تحتوي القديح ذات المساحة الجغرافية المحدودة نسبة الى عدد سكانها الذي ارتفع خلال السنوات الاخيرة الى حوالي 40 الف نسمة على عدة تجمعات سكانية مكتظة وكان السبب الذي حال دون امتدادها العمراني هو انها بلدة تحوطها حقول النخيل من كل الجهات، لذلك اصبح تملك المساكن يعود في اغلب الاحيان بالميراث الى مجموع الاخوة الذين يقتسمون منزلهم لدرجة تضيق معها مساحة البيت الى ابعد حد فلو كان هناك منزل بمساحة 200 متر مربع اغلب بيوت القديح القديمة لا تتجاوز هذه المساحة وفي هذا المنزل اربعة او خمسة اخوة فكيف سيكون حال هذه القسمة؟. ولذلك يلجأ غالبية الاهالي الى البناء الطولي حيث تحتوي منازلهم على ثلاثة او اربعة ادوار وهي حالة غير موجودة في محافظة القطيف. وفي السنوات الاخيرة نزح عدد كبير من اهالي القديح الى احياء جديدة في القطيف مثل حي الناصرة وحي الحسين القريبين من البلدة الا ان اعدادا كبيرة في المقابل لم تتمكن من ذلك لان تملك منزل يعتبر من الامور الصعبة مما ادى الى استمرار معايشتها لهذا الواقع. واشار تقرير اعدته جمعية مضر الخيرية الى ان المنزل الذي تسكنه العديد من الاسر حالة شائعة في القديح وان الجمعية تبحث عن حل لمشكلة اختلاط الاسر في المنزل الواحد مما ينعكس بآثاره السلبية على نفوس الجميع داخل المنزل. مشكلة مزمنة يقول سيد امان الشرفاء (باحث اجتماعي) ان هذه المشكلة تؤرق اهالي القديح منذ مدة طويلة وذلك لضيق المنازل وكثرة افراد العائلة وعدم قدرة الابناء الكبار على الاستقلال بمنزل خاص خارج المنزل الكبير الذي هو منزل الاب. الا اننا نواجه مشاكل كبيرة في علاج هذا الامر فلابد في بداية الامر من اقناع رب العائلة بالخروج من هذا المنزل ووضعه في منزل آخر مستأجر يكون اكثر اتساعا ويمكن من خلاله تقسيم الغرف لافراد الاسرة الا ان بعض هؤلاء رفض الخروج من المنزل معتقدين انهم يذلون انفسهم عند تلقي مساعدات مضيفا ان اغلب هؤلاء من ذوي الدخل المتدني والمحدود الا ان البعض استجاب في النهاية لهذه الخطوة وترك منزله تحت ضغط الظروف. وهناك حالات اخرى اضطررنا لترميم المنزل ومحاولة توسعته ان كان افراد الاسرة لا يتجاوزون 12 شخصا وهناك امكانية لاضافة غرف وحمامات وبعض المنافع الضرورية فهناك بعض العوائل يستخدمون اسفل الدرج كمطبخ لان جميع الاماكن في المنزل قابلة لان تصبح غرف نوم. مشكلة المزارع ومع الزحف العمراني الذي طال اغلب المناطق الزراعية اضطر اغلب المزارعين الى فقدان اعمالهم الزراعية حيث ان غالبيتهم يعملون كمستأجرين او استأجروا الارض الزراعية من ملاكها لمدة معينة وقد طلب كل الملاك افراغ مزارعهم لانها اصبحت اراضي سكنية وهي مشكلة اجتماعية جديدة تنضم الى قائمة المشاكل التي تحتاج الى حلول مناسبة. والمزارع الذي يملك الارض بنى منزلا داخل المزرعة متجاوزا جميع المحظورات التي قد تلحق به فالكهرباء معدومة واعتماده قائم على محرك كهربائي يعمل بالبنزين ولا توجد مياه كافية فضلا عن انعدام اساسيات المسكن كالاثاث او التكييف وقد حاولت جمعية مضر رغم قلة مواردها اقناعه بالخروج من هذا المنزل الا انه رفض الانصياع لانه يريد ان يعيش كما يقول من عرق جبينه. وتحويل المزارع الى اراض سكنية حل مشكلة كبيرة بالنسبة لاصحاب الدخل العادي والمرتفع وجعل اكثر الذين خرجوا من القديح الى مناطق القطيف الحديثة يفكرون في الرجوع من جديد وشراء اراض بعد ان باعوا منازلهم او اراضيهم تلك وتكلف الاراضي الجديدة ذات مساحة 400 او 500 متر مربع من 200 الف الى 270 الف ريال وهو مبلغ كبير بالنسبة لاغلب اهالي القديح وهي المشكلة التي اوجدت تحويل المزارع الى اراض سكنية. وان كانت المشكلة تحمل شقين فان الشق الثاني يحتاج لوقت طويل لمعالجته، ذلك أن عملية تأهيل المزارعين عملية صعبة ومتشابكة. يقول محمد علي : ان والدي يعمل مزارعا منذ اكثر من 40 سنة ومن الصعب عليه ان يتنازل عن هذا العمل وفي اعتقادي انه لا يستطيع القيام بعمل آخر وعلى الرغم من قلة الدخل وتأثره بالمواسم الزراعية فان والدي كان يغطي احتياجات المنزل المتفرقة وهو الان لا يدري ماذا يصنع في ظل الحالة الجديدة خاصة ان ابناءه غير قادرين على مساعدته لاننا اصلا نعاني ظروفا مشابهة. جهود محدودة ويرى عبدالغني العلو من اللجنة الاجتماعية بجمعية مضر ان اغلب المزارعين يواجهون الان واقعا يتعلق بأسلوب المعيشة وتحاول الجمعية تأهيل هؤلاء المزارعين وادخالهم في مجال عمل قريب من مهنتهم فكان ان اعطيناهم مبلغا من المال لشراء خضار وفواكه يقومون ببيعها في البلدة وراعينا ألا يخرجوا عنها كي لايحتاجوا لوسيلة مواصلات لانهم بطبيعة الحال لا يملكون سيارة. من ناحية ثانية فاننا نحاول تأهيل ابنائهم فأغلب هؤلاء الابناء خرجوا من المدارس لاسباب مختلفة فنحن نحاول التنسيق مع بعض الشركات والمؤسسات لقبول هؤلاء ونجحنا في كثير من الحالات الا ان المشكلة تكمن في ان بعضهم يرفض العمل في وظائف يعتقد انها حقيرة مثل حارس في بنك ويفضل العمل في سوق الخضار كعمل حر ولذلك فاننا الحقنا بعض الابناء من هذه الناحية بالتأهيل الذي يشمل الاباء. ووجه العلو نداء انسانيا للجميع وليس لابناء القديح فقط للوقوف الى جانب جمعية مضر لانها تعمل في سبيل حل هذه المشاكل مضيفا ان الجمعية رصدت جميع الحالات التي تحتاج الى مساعدات في هذا الجانب فمن حالات المزارعين الذين فقدوا مهنهم الى حالات المباني غير المؤهلة للسكن الى ضيق المساكن التي تحتاج الى توسعة ويأمل العلو تضافر جهود جميع الخيرين مع الجمعية لحل بعض هذه المشكلات. مشاكل تربوية ويقول حبيب البشراوي (مدرس) ان الكثير من الطلبة الذين يسكنون منازل ضيقة لا يستطيعون مواصلة دراستهم بطريقة مثالية فالطالب يحتاج لبيئة مناسبة حتى يستطيع ممارسة حياته اليومية بطريقة صحية وضيق المنازل في القديح خاصة القديمة منها يجعل الطالب يفكر في الهروب من المنزل لانه لايجد مكانا مناسبا يذاكر فيه. من جهة اخرى فان هؤلاء الطلاب قد يفكرون في مرافقة طلاب المدرسة في الرحلات التي تقام بين فترة واخرى لكنهم لا يتمكنون من ذلك لظروف اسرهم المادية وهذه الحالات نقوم بعلاجها اذا وصلت الينا لان ادارة المدرسة ونحن المدرسين تهمنا حالة الطالب النفسية. ويقول يوسف حسين ان هناك طلابا وبعضهم متفوق يعيلون اسرهم اما لوفاة الاب او لمساعدته وهناك بعض الاباء يجبرون ابناءهم على مساعدتهم في بعض الاعمال التجارية ولا يقتصر الامر على ايام الدراسة الاعتيادية بل يتعدى ذلك الى الامتحانات حيث لا يجد الطالب وقتا للمذاكرة فيأخذ مستواه الدراسي في التدهور شيئا فشيئا. وتشير التقارير التي اعدتها الجمعية الى وجود عدد قليل جدا من المدارس الحكومية بسبب عدم وجود اراض لبناء مدارس عليها وان بعضها خارج القديح ورغم ان الحكومة توفر وسائل النقل الخاصة بالطالبات الا ان هذا الامر يؤثر بدرجة او بأخرى على مستوى الطالبات خاصة اذا ما اضفنا له العوامل الاخرى. وتعتقد بعض الموجهات في المدارس الحكومية ان تدني مستوى بعض الطالبات في الدراسة يرجع الى تلك العوامل واغلب العوائل ترفض التعامل معنا برغم ان التوجيهات والارشادات تصل اليهم بشكل مستمر بأن التكافل الاجتماعي والتقارب بين الناس يجعل من الضروري تفهم الحالات الاجتماعية الخاصة وان حل مشكلة عائلة يعني ان المجتمع قفز خطوة الى الامام الا ان التجاوب دون المستوى المأمول. لقد حاولنا خلال السنوات الماضية معالجة الكثير من الحالات وتمكنا من ذلك في حالة الطالبات الصغيرات اما طالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية فالامر صعب جدا حيث الانطوائية وعدم اطلاع الاخرين على المشكلة والتعفف حواجز لا يمكن تخطيها. مشاكل عمرانية وتعتبر شوارع القديح من اضيق الشوارع في محافظة القطيف والكثير منها يعتبر زقاقا لا يمكن مرور اكثر من اربعة اشخاص مرة واحدة لانه سيسبب ازعاجا للعوائل التي تسكن البيوت المطلة على تلك الازقة وقد قامت البلدية في السنوات الاخيرة بازالة بعض المنازل من الاحياء القديمة لشق ثلاثة شوارع رئيسية في البلدة وذلك لتمكين الاهالي من التنقل من والى منازلهم بيسر وسهولة وهذه الشوارع هي الشارع الرئيسي لمدخل القديح والذي تقع البلدية على احد اطرافه وشارع آخر يمتد من الشمال الى الجنوب من السوق القديمة (الوادي) اما الشارع الثالث فيخترق وسط البلدة من الشرق الى الغرب ورغم ذلك فالازدحام مازال قائما وضيق الشوارع بحاجة الى دراسات اكثر وتعاون من قبل مختلف الاطراف للحصول على تخطيط عمراني يناسب الاهالي ويهدف الى خدمتهم. لايوجد مكان مناسب للمراجعة داخل المنزل