رشح الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس - أبو مازن - لتولي منصب رئيس الوزراء في السلطة الوطنية الفلسطينية. وحيث إن محمود عباس هو الرجل الثاني في هيكل الزعامة الفلسطينية بعد ياسر عرفات، فهو يحظى بتقدير بين الفلسطينيين. وقد ولد محمود عباس عام 1935 في بلدة الصفد في فلسطين تحت الحماية البريطانية، وهو أحد المؤسسين القلائل الذين لا يزالون على قيد الحياة من حركة فتح - الجماعة السياسية الرئيسية في منظمة التحرير الفلسطينية. ويتمتع أبو مازن بثقافة رفيعة، إذ درس القانون في القاهرة قبل أن يحصل على الدكتوراة في موسكو. وهو مؤلف لعدة كتب. وفي منفاه بقطر في أواخر الخمسينيات، اشترك في تجنيد مجموعة من الفلسطينيين من أجل القضية، حيث صاروا بعد ذلك شخصيات بارزة في منظمة التحرير الفلسطينية. دور أمني وقد شارك الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في تأسيس حركة فتح، كما شاركه منفاه في الأردن ولبنان وتونس. ومنذ الأيام الأولى للحركة، حظي أبو مازن بالاحترام بسبب سيرته النظيفة وأسلوب حياته البسيط. ورغم أنه فضل دائما البقاء بعيدا عن الواجهة، فقد بنى أبو مازن شبكة من الصلات القوية تشمل زعماء عربا، ورؤساء أجهزة استخبارات. وقد مكنه هذا من أن ينجح في جمع التمويل لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأن يتولى دورا أمنيا هاما في بداية السبعينيات، قبل أن يعين رئيسا لقسم العلاقات الداخلية والخارجية في المنظمة عام 1980. وكان أبو مازن المحسوب ضمن البراجماتيين أحد الذين بدأوا الحوار مع اليسار اليهودي وحركات الباسيفيين (دعاة السلام) في السبعينيات وفي الأوقات الصعبة التي سبقت بدء المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. ويعتبر أبو مازن على نطاق واسع مهندس عملية سلام أوسلو، وقد رافق عرفات إلى البيت الأبيض عام 1993 لتوقيع اتفاقات أوسلو. وفيما يخص الانتفاضة الفلسطينية الحالية، دعا أبو مازن إلى وقف أي هجمات مسلحة على أهداف إسرائيلية لتجنب إعطاء إسرائيل مبررا لتدمير آخر مظاهر الحكم الذاتي الفلسطيني. وحسب مضبطة اجتماع مغلق لفتح في نهاية السنة الماضية، قال أبو مازن إن الوقت قد حان لمحاسبة النفس. وحسب محضر الاجتماع قال أبو مازن: علينا... أن نسأل أنفسنا، لا بجلد الذات، بل بمراجعة الأخطاء التي ارتكبناها، في أي طريق نسير. عودة الفلسطينيين وبالنظر إلى مولد أبو مازن في الصفد في الجليل - التي صارت الآن في شمال إسرائيل - يقال إنه يتبنى رؤية متشددة بخصوص عودة اللاجئين الفلسطينيين، وقد تولى في آخر تشكيل للسلطة الوطنية الفلسطينية ملف اللاجئين. وتتلخص رؤيته في أنه يجب أن ينال الجميع حق العودة، لكن عندئذ يجب أن نجلس سويا ونناقش التفاصيل التي لا بد من الاتفاق عليها بشكل ثنائي يقبله الطرفان. ورغم أن (أبو مازن) ليس شخصية كاريزمية وليس له دوائر سياسية تدين له بالولاء، فسوف يكون الاختيار الأكثر احتمالا في أي انتخابات رئاسية في حركة فتح التي تحرص بشدة على التوحد خلف مرشح واحد. ويقول محللون إن فتح التي لا تزال أقوى فصيل داخل منظمة التحرير الفلسطينية ستلعب دورا هاما في اختيار أي خليفة لعرفات، فهي في النهاية تتحكم في البنية السياسية الأساسية وستكون الأكثر قدرة على تحريك المؤيدين. وكعضو بارز في القيادة الفلسطينية يحظى بالاحترام إقليميا ودوليا، فسوف يمثل أبو مازن استمرارية وسيكون مقبولا لأغلبية كاسحة من الفلسطينيين. لكن محمود عباس لم يعد في أحسن حالاته الصحية، ولا يتوقع أن يتمتع بمثل ذلك الدور. محللة في شؤون الشرق الأوسط