفلسطينية دون قيود أو شروط حتى تتمكن الحكومة المنتخبة من بسط سيطرتها ونفوذها على الاراضي الفلسطينية، وبغض النظر عن التعامل الجديد بين مكتب الرئاسة الفلسطيني والحكومة الاسرائيلية حيث تعتبر مفاوضات الاتفاق المبرم بين الطرفين الاولى من نوعها بين عرفات واسرائيل منذ توقف المفاوضات بينهما منذ نحو عام. الا ان ما يهم الفلسطينيين بالدرجة الاولى هو التوصل الى خطوات عملية وملموسة من شأنها تطبيق مبادرة السلام الرباعية الجديدة، ولعل الجهود الدولية الحثيثة التي بذلت منذ وقوع المحاولة الاسرائيلية الفاشلة لاغتيال الرنتيسي تصب في هذا الاتجاه لاسيما ان ردود الفعل الفلسطينية على تلك المحاولة كانت عنيفة، وقد أدت الى تضاعف حالات التوتر بين الطرفين، وقد ادى ذلك بطبيعة الحال إلى تدخل أمريكي مباشر لانقاذ الوضع، وتوصلت الجهود الحالية الى هدنة لاعادة نصوص خطة خريطة الطريق الى طاولة البحث شريطة التزام اسرائيل بالكف عن اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني من جديد، فقد ثبت ان تلك النصوص بتفاصيلها وجزئياتها هي افضل الطرق واقصرها للوصول الى تسوية حقيقية للنزاع القائم بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي.. وانها الطريق الامثل كمرحلة بداية لوقف نزيف الدماء بين الجانبين، وحتى تبدأ الحكومة الفلسطينية المنتخبة في بناء الدولة المرتقبة مالم يتعمد شارون بين حين واخر تخريب وعرقلة الخطوات التي ينوي الفلسطينيون اتخاذها في هذا السبيل، فقيام الدولة الفلسطينية المستقلة هو الطريق الامثل لوقف العنف والبدء في ممارسة عملية السلام في المنطقة.