عزيزي رئيس التحرير شاء الله تعالى بحكمته ان جعل الامور تجري بأسبابها. هذه سنة الله في الكون وهذا هو القانون الإلهي وبفضل هذا القانون صار بمقدورنا ان نصل الى ما نريد من خلال التعرف على اسبابه ومن ثم التعامل مع هذه الاسباب الى ان نصل الى ما نريد. والتفوق الدراسي كغيره خاضع لهذا القانون الإلهي، اذا فالتفوق له اسبابه التي يجب التعرف عليها والعمل على تهيئتها وهذا بالطبع يتطلب منا شيئا من التفكير والتخطيط. ما دعاني لهذه المقدمة وانا بصدد الكتابة حول اسباب التفوق هو انني لمست من خلال علاقتي بالطلاب ان الكثير منهم لا يولون اهتماما كافيا بالارتباط الوثيق بين التفوق واسبابه بل اشعر وكأن بعضهم لديه قناعة بأن المستوى الدراسي ما هو الا قدر محتوم لفئة دون غيرها من الطلاب، فالمتفوقون هم طلاب معينون ومعروفون ولا يمكن لاحد غيرهم ان يخترق حاجز التفوق وان لكل طالب مستواه المحدد الذي لايمكن تجاوزه فالمتفوقون هم فلان وفلان وفلان والمتأخرون هم فلان وفلان وفلان، ولا يقتصر ذلك على الطلاب بل ان بعض المدرسين واولياء الامور ايضا لديهم مثل هذه القناعة. لذلك فانني ارى ان من الواجب علينا ان نعمل على تعزيز القناعة لدى الطلاب بضرورة الاخذ بالاسباب كلما ارادوا تحقيق شيء في حياتهم. وحيث ان الاخذ بالاسباب يتطلب البحث عنها ويتطلب شيئا من التفكير والتخطيط فاننا اذا نجحنا في ذلك نكون قد دفعنا ابناءنا الى اهم عناصر النجاح في الحياة بمختلف شؤونها. والاخذ بالاسباب كما قلنا قانون الهي وجميعنا يعرف القصة التي تروى عن الصحابي الذي ترك ناقته دون ان يعقلها ودخل المسجد ثم خرج فلم يجدها فرجع الى الرسول صلى الله عليه وسلم يشتكي له ضياعها وانه تركها دون ان يعقلها لانه قد توكل على الله فأرشده الرسول بأن عليه ان يعقلها ثم يتوكل على الله، ويتضح هنا مدى حرص الرسول صلى الله عليه وسلم وتأكيده على ضرورة الاخذ بالاسباب. وانا هنا لا انفي وجود بعض الاسباب التي ليس باستطاعتنا التدخل والتحكم فيها ولكن الشيء الذي اريد قوله ان هناك الكثير من الطلاب وبسبب عدم اخذهم بأسباب التفوق نراهم قد وقفوا على مستوى معين كان من الممكن ان يتجاوزوه لو انهم او اولياء امورهم او مدرسيهم او مرشديهم تعاملوا مع اسباب التفوق بشكل ايجابي. * أسباب التفوق : اسباب التفوق كثيرة نختار منها ما يلي: 1- الموهبة او الاستعداد الفطري او مستوى الذكاء او مستوى القدرات العقلية - ولك عزيزي القارئ ان تختار ما تشاء من هذه التسميات - وهذا السبب ربما يكون اصعب العناصر من حيث امكانية التدخل والتحكم فيه واذا شئنا ان نتدخل فليس لنا الا بذل العناية بالطالب منذ كونه جنينا في بطن امه فهناك تعليمات كثيرة حول العناية بالجنين ابرزها تلك المتعلقة بالتغذية وبتجنب تناول الادوية التي قد تؤثر على الجنين ثم تمتد العناية به بعد الولادة والرعاية التربوية والصحية بل نستطيع القول ان العناية بهذا الجانب قد تبدأ قبل ذلك اي من حين اختيار الزوجة. 2- الايمان بأهمية الدراسة وبعلاقتها بجميع نواحي الحياة وان النجاح والتفوق فيها يرتبط ارتباطا قويا بتكوين شخصية الطالب حاليا ومستقبلا. واهمية هذا السبب تكمن في انه المسؤول عن توليد الدافع الذاتي للطالب نحو الدراسة ومعلوم انه كلما ازداد الدافع الذاتي لدى الطالب نحو الدراسة ازدادت قدرته على تخطي الصعاب التي قد يواجهها اثناء مسيرته التعليمية وسوف يكون باستطاعته ان يحافظ على تفوقه حتى لو ضعفت الاسباب الاخرى فمثلا لو فرضنا عدم توافر الظروف الاسرية المناسبة او لم يتوافر للطالب مدرس متمكن فانه من خلال الايمان بأهمية الدراسة ووجود الدافع الذاتي نحو التفوق يستطيع الطالب ان يتغلب على ذلك النقص الذي حصل له في ظروفه الاسرية او في المستوى المتواضع للمدرس ويستطيع كذلك التغلب على كثير من الظروف الاخرى ويحافظ على تفوقه. وهنا تقع مسؤولية كبيرة على المدرسة وعلى اولياء الامور وعلى المجتمع في تعزيز ايمان الطلاب بهذا السبب والذي هو بحق من اهم الاسباب فكم من طالب ضاقت به الظروف الصعبة واستطاع التغلب عليها بسبب ايمانه القوي بأهمية الدراسة وانها هي التي سوف تخرجه من ظروفه الصعبة. وكم من طالب توافرت لديه افضل الظروف ولكنه فشل في دراسته بسبب انعدام الدافع الذاتي نحو الدراسة. 3- الاستقرار الاسري سواء من حيث العلاقات بين افراد الاسرة او من حيث المستوى الاقتصادي لها. فالاستقرار الاسري ينعكس بشكل مباشر على الحالة النفسية للطالب وهذه الحالة النفسية تنعكس بشكل مباشر على مستواه الدراسي لذلك نرى التربويين دائما يوصون الآباء بأن يحرصوا على اشاعة الجو الاسري المستقر في البيت، ذلك الجو المليء بالحب والحنان والثقة والمرح والعلاقات القوية والخالي من التوترات والخلافات وفي حالة حصول اي خلاف وخاصة بين الابوين فان التوصيات التربوية تتركز حول ضرورة المبادرة في حلها مع المحافظة قدر الامكان على مستوى الاستقرار الذي يضمن عدم شعور الابناء بالخوف من نتائج هذا الخلاف. 4- المتابعة المستمرة من قبل اولياء الامور، ويستطيع ولي الامر ان يتابع ابنه بطرق شتى، فمنها الكشف الدوري المنتظم عن دفاتر الطالب وكل ما تحتويه حقيبته ومن خلال ذلك يستطيع الاطلاع على الكثير من نقاط القوة والضعف لدى ابنه وكذلك يستطيع الاطلاع على ملاحظات المدرسين اولا بأول. وتختلف حاجة كل طالب لهذا الكشف بحسب المرحلة او الصف الذي يدرس فيه فطالب المرحلة الابتدائية وبالخصوص اذا كان من طلاب الصفوف الدنيا يحتاج يوميا لهذا النوع من المتابعة. ومن طرق المتابعة متابعة الطالب اثناء اداء واجباته المنزلية ومذاكرته وهذه ايضا تختلف بحسب المرحلة والصف الذي يدرس فيه الطالب. ومن المتابعة ايضا الاتصال بالمدرسة وزيارتها للسؤال عن الطالب وحضور اجتماعاتها. 5- تنظيم الوقت واستغلاله بحيث يستطيع الطالب ان ينجز واجباته المدرسية من كتابة وفهم وحفظ ويستطيع ايضا ان يلبي حاجاته من اللعب والترفيه والراحة ومن اهم ما يتعلق بهذه النقطة هو النوم المبكر فلا يتوجه الى المدرسة صباحا الا وقد اخذ كفايته من النوم، وفي العادة فإن الطالب يحتاج الى تدخل من ولي أمره لكي ينظم وقته ومسؤولية ولي الامر في هذه النقطة مسؤولية كبيرة. 6- خلق روح التنافس بين الطلاب وتشجيعهم على بذل المزيد من الجهد عن طريق تكريم المتفوقين على مستوى المدرسة وعلى مستوى القطاع وعلى مستوى المنطقة وهنا يأتي دور المدرسة ودور المسؤولين في ادارة التعليم ونحن هنا في المنطقة الشرقية يحظى طلابنا المتفوقون برعاية كبيرة ومميزة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية من خلال جائزة سموه السنوية للتفوق العلمي والتي هي اهم واكبر مهرجان لتكريم المتفوقين. فشكرا لسموه على هذه الرعاية الكريمة والتي قد وضح اثرها على الطلاب والطالبات منذ انطلاقتها قبل خمسة عشر عاما ونرجو ان تتحقق من خلال هذه الجائزة الكريمة تطلعات سموه لابنائه الطلاب فيغدو الوطن بهم زاهرا وبعطائهم مزدهرا. فوزي منصور آل يحيى مرشد طلابي بمدرسة القطيف المتوسطة