ويظل موضوع البطالة الشغل الشاغل للمهتمين بشئون هذا البلد.. والنداء المتكرر بالسعودة والتوطين.. لابد في النهاية ان يلقى صدى من الجميع.. فالمصلحة واحدة والهدف واحد.. وهو ان نصل الى المرحلة التي نعتمد فيها اعتمادا شبه كلي على ايادي وعقول ابنائنا وان تنخفض نسبة العمالة الوافدة الى حد كبير.. وهذا ما يخطط له المسئولون ويناشدون القطاعات المختلفة بأن يعملوا على هذا المنهج وهذا الطريق. حول هذا الموضوع الهام القى المهندس اسامة محمد مكي الكردي عضو مجلس الشورى محاضرة تحت عنوان (البطالة وسوق العمل وامور أخرى) التي نظمتها الجمعية العربية لادارة الموارد البشرية (اشرم) برعاية مركز الدراسات لاعداد الكفاءات الادارية وبحضور عدد كبير من المسئولين ورجال الاعمال. خبرات وتجارب يقول المهندس الكردي: نبدأ اولا بموضوع احصائيات البطالة فنقول: انه قد مر على هذه الاحصائيات العديد من التجارب والخبرات والمحاولات وذلك على الرغم من اهميتها القصوى فهناك من قال انها تصل الى 47% وهناك من قال انها تصل الى 27% وهناك من قال انها تصل الى 14% وقد كانت حساباتي الخاصة باستخدام ما توافر لي من ارقام من الجهات الحكومية المعنية تدل على ان معدل البطالة هو في حدود ال 5%. وقد اصدرت مصلحة الاحصاءات العامة مؤخرا احصائية تقول ان معدل البطالة هو في حدود الثمانية والنصف في المائة وهذا رقم اقرب ما يكون الى الواقع وتعضد مصداقيته مجموعة من المؤشرات يمكن الحديث عنها لاحقا. ويجب ألا ننسي عند الحديث عن البطالة اهمية متطلبات الدخول في احصائياتها وهي ان يكون العامل قادرا وراغبات وباحثا ويعني هذا ان يحمل العامل تأهيلا مطلوبا في سوق العمل وان يكون راغبا في العمل فعلا وان يكون باحثا عن العمل بجدية. وبغض النظر عن نسبة البطالة فان المبدأ يجب ان يكون ان الوظيفة التي يشغلها الوافد يجب اعتبارها شاغرة حال توافر السعودي المؤهل لشغلها. وعلى الرغم من اهمية احصائيات البطالة فان الأهم منها ان تتوافر اسماء ومؤهلات الباحثين عن العمل حتى يمكن توظيفهم. دور رئيسي @ لا يختلف اثنان في ان لمكاتب العمل ومكاتب توظيف السعوديين الخاصة دورا رئيسيا في هذا المجال ولكن واقع الحال يقول ان انظمة واسلوب عمل هذه المكاتب لا يمكنها ان تتوافر لديها اسماء ومؤهلات كافة الباحثين عن عمل. وقد اظهرت إحدى الدراسات ان زيارة مكاتب العمل تأتي في الدرجة الثالثة من اهتمامات الباحثين عن عمل. اما مكاتب التوظيف فلم تظهر في نتائج الدراسة. @ واجد هذه مناسبة طيبة لكي اتمنى على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ان تمنح نفس الاهتمام الذي تمنحه لتسجيل العاملين في القطاع الخاص حاليا لتسجيل الباحثين عن عمل سواء في مكاتب العمل او في مكاتب توظيف السعوديين. @ وغني عن الحاجة التذكير بالأهمية الرئيسية للدراسات والابحاث حول هذا الموضوع وضرورة العمل على تنظيم وتشجيع وتمويل الدراسات والابحاث بأنواعها التي تعالج موضوع السعودة بالذات والعمالة بشكل عام. مهمة وطنية ونأتي للسعودة فنقول ليس هناك ادنى شك في الاهمية القصوى لتوطين الوظائف في قطاع العمل السعودي ويجب ان تكون السعودة مهمة وطنية لكل الوطن يشترك فيها المواطن وصاحب العمل والمسؤول الحكومي. ولسنا هنا في مقام اثبات المثبت فالتأثيرات السلبية للبطالة معروفة وتتجاوز تأثيرها السلبي الاجتماعي الى تأثيرها على معدلات الجريمة. والتأثيرات الايجابية للسعودة معروفة اقلها خفض تحويلات العملة الى خارج المملكة وتعديل الحساب الجاري لها مما يعني نموا اقتصاديا اكبر وقوة شرائية اعلى في المملكة مما يرفع مؤشر المبيعات السوقية ويزيد من قوة الريال ولاشك في ان المستفيد الرئيسي من ذلك هو القطاع الخاص الذي بدأ يدرك اهمية دوره في هذا المجال ولاشك ستزيد درجة تفاعله مع السعودة. وقد كانت لي شخصيا خبرات على درجة عالية من النجاح والحمد لله فقد كان النجاح حليفي وزملائي ايام عملي في مجلس الغرف التجارية الصناعية عندما نجحت في رفع نسبة السعوديين من 25% الى 75% في اربع سنوات ومازال العمل مستمرا. كما انني وزملائي في الدار السعودية للخدمات الاستشارية (الادارة السابقة للهيئة العامة للاستثمار) نجحنا منذ ما يزيد على عشرين عاما في سعودة الكثير من الوظائف الفنية المختصصة في الدار وذلك وفي وقت لم يكن تعبير سعودة الوظائف معروفا كما هو اليوم. @ يصاحب دور القطاع الخاص دور مهم ورئيسي للقطاع العام ويتمثل هذا الدور في مقدرة القطاع العام على اتخاذ بعض القرارات السريعة التي يمكن ان تساهم مساهمة فعالة في السعودة وتوظيف السعوديين كحل على المدى القصير. ويتمثل ذلك في قيام وزارة المالية بحث الدوائر الحكومية على تحديد الجنسية السعودية لبعض القوى العاملة التي يوفرها القطاع الخاص بموجب عقوده مع الحكومة. ومن هذه العقود عقود الصيانة والتشغيل. @ ولابد من الاهتمام بالعمل المرحلي لضمان نجاح السعودة. فعلى المدى المتوسط يمكن النظر في الاسراع باعادة اصدار نظام العمل والعمال لاعادة التوازن التعاقدي بين العامل وصاحب العمل والتوسع في نشاطات صندوق القوى العاملة وادخال السلوك الوظيفي في مناهج التعليم. اما على المدى الطويل فيجب توعية العامل بأهمية العمل وانه التزام شرعي وتطوير المناهج بما يحقق متطلبات العمل وسوق العمل كما انه لابد من تنمية الوعي لدى المجتمع والاسرة عن اهمية العمل واحترامه والاهتمام بالتعليم التعاوني. فرص السعودة @ وكما ذكرت سابقا فان السعودة امر على مستوى مرتفع من الاهمية ويتوجب تجميع كل ما يمكن جمعه من الاحصائيات عن العمال والسعودة لنتمكن من التطبيق الصحيح والكامل لقرار مجلس الوزراء رقم 50 الذي يعالج السعودة بالاحلال. فعند التعرف على هذه الاحصائيات نتمكن من تحديد فرص السعودة وامكانياتها في كل قطاع ونرفع نسب السعودة في بعض المهن وقد نخفض هذه النسب في بعض القطاعات. ولابد من ادراك القطاع الخاص للأهمية الاستراتيجية للسعودة والتعامل معها من هذا المنطلق بل والقيام بتمويل الدراسات والابحاث الداعمة لذلك. ومن ضمن العديد من المقترحات الهادفة الى التقدم في السعودة فان هناك مقترحين قد يؤثران تأثيرا مباشرا على رفع درجة النجاح في اجراءات السعودة وهما التقريب بين نظامي العمل والخدمة المدنية والآخر هو التقريب بين نظام التقاعد ونظام التأمينات الاجتماعية الذي يدرس حاليا في مجلس الشورى. ونظرا لاهمية الامر الاول فقد شكلت له لجنة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية. التنمية الاقتصادية اعتقد جازما ان السعودة بالتوظيف يمكن ان تكون احدى الوسائل الفعالة للسعودة. ويعني ذلك العمل بكل الوسائل الممكنة لاحداث وظائف في الاقتصاد السعودي والتحكم الكامل في استقدام القوى العاملة من الخارج بحيث تكون كافة هذه الوظائف الجديدة من نصيب القوى العاملة الوطنية. واحداث هذه الوظائف يتطلب نموا اقتصاديا مطردا لابد ان يزيد على النمو السكاني كما تقول القاعدة الاقتصادية وقد اظهرت إحدى الدراسات انه منذ ثلاثة عقود كان عدد الوظائف المحدثة مليون ريال هي وظيفتان وسبعة اعشار وظيفة فقط. ويعني هذا الاهمية القصوى للتنمية الاقتصادية والاستثمار ليمكن احداث الوظائف الكافية للقوى العاملة السعودية الداخلة الى سوق العمل سنويا. ومما يطمئن ان التخطيط للتنمية الاقتصادية في المملكة في رأيي يسير بأسلوب مناسب. فهو يبحث عن المميزات التنافسية للمملكة ويعظم الاستفادة مما هو مستخدم منها مثل البترول والغاز. كما انه يفتح الباب امام مميزات تنافسية جديدة. مثل التعدين والسياحة. ويلاحظ ان هذا التخطيط يتبع ثلاثة محاور. المحور الاول هو فتح مجالات جديدة في الاقتصاد والاستثمار مثل تنمية قطاع التعدين وتطوير نظام النقل بالسكك الحديدية وتنمية القطاع السياحي وفتح الاستثمار في مجال توليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه وكما ذكرت سابقا الاهتمام بقطاع الغاز. أما المحور الثاني فهو محور انشاء الهيئات الجديدة الداعمة للنمو الاقتصادي. فرأينا اعادة تشكيل المجلس الاعلى للبترول والمعادن كما رأينا انشاء المجلس الاقتصادي الاعلى والهيئة العليا للسياحة والهيئة العامة للاستثمار وهيئة الاتصالات وهيئة الكهرباء ولاشك في ان اهم هذه الهيئات في مجال القوى العاملة هو انشاء صندوق تنمية الموارد البشرية. والمحور الثالث هو محور اصدار مجموعة جديدة من الانظمة الهادفة الى تنمية القطاعات الاقتصادية المختلفة. فرأينا اصدار نظام جديد للاستثمار واصدار قرار بتخفيض نسبة الضريبة على المستثمر الاجنبي ومجموعة اخرى من الانظمة. وكما يعلم الجميع فانه يجري العمل على اصدار مجموعة اخرى من الانظمة مثل نظام سوق المال ونظام مراقبة شركات التأمين ونظام الشركات الجديد ونظام المنافسة ونظام التعدين ونظام العمل الجديد. اذا هذه المحاور الثلاثة تدعو المرء للتفاؤل بالمستقبل. وقد اطلعت على تقديرات بعض الاقتصاديين المتخصصين مؤخرا حول النمو الاقتصادي المتوقع فوجدت انهم متفائلون بنمو اقتصادي هذا العام تقديره بين ستة واربعة ونصف في المائة مع انخفاض في عجز الميزانية الحكومية المتوقع الى 9 مليارات ريال وهذه علامات مشجعة جدا للقوى العاملة السعودية. التخصيص والنوعية قد أثبتت التجارب العالمية في التخصيص ان التخصيص يؤدي الى رفع نوعية الخدمات والسلع مما يرفع الطلب عليها ويؤدي بذلك الى زيادة الطلب على القوى العاملة على المدين المتوسط والطويل. ولابد من التأكيد هنا على الاهمية القصوى للاستمرار بل ورفع درجة الاهتمام والمتابعة بموضوع التدريب والتأهيل وتنمية القوى العاملة في المملكة بكل اسلوب ممكن. وهنا تأتي الاهمية المشار اليها سابقا لصندوق تنمية القوى العاملة خاصة اذا صاحب ذلك تقنين لاستقدام القوى العاملة الوافدة. المتفرقات كما ذكرت سابقا فمن المهم العمل على تطوير اسلوب الادارة المتبع في مكاتب العمل بحيث يصبح لها دور اكبر في السعودة وفي احصائيات البطالة. فلو تم الزام كافة الراغبين في العمل بتقديم طلباتهم الى هذه المكاتب والزام اصحاب العمل بعدم توظيف السعوديين الا بعد ابلاغ مكاتب العمل لتمكنا من الحصول على احصائيات حقيقية عن البطالة والسعودة وتمكنا من متابعة العاملين واصحاب العمل غير الجادين ولتمكنا من التحكم الحقيقي في العمالة الوافدة. كما ان مكاتب توظيف السعوديين يمكن ان تلعب دورا هاما في السعودة وحل مشاكل البطالة ولكن من الواضح ان هناك حاجة ماسة لتطوير نظامها واسلوب عملها بما يسمح لها بلعب هذا الدور. العالم ايها الاخوة والاخوات اصبح فعلا عالما صغيرا ولابد لنا من التعرف والاهتمام بمتطلبات العولمة طالما انها لا تمس ديننا او عاداتنا وتقاليدنا. ويجب ألا ننسى في هذا الاطار متطلبات عضويتنا في منظمة العمل العربية ومنظمة العمل الدولية. كما ان معدل الزيادة في اعداد السكان يتطلب اهتماما ومتابعة للتأكد من توفير الخدمات والسلع التي يحتاجها المواطنون والمقيمون كما ان احداث الوظائف باستمرار وباعداد متناسبة مع اعداد القوى العاملة السعودية امر مهم للاستمرار في توفير الرخاء والامن لشعبنا. وبطبيعة الحال فان الحديث عن ايجاد وظائف جديدة للشباب السعودي يستوجب التركيز على القطاعات الاقتصادية التي تمتلك المملكة فيها ميزة نسبية. يتحدث الكثير عن انخفاض الرواتب في القطاع الخاص والحاجة الى تحديد حد ادنى للرواتب وما اود ان أقوله هنا هو انه سواء تم تحديد الحد الادنى للرواتب ام لا فانه من الضروري ملاحظة تأثير ذلك على التخضم وارتفاع الاسعار وارتفاع المنافسة الدولية وانفتاح الاسواق وقرب انضمامنا الى منظمة التجارة العالمية. ساعات العمل والادارة نسمع كثيرا عن اعتراض العاملين على ساعات العمل واعتراضهم على اسلوب ادارة القطاع الخاص للمؤسسات والشركات كما نسمع اعتراضهم على مستوى الرواتب كما ذكرت سابقا. كما نسمع من اصحاب الاعمال اعتراضهم على مدى التزام العاملين السعوديين بمتطلبات العمل ونسمع اعتراضهم على رغبة العاملين السعوديين في تغيير الوظيفة بسرعة كبيرة كما نسمع منهم عن انخفاض مستوى الصبر والتحمل لدى العاملين السعوديين. وما يجب ان نلاحظه هنا هو عدم مناسبة توفير العمل بالشروط التي يطلبها العامل ولا الشروط التي يطلبها صاحب العمل ولابد من العمل سواء بواسطة التنظيم أو بواسطة التنبيه الى اهمية احداث نوع من التوازن بين متطلبات وتوقعات العامل ومتطلبات وتوقعات صاحب العمل. والى ان يصدر نظام العمل الجديد فلابد من التطبيق الواقعي لنظام العمل الحالي الذي تقوم به مكاتب العمل ويشمل ذلك تسهيل الاجراءات وتقصيرها والتمعن في تأثيرها على المدى الطويل. اما التستر فمن المؤكد ان له تأثيرا سلبيا على السعودة وتوظيف العمالة السعودية مع ارتفاع في عدد الوظائف المحجوبة عن السعوديين بسببه وانا ممن يرى انه بعد هذه الخبرة الطويلة المتراكمة في المملكة لمحاولة مكافحة التستر ارى ان الوقت قد حان لتنظيم هذا الامر للسماح لممارساته لتخرج على السطح مع الزام اصحاب هذه الاعمال بدرجة مرتفعة من السعودة وكذلك الزامهم بدفع بعض الضرائب. برنامج مقترح ويتناول الكردي البرنامج الوطني المقترح للسعودة وعلاج البطالة فيقول: عند الحديث عن السعودة وعلاج البطالة فانه لاشك في اهمية استخدام افضل الاساليب العلمية في التعامل معها ويمكن استخدام اسلوب (البحث باستخدام الدلائل) وبهذا يمكن المرور على مراحل هذه الاسلوب الخمس الآتية: @ المرحلة الأولى: طرح الاسئلة والتأكد من تعريف المشكلة. @ المرحلة الثانية: تجميع المعلومات والاحصائيات. @ المرحلة الثالثة: التحليل والتوصيات. @ المرحلة الرابعة: التطبيق. @ المرحلة الخامسة: تقييم النتائج. وسأرتكب خطأ علميا كبيرا هذه الليلة عندما اتعجل نتائج هذا البحث واحاول ان اتوقع بعض نتائجه واؤكد على كلمة اتوقع تخفيفا لهذا الخطأ. ففي رأيي المتواضع فان البرنامج الوطني يمكن ان يشمل الآتي: 1- اعتماد برنامج منسق بين كافة الجهات المعنية للاستمرار في بحث ودراسة وتحليل السعودة وعلاج البطالة وتشجيع الباحثين على ذلك بكافة الوسائل وتطوير اسلوب التعامل معهما باستمرار. 2- تطوير نشاط مكاتب العمل والزام كافة الباحثين عن عمل للتسجيل فيها. 3- تطوير نظام مكاتب توظيف السعوديين ومنحها مزيدا من المساحة للعمل. 4- الزام اصحاب العمل بابلاغ مكاتب العمل عند توظيف السعودي. 5- اعتماد رقم السجل المدني عند توظيف السعوديين او عند ترشيحهم للعمل. 6- العمل على تجميع ونشر احصائيات البطالة وتحديثها. 7- تطوير تطبيق القرار رقم 50 بتطبيق نسب مختلفة على سعودة الوظائف المختلفة حسبما يتوافر من احصائيات. 8- الاهتمام بالتنمية الاقتصادية باعتبار السعودة بالتوظيف مرادفا مهما للسعودة بالاحلال بما في ذلك الاهتمام بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. 9- التقريب بين نظامي العمل والخدمة المدنية. 10- التقريب بين نظامي التأمينات والتقاعد. 11- الاهتمام بالتوعية الاجتماعية حول العمل. م.أسامة الكردي