لاشك في أن معالي الدكتور غازي عبد الرحمن القصيبي، الذي عرفناه وزيراً للصناعة ثم وزيرا للصحة. وهما الوزارتان اللتان عرفناه من خلالهما مواطناً مخلصاً ساهراً على مصالح المواطنين حاملاً همومهم .. ومخصصاً جزءاً من وقته لدراسة مبعث الشكوى لديهم والعمل على تذليل كل صعب والقضاء على أي مشكلة يترتب عليها عدم خدمة المواطنين بما يرضي الله، وبما يمليه ضمير الوزير المتيقظ دائماً . ثم أصبح سفيراً لخادم الحرمين الشريفين في عاصمة الضباب فكان خير وجه يمثل بلادنا في الغرب الواسع الممثل في العاصمة الإنجليزية. بعد أن أدى دوره في مملكة البحرين التي كان سفيراً لخادم الحرمين الشريفين بها قبل الإبحار إلى لندن. وبعد أن عاد وأسندت إليه وزارة المياه والكهرباء امتلأت أكف المواطنين بأنهار الأمل .. إن حكومة خادم الحرمين الشريفين ما أسندت هذه الوزارة الهامة له إلا لعلمها التام بقدرة هذا الشخص على تحمل المسؤولية .. وخدمتها والقيام عليها لإيصالها إلى بر الأمان .. إلا أن الحمل زاد ثقلاً عندما أضيفت إلى مهام وزارة المياه مهام أخرى ممثلة في وزارة الكهرباء ليحمل معاليه مفاتيح وزارة الماء والكهرباء .. وكان الله في عونه. والاحساء هذه المنطقة التي اشتهرت منذ آلاف السنين بينابيعها وأنهارها وحقولها وثروتها الزراعية.. كانت حقولها وينابيعها من خير المتنزهات فكم شهدت من اجتماع للأدباء والفقهاء ورجال الفكر، وكم سمعت من ترانيم الشعراء قصائد الغزل في نخيلها وأنهارها وأشجارها العطرة وهي تلك الواحة التي سطر بالحنين لها الشاعر عبد العزيز بن حمد المبارك يرحمه الله : ==1== بلادي هي الدنيا ومن حل سوحها ==0== ==0==هم الناس كل الناس في البدو والحضر بلاد كما شاءت نفوس ذوي العلا ==0== ==0==أتت وحوت ما لم يكن قط في مصر وأيسر ما فيها جنان تنظمت ==0== ==0==من النخل والأشجار والنبت والزهر ==2== فبين تلك الجداول والحقول كان مسقط رأس معالي الدكتور القصيبي ومهد صباه حيث فارقها صغيراً وانشغل في بداية حياته يطلب العلم والعمل الرسمي والإبداع الأدبي. حتى كانت له زيارة ثم زيارات فاستعادت الذاكرة ملامح طفولته فجذبه الحنين إلى أمه التي فارقها : وهي على أحسن صورة .. لكنه عاد إليها بعد ان تغيرت الصور وبهتت الألوان فقد أخذت وقتئذ ما يزيد على ربع قرن تشكو العطش.. والغرق في مستنقعات الصرف الصحي حيث العديد من الأحياء والضواحي والقرى .. تشكو ندرة المياه وانقطاعها. وفي المقابل هناك الكثير من الأحياء والضواحي تشكو طفح المجاري الذي يغطي الشوارع والطرقات وفي شكل بحيرات صغيرة من القذارة .. نعم يا معالي الوزير.. هذه أمك الاحساء التي ناجيتها بعد طول غياب في قصيدتك الخالدة (إلى أم النخيل) التي قلت فيها : ==1== أم النخيل .. هبيني نخلة ذبلت ==0== ==0==هل ينبت النخل غضا بعدما ذبلا يا أم ردى على قلبي طفولته ==0== ==0==وارجعي لي شبابا ناعما أفلا وطهري بمياه العين أوردتي ==0== ==0==قد ينجلي الهم عن صدري إذا غسلا ردي الصبي .. ودنياه .. ولعبته==0== ==0==وهاك عمري .. وبقيا الروح والمقلا ==2== يا معالي الوزير .... إنك تطلب من أمك الاحساء المستحيل لأن فاقد الشيء لا يعطيه . إن الاحساء لا تريد عمرك أطال الله عمرك ولا روحك ولا مقلتك متعك الله بكل ما وهبك من نعمه وأفضاله وإنما تريد من ولدها نظرة حنان تؤصل في قلبه صلة الرحم .. وتمسح دموع الفرقة والانقطاع .... تريد أن تحظى من وقت معاليك بدقائق تراجع خلالها ما كانت عليه الاحساء .. وما وصل إليه حالها بعد ذلك التوسع العمراني الذي امتد في كل الاتجاهات حتى أصبح الموجود من المرافق عاجزاً عن ملاحقة ذلك التطور العمراني السريع. لذلك فهي تريد أجهزة متطورة تستطيع أن تجاري ذلك التوسع وأن تؤمن له احتياجاته الأمنية والمستقبلية إنني أوجه الخطاب لكم بصفة الأخوة التي تربطنا بأم النخيل التي طال شوقها للمسة حانية تعيد لمحياها البسمة وتحس بأن ابناً من أبنائها شده الحنين فعاد إليها ليسهم في بناء نهضتها الشاملة التي نرجو لها الازدهار .