أشار الموجز الاقتصادي الأخير لبنك الكويت الوطني حول أسواق النفط وتطورات الميزانية الى عودة أسعار النفط الى مستويات معتدلة نسبيا منذ ابتداء الحرب على العراق وذلك لزوال حالة عدم اليقين ومن ثم انتهاء العمليات العسكرية بنجاح ضمن فترة زمنية وجيزة. كما ساهم تفشي فيروس سارس في آسيا بأضعاف أسعار النفط لما كان له من أثر في إضعاف الطلب على النفط، ولاسيما مع التراجع الملحوظ في حركة السفر لدى عدد من البلدان الآسيوية. ومن المتوقع حدوث المزيد من التراجع في حركة الرحلات الجوية ومن ثم الطلب على وقود الطائرات خلال أشهر الصيف القادمة بفعل القيود الصارمة التي فرضتها الصين على السفر بالاضافة الى امتناع العديد من الناس عن السفر لحين السيطرة على هذا الخطر الصحي الأشبه بالوباء. ومن ناحية أخرى بدت الأسواق قلقة مرة أخرى بالنسبة إلى كفاية الامدادات النفطية ولاسيما إثر قرار منظمة الأوبك الأخير بخفض إنتاجها اعتبارا من الأول من يونيو 2003، وذلك لتدني المخزون من وقود السيارات في أمريكا في الوقت الذي يرتفع الطلب الموسمي عليه مع ابتداء العطل الصيفية، وهذا مما أدى الى الارتفاع البسيط في الأسعار خلال شهر مايو ليبلغ متوسط سعر النفط الكويتي 24.37 دولارا للبرميل الواحد مقارنة بمعدل 28.8 دولارا خلال شهر ابريل حين سجل انخفاضا بواقع 4 دولارات عن شهر مارس. وقد كانت الأسعار ثابتة نسبيا خلال شهر مارس على الرغم من قيام عدد من الدول الأعضاء في الأوبك بزيادة انتاجها، ويرجع ذلك جزئيا الى الانخفاض المؤقت في انتاج النفط في نيجيريا. أوبك تخفض إنتاجها في يونيو وعلى الرغم من أن قرار أوبك في اجتماعها الأخير الذي عقد في 24 من إبريل الماضي يدعو الى خفض انتاجها بمقدار مليوني برميل يوميا عن مستويات الانتاج الحالية، إلا أن الحصص الجديدة المقررة تمثل بالفعل زيادة قدرها 0.9 مليون برميل يوميا عن السقف الحالي للدول العشر، اذ كان انتاج هذه الدول يزيد عن السقف المحدد لها طوال شهري مارس وإبريل وذلك حرصا منها على أن تعوض السوق عن توقف انتاج العراقونيجيريا خلال هذه الفترة. وجاء هذا القرار بخفض الانتاج على الرغم من ان مؤشر سلة النفط الخام لأوبك بقي فوق مستوى 22 دولارا وهو أدنى سعر ضمن النطاق المستهدف من أوبك، ذلك ان المنطقة قامت بمراعاة الانخفاض الموسمي المتوقع في الطلب على النفط خلال الربع الثاني من عام 2003 بالاضافة الى العودة المتوقعة لانتاج النفط الخام العراقي خلال الشهور القادمة. وتدل المؤشرات في نهاية إبريل الى حدوث انخفاض فعلي في مستويات الانتاج عن الطفرات التي لوحظت خلال شهر مارس ومطلع ابريل، حيث يقدر تقرير لشركة جولدمان ساكس ان تكون الدول الأعضاء من منطقة الخليج قد قامت بخفض مستويات انتاجها بالفعل بمقدار 0.75 مليون برميل يوميا. ويعود ذلك جزئيا الى عدم قدرة هذه الدول على المحافظة على هذه المستويات المرتفعة التي تم الوصول اليها اثناء أسابيع الحرب لفترة طويلة وفقا لطاقاتها الا نتاجية. متوسط سعر نفط الكويت 24 دولارا امريكيا خلال عام 2003 وفي حال اذا قامت أوبك بالالتزام التام بحصص الانتاج المقررة اعتبارا من شهر يونيو يتوقع البنك الوطني أن يبلغ سعر النفط الكويتي 23.6 دولارا أمريكيا خلال الربع الثاني من عام .2003 ويمكن أن تنخفض الأسعار بشكل طفيف في الربع الثالث من عام 2003 كنتيجة لانخفاض الطلب والاستئناف المحتمل للصادرات العراقية، وذلك قبل أن ترتفع الأسعار مرة أخرى خلال الربع الأخير من السنة، وقد يصل متوسط سعر النفط الكويتي خلال السنة الى 24.2 دولارا امريكيا. احتمال هبوط الأسعار ويتأتى ذلك في حال اذا لم تستوعب أوبك الانتاج العراقي وعلى كل حال فإن مقدرة الدول العشر الأعضاء بالتعامل حيال استئناف العراق للانتاج هي مسألة وقت ومتعلقة بمدى التزامهم بقرارات المنظمة. فإذا فشلت الدول العشر في أوبك في اجتماعها المقبل المقرر عقده في 11 من يونيو في الاتفاق على خفض الانتاج بما يعادل الانتاج الاضافي العراقي من النفط الخام وتحقيق ذلك على نحو صارم، فقد تنخفض الأسعار في النصف الثاني من عام 2003 بشكل حاد. وفي مثل هذا السيناريو فإن متوسط سعر النفط الكويتي قد يهبط بشدة الى حدود 17 دولارا أو حتى 16 دولارا في الربع الأخير من عام 2003 وخلال الربع الأول من عام .2004 ويمكن أن يبلغ متوسط سعر النفط للسنة 21 دولارا أمريكيا. مخاطر تقليص مستويات المخزون ومن جانب آخر فإن هناك احتمالا أن تكون تخفيضات الانتاج المعلنة من قبل الدول العشر في أوبك أكثر من اللازم وأن لا تأخذ في الحسبان الأوضاع الحالية للسوق، وتحديدا المستويات المتدنية للمخزون من النفط الخام ومشتقاته. وفي تلك الحالة فإن درجة التزام مرتفعة من قبل الدول العشر قد تدفع بالأسعار الى أعلى وبمتوسط متوقع لسعر النفط الكويتي مقداره 26.7 دولارا أمريكيا خلال عام .2003 (فائض أو عجز قدره 1.2 مليار دينار في ناتج الميزانية). وتوقع التقرير الوطني أن يتراوح متوسط سعر النفط الخام الكويتي ما بين 17.8 دولارا إلى 26.4 دولارا خلال السنة المالية 2003/.2004 ونتيجة لذلك من المحتمل أن تتراوح الايرادات الحكومية ما بين 4.2 الى 6.2 مليار دينار. وفي جميع الحالات فإنها ستتجاوز تقديرات الميزانية البالغة 3.56 مليار دينار بحوالي 30% الى 90%. واذا قامت الحكومة بصرف كامل اعتمادات الميزانية البالغة 5.83 مليار دينار وقعت الميزانية في حالة عجز يتراوح ما بين 647 مليون دينار و1.7 مليار دينار لو جاءت أسعار النفط ما بين 17.8 و22.5 دولارا، أو فائضا قدره 368 دينارا كويتيا في السيناريو الأعلى للأسعار. ولكن يتوقع البنك الوطني على الأغلب ان تأتي المصروفات الحكومية أقل من تقديرات الميزانية بحوالي 10%، وهو ما يعني أن الميزانية قد تشهد فائضا قدره 834 مليون دينار كويتي في أفضل السيناريوهات، ولكن الاحتمال الأكبر أن يحدث عجز بسيط قدره 180 مليون دينار. وفي أسوأ السيناريوهات التي قد ترى انخفاضا في الأسعار الى 16 دولارا امريكيا مع نهاية السنة قد يرتفع العجز الى 1.2 مليار دينار.