بدأ رئيس الوزراء اللبناني المكلف نجيب ميقاتي محاولة جديدة في سلسلة محاولات بحثاً عن مخرج من مأزق التأليف الذي يتوقف امام توزيع الحقائب وبخاصة حقيبة الداخلية التي لا تزال الجزء الظاهر من جبل الجليد في العلاقات بين مكونات الاكثرية التي اوصلت ميقاتي الى سدة التكليف قبل اكثر من مائة يوم. بري وعون في لقاء سابق بالدوحة وقالت "النهار"اللبنانية ان الاجتماع الذي عقده الرئيس ميقاتي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة افضى الى اطلاق مهلة اضافية في المساعي التي انفتحت على لقاءات لرئيس الوزراء المكلف مع رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط، ومع مستشاري بري والامين العام ل"حزب الله" النائب علي حسن خليل وحسين الخليل، ومع النائب السابق ناظم خوري موفداً من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. وقال النائب جنبلاط ل"النهار": "اللقاء مع الرئيس ميقاتي جاء في اطار التشاور لدعمه في تشكيل الحكومة التي باتت ضرورة اقتصادية وسياسية وأمنية واقليمية". واقع الحكومة وفي المعطيات التي ظهرت في الاتصالات خلال الساعات ال 24 الأخيرة، علم من مصادر بارزة في مساعي التكليف أن أوان الحلول لم يقترب بعد وان كل طرف معني لا يزال عند مواقفه.. لكن ما بدا انه "انجاز" لرئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون مدعوماً من "حزب الله" تمثل في طي فكرة لجوء الرئيس ميقاتي الى خيار حكومة "الأمر الواقع". الرئيس ميقاتي بحسب ما أعلنت أوساطه، أنه سيكون له الكلام المناسب في الوقت المناسب بالنسبة الى إعلان تشكيل الحكومة. وتؤكد أوساط الرئيس المكلف، أن هناك مشكلة في التأليف وهي تواجه الرئيس، ويبدو أن تجاوزها غير ممكن في ظل السقوف السياسية المرتفعة، إذ إن معوقات التأليف هي داخلية صرف ويتحمّل مسؤوليتها الأطراف الذين يرفعون المطالب الواحدة تلو الأخرى، على حساب المنطق، ودور المؤسسات والشراكة الحقيقية. والخيارات المتاحة أمام الرئيس المكلّف اثنان، أي ما كان أعدّه لدى تكليفه، بالتوافق مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان.. الأول: تشكيلة من 30 وزيراً من سياسيين مطعّمة بأصحاب اختصاص، والثاني تشكيلة من 24 وزيراً من أصحاب اختصاص.. والتشكيلتان جاهزتان وهما توفران التوازن في التمثيل لكل الأطراف، والاثنتان تلائمان كل الأطراف. إلا أن الأوساط تدرك تماماً أن إعلان الحكومة من جانب الرئيس المكلف إذا لم تفلح المشاورات، دونه محاذير لكنه يضع المشكلة في مكان آخر، إذ معه تصبح الأنظار متجهة الى نيل الحكومة الثقة. وإذا لم تنلها، فإنها تبقى حكومة تصريف أعمال، تحل محل حكومة تصريف للأعمال الحالية برئاسة سعد الحريري، ولها الصلاحيات نفسها، ولا تحل المشكلة، ولا تناسب ميقاتي الذي انتظر لأشهر كي يخرج بحكومة تصريف أعمال. ومع ذلك، لا تزال مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع تستبعد أن يعلن الرئيس المكلّف أي تشكيلة رغم رغبته ذلك، وأن الأمور قد تبقى على هذه الحال مدة طويلة لسببين أساسيين هما: أن جميع الأطراف يلعبون على عامل الوقت إذ إنهم يعتبرون أن عامل الوقت هو لصالحهم. ومن بين الأطراف من يفضّل أن تصدر تفاصيل القرار الاتهامي عن المحكمة الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل التأليف لكي تجنّب الحكومة اتخاذ موقف. ومنهم من ينتظر ليرى كيف تتطوّر في سوريا، مع العلم أن كل الأطراف الموالية لسوريا، تشعر بضعف وعدم القدرة على اتخاذ قرار واضح. خلاف "البيت الواحد" ثلاث نتائج أفرزها خلاف فريق "البيت الواحد" بينها أرقام المالية العامة التي أظهرت، بحسب بيان المالية العامة الذي أصدرته وزارة المالية، أولاً ارتفاعاً في العجز الإجمالي قدره 794 مليار ليرة حتى مارس الماضي، وثانياً تسجيل عجز أولي بنحو 218 مليار ليرة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام. وفي اليوم الواحد بعد المائة للتكليف، لم ترصد أي مؤشرات إيجابية توحي باقتراب إخراج التشكيلة الحكومية العالقة في دوامة العقد. يُذكر أن بري طلب من ميقاتي التريث في الخطوات التي يمكن اتخاذها مثل تشكيل حكومة "أمر واقع" من أجل انتظار المزيد من المشاورات لإزالة العقبات من أمام التشكيل. ويبدو أن ميقاتي سيتريث قليلاً ليعطي الاتصالات مداها، لأن المرحلة لم تُستنفد بعد، قبل أن يتخذ القرار المناسب. كما علمت "المستقبل" أن البحث عن اسم لوزير الداخلية يكون مقبولاً من الجميع، ما زال جارياً. ووسط ضبابية الرؤية المستحكمة في بلدان المنطقة والجوار، والخطر الداهم سياسياً واقتصادياً، قالت مصادر مواكبة لعملية التشكيل ل"المستقبل" إن "زيارات الرئيس ميقاتي إلى قصر بعبدا لم تحمل جديداً على صعيد كسر واقع المراوحة الذي يعيشه ملف التأليف، وأن اللقاء بين ميقاتي ورئيس الجمهورية لا يتعدى مناقشة الأفكار للخروج من مأزق التأليف الحكومي، وليس مناقشة تشكيلة حكومية تضم حقائب وأسماء". وأضافت المصادر إن "رئيس الجمهورية متحفظ في الحديث عن المخارج التي يبحثها مع الرئيس المكلف والتي يراها مناسبة، لكنه بالتأكيد لن يوافق على ما يمسّ بالدستور وميثاق العيش المشترك".