من مجريات ما حدث في القمة العربية الأمريكية في شرم الشيخ يمكن الاتكاء بشيء من الثقة على مقولة ان التوصل إلى اقامة دولة فلسطينية مستقلة اضحى ممكنا ومتاحا لاسيما في ظل ما قاله الرئيس بوش في تلك القمة (انني اعني ما اقول, العالم بحاجة إلى دولة فلسطينية حرة تتمتع بالسلام) وإذا كان الفعل بحجم القول في عرف السياسة الأمريكية فإن ذلك يعني بالضرورة والنتيجة ان تسوية أكيدة سوف تطرأ على اهم مسارات السلام في المنطقة, وان الستار سوف يسدل على آخر فصول النزاع الفلسطيني / الإسرائيلي الذي استمر طيلة أكثر من نصف قرن سقط فيه من سقط من الجرحى والقتلى والمشوهين من الجانبين, كما ان ذلك القول إذا ما ارتبط بفعل حقيقي على أرض الواقع فان موجة العنف السائدة على الأراضي الفلسطينية سوف تتلاشى بالتدريج وتحل محلها موجات من الثقة بين الطرفين المتنازعين, الا ان الغرق في بحار التفاؤل المرتبط بإحلال السلام في المنطقة لابد ان يرتبط ارتباطا وثيقا بضغوط معينة لابد ان تمارس من قبل الولاياتالمتحدة وهي الراعي الأول للعملية السلمية على إسرائيل, وقد تعودت كما يعلم العالم بأسره على ممارسة انماط من المراوغة والتملص والألاعيب ازاء مبادرات السلام المتلاحقة المطروحة على الساحة, ولن تتوقف عن ممارسة تلك العادة الا بضغوط من الدولة التي تمتلك ادوات الضغط وبإمكانها استخدامها رغم الصداقة التقليدية التي تربطها بالدولة العبرية, ولن تنجح خطة خريطة الطريق الا إذا وضعت تفاصيلها وجزئياتها تحت مراقبة دولية من الدول الأربع التي طرحت المبادرة, فبدون تلك المراقبة الدقيقة لتطبيق الخطة فان من المتعذر الوصول إلى تسوية نهائية, فآليات التطبيق ضرورية رغم انتشار سحابات من التفاؤل على اجواء المنطقة بإمكانية التوصل إلى تسوية, فالفلسطينيون مطالبون بالإصلاح والديمقراطية ومكافحة العنف, وبالتالي فان الإسرائيليين مطالبون في الوقت نفسه بالانسحاب الفوري من الأراضي الفلسطينية المحتلة وتفكيك المستوطنات والعمل على اتاحة الفرصة للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة الحرة في غضون المهلة التي طرحت في خطة خريطة الطريق, فالجانبان يتحملان مسؤوليات تطبيق تلك الخطة وانجاحها حتى يمكن التوصل إلى سلام حقيقي في المنطقة.