انهت العملية الاستشهادية في مدينة حيفا شمال اسرائيل يوم امس الاول والتي اوقعت 15 قتيلا اسرائيليا وحوالي 40 جريحا بعضهم في حالة خطرة (ايا كانت الجهة التي تقف وراءها ) هدنة غير معلنة من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية دامت اكثر من شهرين.ورغم فشل سلسلة حوارات القاهرة بين فصائل المقاومة الفلسطينية خصوصا ما بين حركة(فتح) بزعامة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات من جهة ، وحركتي المقاومة الاسلامية (حماس) و(الجهاد الاسلامي) اللتان عرفتا بعملياتهما الدامية داخل اسرائيل من جهة اخرى. ورغم اصرار العديد من فصائل المقاومة بما فيها (كتائب شهداء الاقصى) التابعة لفتح على استمرار تنفيذ الهجمات ضد اهداف اسرائيلية بما في ذلك داخل اسرائيل الا ان التوقف التام عن تنفيذ مثل هذه العمليات منذ عملية تل ابيب في شهر يناير الماضي والتي اوقعت 23 قتيلا اسرائيليا يشير الى استجابة هذه الفصائل ولو بشكل ضمني للضغوط التي تتعرض لها السلطة الفلسطينية من قبل المجتمع الدولي لوقف المقاومة. كما عكست هذه الهدنة غير المعلنة تفهم فصائل المقاومة الفلسطينية لمخاوف السلطة الفلسطينية الجدية من اقدام الحكومة الاسرائيلية الجديدة التي شكلها رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون من غلاة اليمين المتطرف في اسرائيل على استغلال انشغال العالم بالحرب الوشيكة في منطقة الخليج للقيام بعمليات دراماتيكية كتنفيذ حل شارون الذي انتظره طويلا بطرد عرفات وانهاء السلطة الفلسطينية وطي صفحة (اوسلو) نهايئا والشروع بتنفيذ حل سياسي على مقاس اليمين. الا ان استمرار العمليات العسكرية الاسرائيلية واسعة النطاق في الاراضي الفلسطينية وما يرافقها من مجازر كان آخرها مجزرتان في يومين متتاليين ارتكبتهما القوات الاسرائيلية الاسبوع الماضي في قطاع غزة وراح ضحيتهما نحو 20 مدنيا فلسطينيا بينهم اطفال ونساء وهدم عشرات البيوت في الضفة الغربية وقطاع غزة لم تترك خيارا امام فصائل المقاومة سوى استئناف هجماتها ضد اسرائيل بما فيها الاستشهادية رغم ما تثيره من ردود فعل سلبية من قبل المجتمع الدولي. و كان من السهل على اي مراقب فهم المعادلة خلال الشهرين الماضيين حيث هناك وقف شبه شامل لاطلاق النار من قبل الفلسطينيين بما في ذلك داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967 . قابله في الاتجاه الآخر تصعيد اسرائيلي غير مسبوق خلف عشرات الشهداء ومئات الجرحى ودمر البلدة القديمة في نابلس واحياء كاملة في الخليل وعمليات اجتياح شبه يومية لجنين وطولكرم وقلقيلية وتشريد مئات العائلات في غزة بعد هدم منازلها وتشديد الحصار على كل مدينة وقرية ومخيم0 ويرى مراقبون ان هذا الوضع قد دفع المسؤولين الفلسطينيين وعلى رأسهم عرفات الى الصراخ في وجه ممثلي اللجنة الرباعية الدولية الاوروبية ( ميغيل موراتينوس والروسي اندريه فيدوفين وممثل السكرتير العام للامم المتحدة تيري لارسن) الذين باتوا ضيوفا دائمين ووحيدين على مكتبه والتحذير من ان الجيش الاسرائيلي يرفع من وتيرة عملياته العسكرية وان شارون يقترب من تنفيذ اجندته المؤجلة كلما اقترب موعد الحرب المحتملة في الخليج بينما المجتمع الدولي لا شاغل له سوى تعيين رئيس للوزراء في السلطة الفلسطينية. وعلى الرغم من التأخر في الاعلان عن الجهة التي تقف وراء عملية حيفا الا ان (حماس) سارعت الى الترحيب بها على لسان القيادي البارز فيها عبدالعزيز الرنتيسي والذي قال : ان المسؤول عن هذه العملية هو الشعب الفلسطيني الذي يذبح في كل مكان. وعزا الرنتيسي توقف العمليات خصوصا الاستشهادية ضد اسرائيل خلال الشهرين الماضيين الى عقبات تواجه المجاهدين بسبب العمليات العسكرية والاجراءات الاسرائيلية الواسعة في كل الاراضي الفلسطينية رافضا الاقرار بوجود هدنة معلنة او غير معلنة. وكرر القيادي في (حماس) رد الحركة الملازم لكل عملية ومفاده ان المقاومة شريعة الاحتلال فقد تطرأ عقبات تمنع تنفيذ عمليات لكن عندما يتأقلم المجاهدون مع هذه العقبات تستأنف المقاومة وهي مستمرة طالما بقي الاحتلال. غير ان المحلل السياسي واستاذ العلوم السياسية فى جامعة بير زيت علي الجرباوي يرى ان عملية حيفا هي بالفعل نهاية لهدنة غير معلنة غير مفيدة في الحالة الفلسطينية. وفي المقابل تجتهد اسرائيل مع كل توقف او انخفاض في وتيرة العمليات الفلسطينية لاثبات ان سبب هذا التوقف يعود فقط للعمليات التي ينفذها الجيش الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية والتحدث دوما عن احباط عمليات ينوي فلسطينيون تنفيذها لتبرير عملياتها الواسعة في الاراضي الفلسطينية ومحاولة لاعتراض اي ضغوط دولية عليها. وقال الجرباوي ان الجانب الفلسطيني بالمقابل فشل في الاستفادة من عدة هدنات غير معلنة سابقا في بناء موقف سياسي خارجي مؤيد للفلسطينيين واصبحت الهدنة واستمرار العمليات امرين متساويين. جانب من تفجير الحافلة الاسرائيلية في حيفا