ضيفنا اليوم متعدد الاهتمامات في مختلف المجالات .. لديه رؤية واضحة حول أمور كثيرة تشغل بال كل فئات المجتمع . لكل سؤال عنده جواب مقنع لأنه صادر عن تجربة ومعايشة .. عاصر بدايات مراكز التدريب والإعداد المهني وكليات التقنية . عاش في اليابان، أمريكا، ألمانيا، بريطانيا، فأتقن أكثر من لغة وتعمق في عادات وتقاليد تلك المجتمعات دون أن ينسى حي الكوت بالأحساء. لضيفنا عبداللطيف العرفج آراء في التدريب والتأهيل والتوظيف والإدارة والزواج المبكر وشركات توظيف الأموال وينادي بتدريس الحوادث المرورية في مدارسنا فإلى سطور الحوار ... مشوار حياتي بإيجاز @ اليوم: قبل الدخول في تفاصيل مشواركم الطويل، نود تزويد القارىء بجرعات تمهيدية لفتح الشهية . العرفج: عبداللطيف بن أحمد محمد العرفج، من مواليد حي الكوت الشهير بالأحساء عام 1364ه لي من الذرية والحمد لله ست بنات وولدان : محمد يعمل بجامعة الملك فيصل، أحمد يعمل بأرامكو، منال خريجة لغة عربية، نسرين خريجة لغة إنجليزية، والصغيرات مازلن في مراحل الدراسة المختلفة . درست بمدرسة الهفوف الأولى الابتدائية، واصلت الدراسة حتى حصلت على دبلوم المعهد الثانوي الصناعي ثم التحقت بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالرياض عام 1385ه ثم إلى مركز التدريب بالدمام. ثم ابتعثني المركز عام 1968م لألمانيا لمدة سنتين ونصف فعدت بالدبلوم وعملت مشرفاً فنياً تم ابتعاثي مرة أخرى لتكملة الدراسة ببريطانيا لسنة دراسية كاملة تسبقها ستة أشهر لغة. وبعد العودة توليت منصب مساعد مدير مركز التدريب بالدمام، ثم مدير مركز الإعداد عام 1390ه ثم مدير مركز تدريب الدمام 1396ه، وبعد ثماني سنوات تم نقلي إلى مركز الأحساء مديراً عاما 1408ه حتى تقاعدت في هذه السنة 1423ه بعد خدمة قاربت أربعين سنة اعتز بكل لحظة فيها . دورات خارج المملكة @ اليوم: ابتعثت للدراسة أكثر من مرة فهل وجدت فرصة لحضور دورات قصيرة خارج المملكة ؟ العرفج: أول دورة كانت باليابان وموضوعها الإشراف الإداري تلتها دورة في أمريكا 1398ه تقريبا وكان معي مدير مركز الرياض ومدير مركز القصيم وكان موضوع الدورة التعليم الإفرادي، وهذا النوع من التعليم يعني أمرين: الأول الدراسة حسب متطلبات سوق العمل، والثاني إتاحة الفرصة للدارس المتميز لينطلق دون ارتباط بزملائه حيث يمكن تقديم كل التسهيلات له ليتخرج ويعمل قبل دفعته وزملائه ما دام قادراً على الاستمرار . وعدت مرة أخرى إلى أمريكا حيث قضيت شهراً لدراسة الإشراف التربوي. بالإضافة لهذه الدورات زرت القاهرة مرتين لا للدراسة ولكن للتعاقد مع مدرسي تدريب وقد أتيحت لي الفرصة لأزور العديد من المعاهد الصناعية لأختار بنفسي مدرسين متميزين من موقع العمل وبالفعل حددت عدداً كبيراً منهم إلا أن ادارات المعاهد لم توافق على منحي كل هذا العدد الذي طلبته فعدت ومعي مجموعة طيبة من المدرسين في مختلف التخصصات كانت المرة الأولى عام 1406ه والثانية عام 1412ه . مكافح .. صبور .. عطوف @ اليوم: ومن الموجز ننتقل بكم إلى التفصيل بدءاً بالطفولة . العرفج: كان الوالد مثالاً للكفاح والصبر والمثابرة حتى بلوغ الهدف مما جعله قدوة حسنة لي ولكل ذريته. لم يكن موظفاً في الدولة بل عمل طوال حياته متسبباً ومن أبرز صفاته العطف حيث كان شديد العطف والحنان علينا وعلى غيرنا أيضا والشواهد كثيرة. لي من الشقيقات عشر مع أخ غير شقيق وكلنا غمرنا الوالد بعطفه وحنانه المزروع فينا جميعاً حتى الآن وسنورثه لمن بعدنا . بيتنا في الكوت كان بجوار جامع الشيخ أحمد السيد. وفي عام 1373ه انتقلنا إلى بيت آخر عند مسجد الشيوخ جوار الإمارة ولو عدنا إلى الجذور حسب روايات الوالد والأجداد فإن اصل العرفج من عنيزة الشمال ونزح كثير منهم إلى بعض مناطق المملكة واستقروا بها ومن بينها المنطقة الشرقيةوالأحساء تحديداً. ومعظمهم أصحاب أملاك يعملون بالزراعة وعندما ظهرت الوظائف الحديثة في أرامكو وغيرها التحقوا بها ومنهم الآن أطباء ومهندسون ومعلمون وغير ذلك . ذكريات المدرسة الابتدائية @ اليوم: المدرسة محطة لا تنسى فمن تتذكر من زملائك ومعلميك ومديري المدارس التي درست بها ؟ العرفج: في الهفوف الأولى الابتدائية كان مديرنا الأستاذ ابراهيم حسين ومن المعلمين أتذكر الأستاذ محمد بن عبدالعزيز العرفج والأستاذ عبدالعزيز الدرويش والأستاذ أحمد المسلم والأستاذ خالد الخالدي ومدرس الرياضيات الأستاذ أحمد النعيم. أما زملاء الدراسة فكثيرون يصعب حصرهم بالأسماء أذكر منهم أحمد بن عبدالرحمن العمير وعبداللطيف العبدالله . @ اليوم: أول موقف مع مدرس مازال عالقاً بالذاكرة . العرفج: كانت أقسى عقوبة في أيامنا إخراج الطالب وإيقافه أمام الصف حتى يحس من داخله بالخطأ فلا يكرره. وذات مرة أخرجني أستاذ فلسطيني اسمه خضر ولما لم أكن بطبعي مشاغباً أحسست بألم شديد لم أحتج ولكن الإحساس بالظلم ظهر على ملامح وجهي الصغير ! عندئذ تراجع الأستاذ عن قراره وبحث أكثر حتى عثر على المخطئ الحقيقي فأخرجه واعتذر لي وأعادني إلى الصف معززاً مكرماً . @ اليوم: كيف كان الثواب والعقاب عندما كنتم طلاباً في المدارس ؟ العرفج: كان تعامل المدرسين معنا تعاملاً أبوياً فيه الكثير من العطف وكنا نحبهم حباً حقيقياً ونحترمهم كثيراً لذا لم يكن العقاب يتجاوز عقاب الوالد وكان المخطئ يقبل بالعقاب راضياً ولا يشكو أو يتذمر. أما الثواب فكان كله ثناء وتشجيعاً معنوياً داخل الفصل أو الطابور العام، كانت هناك إشادة بالسلوك الحسن ومن يتصف به، أما الجوائز المادية وشهادات التقدير والحوافز المماثلة فلم تكن معروفة في أيامنا. @ اليوم: وماذا استفدتم من المدرسة غير المهارات التقليدية من قراءة وكتابة وحساب وغيرها ؟ العرفج: اكتسبنا من معلمينا الجدية حيث كانت نظرتهم إلى الحياة كلها نظرة جادة. بالطبع لا يعني هذا إنهم كانوا عابسين صارمين بل كانوا رقيقين معنا وقريبين منا ولكن بجدية فمن خلال صلواتهم كنا نحس أن الصلاة أمر في غاية الجدية وأن الخشوع هو الأساس. إذا دخلوا الفصل لتعليم حرف يجعلونك تحس أن كل المدرسة بنيت لتعليم هذا الحرف. وكنا نقتدي بهم في كل ما يفعلون حتى خرجنا إلى الحياة نؤمن بالجدية قولاً وعملاً ونطبقه في حياتنا . إضافة إلى هذه الجدية كان الاحترام متبادلاً بيننا ولو رآك أي معلم خارج سور المدرسة في وضع لم يعجبه يستدعيك في الحال ويشرح لك الخطأ والصواب ثم يتركك تتخذ القرار، فمثلاُ إذا وجدك في الشارع في وقت القيلولة يوجهك بالعودة إلى البيت، أو رآك تلعب وقت الأذان يدعوك لتتوجه إلى المسجد، أو وجدك مع شخص قد يؤثر عليك سلباً ينصحك بالابتعاد عنه ... هكذا كانت أبوة المعلمين لذا كنا نحترمهم ونقدر حرصهم علينا ونطيعهم كما نطيع آباءنا . @ اليوم: ... المواد الدراسية ؟ العرفج: أنا شخصياً كنت أحب المدرسة والمدرسين والمواد الدراسية ولكني مع حبي لأستاذ المادة كنت في المرحلة الابتدائية أنظر لمادتي الجغرافيا والتاريخ كمواد صعبة. وهكذا حتى أنهيت الدراسة بالمرحلة الابتدائية عام 1376ه وكانت النتائج تذاع عبر الراديو بعد صلاة العشاء بصوت المذيع حسين النجار صاحب الصوت الرخيم المتميز. مجلس أسرة العرفج @ اليوم: مجالس الأسر من التقاليد العربية والأصيلة وللأحساء منها نصيب وافر، فأين كان مجلس العرفج ؟ العرفج: عندما كنت صغيراً أذكر هذا المجلس وأذكر جيداً اجتماعات الأسرة في بيتنا وفي بيت العم حسين، وكان رجال وشباب الأسرة يأتون باشتراكات رمزية زهيدة لا تتجاوز أربعة أو خمسة ريالات يجمعونها للمحتاج.والعرفج من أوائل الأسر التي فكرت في عقد هذه المجالس التعاونية فهي وإن كانت بسيطة في تكوينها إلا أن دورها كبير في لم شمل الأسرة ومساعدة المحتاج منها وفي عملية التواصل الاجتماعي بين أفراد الأسرة الواحدة .. وباتصال هذه الأسر ببعضها يحدث تكاتف اجتماعي شامل أصبحنا نفقده في الآونة الأخيرة . ومما أذكره في طفولتي أن أسرة العرفج كانت تناقش توجيه جزء من المبالغ المجتمعة لشراء أسهم في إحدى الشركات ويبدو أن الفكرة تم تنفيذها ولكن المبلغ بكاملة سحب لمواجهة مرض أحد أفراد الأسرة .. ولا تحضرني الآن التفاصيل الجزئية الدقيقة ولكن هذا ما حدث. @ اليوم: وهل كان للمجلس أمين صندوق ؟ العرفج: نعم كان أمين الصندوق أحمد بن عبدالرحمن العرفج يرحمه الله ولا يزال المجلس موجوداً وأمين الصندوق الحالي هو إبراهيم بن عبدالرحمن والخدمات طيبة والحمد لله . إلى الثانوية الصناعية @ اليوم: الثانوية الصناعية التي انتقلت إليها بعد نجاحك أين وكيف كانت ومن مديرها ؟ العرفج: كانت في منطقة الجرن عبارة عن عمارة مقابل بيت بدر القصيبي الحالي. وعدد الطلاب لم يكن كبيراً واعتقد أن صفي كان به(13) فقط أذكر منهم خالد الحمد وعبدالعزيز المرجان والعجب ومطلق والبواردي والغشام . مدير المدرسة في بداية التحاقنا كان من أهل الحجاز ثم جاء بعده المقرن أو المقيرن لست متأكداً تماماً . وكانت مدة الدراسة خمس سنوات . @ اليوم: والتخصص، والمكافأة ؟ العرفج: كانت الدراسة النظرية في فصول بالطابق الثاني، أما التدريب العملي فكان في الطابق الأرضي. وكانت مكافأة الدراسة (150) ريالاً لكل طالب خلال فترة الدراسة وهذه المكافأة استمرت حتى تخرجنا ولم تتعرض لزيادة أو نقصان. بالنسبة للتخصص اخترت البرادة لانها أشمل الأقسام فيها الرسم الفني وفيها أساسيات التكنولوجيا وغير ذلك من التدريبات الهندسية نظرياً وعملياً. وكانت توجد تخصصات أخرى مهمة في ذاك الوقت كالدهان والنسيج بالإضافة للتخصصات المعروفة مثل الميكانيكا والنجارة والحدادة واللحام . @ اليوم: ألم تكن هناك مراحل دراسية أو ثانويات أكاديمية ؟ العرفج: بلى .. كانت هناك ابتدائية ثم متوسطة ثم ثانوية كما هي الآن لأولئك الذين يريدون مواصلة دراستهم دون الالتحاق بأي عمل . أما المسار الفني فكان يختلف قليلاً حيث كان الطالب ينتقل من الابتدائية مباشرة إلى مرحلة تسمى ثانوية صناعية تجمع بين المرحلتين المتوسطة والثانوية إضافة إلى التدريب العملي في فترة زمنية إجمالية تبلغ خمس سنوات متصلة. ثم تطور الأمر حتى الوضع الموجود حالياً وكان يشرف على التعليم الصناعي في زمننا الدكتور المطبقاتي في وزارة المعارف وسبقه مصري اسمه بَشَنِدءي. ولم يكن للتعليم الفني أو الصناعي آنذاك أية علاقة بتعليم الأحساء . @ اليوم: والتخصصات الأخرى غير الثانوي والصناعي ؟ العرفج: كانت هناك معهد المعلمين أيضا للراغبين . @ اليوم: هل كنت في صغرك لديك ميول معينة انتهت بك إلى دراسة الميكانيكا أو الالتحاق بالمدارس الصناعية رغم وجود الثانوية ومعهد المعلمين ؟ العرفج: نعم، كنت منذ الصغر مولعاً بالفك والتركيب ودون تخطيط مسبق وجدت أن هذا الولع كبر معي حتى أوصلني إلى المدارس الصناعية ثم الدراسة المتخصصة في نفس المجال. الانتماء لحي الكوت @ اليوم: والهوايات والألعاب ؟ العرفج: كانت حصة الرياضة في المدرسة حصة رسمية فيها من الجدية ما في كل الحصص. وكنا نلعب كرة القدم والألعاب الأخرى في ساحة المدرسة . @ اليوم: أي رياضة أحببتها ؟ العرفج: كرة القدم @ اليوم: الخانة المفضلة في الملعب ؟ العرفج: في الوسط وأحياناً في حراسة المرمى .. يعني لاعب شامل . @ اليوم: هل كان نادي هجر قائماً في تلك الفترة ؟ العرفج: لا أذكر بالضبط . @ اليوم: هل هذا نوع من التعصب لحي الكوت فقط دون غيره؟ ولماذا هذا العشق للكوت؟ العرفج : ليس تتعصباً ولكنه نوع من الانتماء والألفة . @ اليوم: مثلاً لو توفرت لك كل مقومات الحياة في حي آخر أو منطقة أخرى هل أنت مستعد لاستبدالها بالكوت ؟ العرفج: الكوت التي نشأنا فيها وعشقناها ليست موجودة الآن إلا اسماً .. تغير المكان وتغير الزمان وتغير الإنسان وتغيرت الطباع كما أن التوسع التجاري جعل بعض أهل الكوت يغادرونها إلى غيرها، وهذا الانتقال ليس جديداً بل بدأ منذ فترة طويلة حينما لم تكن هناك وسائل انتقال كافية بين مقر الأسرة ومصدر الرزق، في هذه الفترة رحل البعض إلى حيث تيسرت لهم أسباب الرزق كحل لمشكلة صعوبة الانتقال ثم نمت أسرهم وعائلاتهم هناك . @ اليوم: حاول أن ترسم لنا خط سيرك اليومي من منزلكم إلى مقر المعهد الصناعي الذي لازمته خمس سنوات . العرفج: من الكوت أسلك طريق السكك المؤدية لعمارة السبيعي ثم أدخل الشارع المؤدي لمحل القصيبي (بيت بدر القصيبي الحالي) مروراً ببيت المهنا. وكل هذا الطريق كان عامراً بالبيوت وبين هذه البيوت يباع الحطب. وبعض البيوت أزيلت من قبل البلدية لفتح الشوارع حوالي بين عامي 1379 1387ه وكان رئيس البلدية العم ابراهيم بن محمد العرفج. ولا أعرف بالتحديد من كان قبله ولكن أتى بعده البداح . Put.Donشt Take @ اليوم: كيف كان التحاقك بمراكز التدريب، وهل كانت لديكم أية خيارات أخرى أم تم تحويلكم فوراً إلى المراكز ؟ العرفج: كانت الفرص أمامنا كثيرة في وزارة الدفاع، وزارة المعارف، وزارة العمل، وغيرها وكان من الضروري أن يعقد لك اختبار نظري وعملي قبل التوظيف كان أستاذي المشرف على اختباري اسكوتلندياً ظريفاً في تعامله. ومما قاله لي كدعابة ونصيحة إن الاسكوتلنديين موصوفون بالبخل ومن أمثالهم في التعامل مع البنوك onlyput,donشt take والمعنى: عندما تذهب إلى البنك لا تسحب نقوداً بل زد على الرصيد دون أن تأخذ منه. مارأي القراء في هذه السياسة الادخارية من أستاذي كونان ماكدونالز . المهم في خاتمة المطاف التحقنا بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية وبهذه المناسبة فقدنا عشر سنوات من الخبرة ومستحقاتها وتوابعها في إجراءات متعلقة بين وزارتي العمل والمالية لأننا بدأنا العمل بموجب عقد موقع بين الطرفين وظللنا نطالب ونطالب حتى تقاعدنا دون الوصول لحل .. لست وحدي بالطبع فنحن (72) على مستوى المملكة من دفعات متتالية أذكر منهم زملائي سعد الدوسري وإبراهيم فلاته وعادل الكعبور ومنصور القحطاني . @ اليوم: وكيف كانت المرتبات ؟ العرفج: أول راتب تقاضيته ستمائه ريال والعلاوة السنوية عن السنة الأولى مائة ريال . @ اليوم: كم عملت في الرياض بعد التعيين ؟ العرفج: عملت في الرياض سنتين وعند تأسيس مركز الدمام اختير له أستاذنا الاسكتلندي ماكدونلز وشخصي وأحمد الماجد وأحد المترجمين كان ذلك حوالي 1389ه . إنشاء مركز الدمام @ اليوم: أين كان هذا المركز ؟ العرفج: في العدامة بجوار قصر الملك سعود، وكان المبنى مستأجراً من واحد من أهل الدمام اسمه علي الديدي، يضم ورشة ومبنى للإدارة مع المنافع. @ اليوم: من كان مديركم ؟ العرفج: الأستاذ أحمد بن علي الماجد . @ اليوم: ....... والمعدات ؟ العرفج: من لندن . @ اليوم: منظمة العمل الدولية، هل كان لها دور ؟ العرفج: نعم ولكن كان دورها إشرافياً فقط. كانت رئاستها في السويد ولديها مكتب متكامل في لندن. عندما تأتينا المعدات نقوم بتخليصها من الجمارك ونركبها. وكان يأتينا عند التركيب خبير مقيم في الرياض مع فريق عمل لتقديم الخبرة لكل مراكز المملكة. @ اليوم: ألم تستعينوا بخبرات سعودية غير أكاديمية ؟ العرفج: أجل كان هناك خبراء سعوديون لا يحملون أكثر من الشهادة الابتدائية ولكنهم عملوا في أرامكو منذ إنشائها واكتسبوا خبرات طيبة في مختلف المجالات أذكر منهم الأستاذ سعيد الغامدي الذي كان مدرساً مدرباً بقسم اللحام .. وتدريجياً أصبحت وزارة العمل تعين من خريجي مراكز التدريب المتميزين مدرسين ومدربين في نفس المراكز كما يحدث في الجامعات التي تعين أميز خريجيها ليعلموا كمعيدين @اليوم: وأين يذهب باقي الخريجين ؟ العرفج: معظمهم تطلبهم أرامكو وأذكر منهم الآن علي الخميري من صفوى الذي يحتل موقعاً متميزاً في قسم السباكة بأرامكو. كما كان بعض خريجينا يتجهون لقطاعات الدولة خاصة العسكرية منها. ولعل في ردي هذا إجابة للسؤال المطروح دائماً أين خريجو مراكز التدريب منذ إنشائها ؟ @ اليوم: هل بدأتم قبول الطلاب فور افتتاح المركز ؟ العرفج: الاستعداد وتهيئة المكان وإعداده لاستقبال الطلاب أخذ منا ستة أشهر بدأنا بعدها في استقبال الدفعة الأولى من الطلاب . @ اليوم: كم كان عددهم ؟ العرفج: ما بين 35 و40 في ثلاثة أقسام . @ اليوم: ما الشهادة المطلوبة للقبول ؟ العرفج: الأساس إكمال الصف السادس الابتدائي ولا مانع من قبول من أكمل الرابع الابتدائي إذا توفرت فيه مزايا أخرى كحب العمل المهني أو إتقان بعض المهارات الأساسية المطلوبة في طالب المعهد الصناعي . @ اليوم: وكم كانت المكافأة ؟ العرفج: مائتان وخمسون ثم تطورت تدريجياً . بين الدماموالأحساء @ اليوم: ومتى كان افتتاح مركز الأحساء ؟ العرفج: عام 1395 ه . @ اليوم: لماذا اختيرت الدمام دون غيرها من مدن الشرقية لتكون أول مدينة ينشأ فيها مركز تدريب ؟ العرفج: صاحب الاختيار هو أحمد الماجد وبما أنه من منطقة الأحساء، وبما أن الأحساء مشهورة بالحرف اليدوية التي تتطلب مهارات فنية، وبما أن أهل الأحساء رجالا ونساء يتقنون كثيراً من الحرف اليدوية، فإن كل الأنظار اتجهت إلى الأحساء ليفتتح بها أول مركز في الشرقية. ولكن الأستاذ أحمد الماجد كانت له وجهة نظر أخرى بعيدة المدى لا تنحصر في التأهيل بل في التوظيف بعد التخريج. لذا اختار الدمام لكونها الأقرب لأرامكو. @ اليوم: هل هو صاحب القرار ؟ العرفج: هو صاحب الاختيار وليس القرار، ولكن لأن اختياره كان صائباً ويتناسب مع توجهات الدولة في توزيع المراكز لتحقيق أهداف تنموية فقد اقتنع صناع القرار باختيار الماجد وقاموا بتنفيذه . مدربون وخبراء سعوديون @ اليوم: ماذا كانت طبيعة عملك في مركز الدمام ؟ العرفج: عند افتتاح المركز كنت مدرب قسم البرادة كعمل أساسي وأضيف لي قسم السيارات لعدم وجود مدرب متخصص فيه فقط كان فيه خبير سويدي يزورنا من وقت لآخر وأقوم بالتدريب في باقي الأيام وظل الوضع هكذا حتى جاءنا مدرب سعودي متخصص في قسم السيارات فتفرغت لتخصصي. @ اليوم: خبير يمر على مراكز المملكة ؟ العرفج: لا. لكل مركز خبيرة والرئاسة في الرياض حيث يجتمع كل الخبراء لمختلف التخصصات، عفواً لم يكن الخبير واحداً بل لكل تخصص خبير فمثلاُ قسم اللحام كان فيه خبير ألماني وفي السيارات خبير سويدي .. ...الخ حتى تخرج أبناء الوطن واستلموا مواقعهم . @ اليوم: وأين يتم تأهيل السعوديين ليكونوا خبراء ؟ العرفج : يتم ابتعاثهم وخاصة إلى بريطانيا. @ اليوم: ومن يسد الفراغ الذي يحدثونه بغيابهم عن المراكز ؟ العرفج: الاحتياطيون موجودون وهم يبذلون جهداً مضاعفاً ليثبتوا وجودهم وتكون لهم الأولوية في الابتعاث القادم . وهكذا نجد أن العمل لم يتوقف إطلاقاً . مراكز الإعداد المهني @ اليوم: هل كانت المراكز تابعة لوزارة المعارف ؟ العرفج: المراكز منذ إنشائها تابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية . @ اليوم: وكم عددها على مستوى المملكة ؟ العرفج: ستة وثلاثون مركزاً . @ اليوم: ومراكز الإعداد المهني ؟ العرفج: مراكز الإعداد المهني وعددها (15) على مستوى المملكة أنشأتها منظمة اليونيسيف وهي أقل تأهيلاً من مراكز التدريب وتتلخص خطتها في رعاية الطلاب الذين تظهر لديهم ميول صناعية وحرفية. وبعد إكمال برامج التدريب يتوجه الخريجون إلى أعمالهم في مختلف القطاعات وحدثت إشكالية عندما أصبحت وزارة الدفاع تعين خريجي المعاهد والمراكز بنفس الدرجة والامتيازات رغم وجود اختلاف في القدرات وساعات الدراسة ومستوى التأهيل وفي عام 1407ه انتهت الإشكالية بتحويل المراكز إلى كليات هي الكليات التقنية التي ترونها الآن . الإدارة .. والمديرون @اليوم: من هم الذين تناوبوا إدارة المركز بالدمام منذ إنشائه؟ العرفج: أول مدير كما قلت هو أحمد الماجد الذي طلب تقاعداً مبكراً بعد فترة قصيرة، تلاه محمد الضلعان، ثم عبدالله راضي الدليجان، ثم عبدالعزيز الكعبور، وقد جئت خلفا له . @ اليوم: والأحساء ؟ العرفج: توجهت إليها مديراً عام 1408ه فور وصولي قمت بعمل معرض كتاب ونجحت في تكوين مكتبة للمركز تضم ألفاً وثمانمائة عنوان مجاناً. وبهذا الجهد والمبادرة الشخصية تسلمت خطاب شكر من المحافظ العطار . @ اليوم: وأين وضعوك بعد تحويل المراكز إلى كليات تقنية؟ العرفج: توليت الإشراف عليها، ومما ساعدني على ذلك أن الكليات التقنية اعتمدت التجهيزات على النظام الألماني الذي درسته وأتقنته إضافة لإتقان اللغة الألمانية وسهولة التخاطب مع خبراء التركيب والبعثات الزائرة. كنت المشرف على الكلية، ومديرها الخربوش . @ اليوم: ماذا تعني إدارة المركز بالنسبة لكم من خلال الخبرة؟ العرفج:الإدارة فن وليست وظيفة ، هذه هي وجهة وجهة نظري.وأنا ضد المدير الذي يجلس في مكتبه وينتظر التقارير من رؤساء الأقسام! عندما كنت مديراً كنت أركز على أهمية إقامة علاقات إنسانية مع العاملين بالمركز.كنت أتابع بنفسي سير العمل في كل قسم من أقسام المركز، لا لأني قليل الثقة بمن حولي - حاشا وكلا - ولكن لأني أريد ايجاد علاقة حميمة مع كل من كان داخل المركز من موظفين ومديرين وفنيين وطلاب هم أبنائي. وقد نجحت هذه السياسة نجاحا كبيرا والواقع يشهد بذلك. @ اليوم: كخبرة ودراية بم تنصحون المديرين الجدد؟ العرفج: كل مدير جديد أيا كان موقعه سيواجه بما يسمى في علم الإدارة (مقاومة التغيير) وقد يجد من الصعوبة نقل طموحاته وأفكاره إلى واقع حقيقي. في هذه الحالة عليه ألا يستعجل النتائج أو يشعر بالإحباط لأن الآخرين لم يستوعبوه أو ليسوا على مستوى تفكيره!! المطلوب أخذ الأمور بروية والبدء بالنزول إلى الميدان والتكيف مع الواقع الموجود ثم رفعه ونقله تدريجيا حتى الوصول به إلى درجة ومستوى طموحاته. قد يحتاج الأمر بعض الوقت ولكن لا بأس فكل آت قريب مهما طال الانتظار. المؤسسة العامة للتعليم الفني @ اليوم: متى تم إنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني لتكون المراكز تابعة لها؟ العرفج: حوالي 1401ه تقريبا وكان أول مدير بعد هذا التعديل هو د. العطار ثم د. الضلعان وقد كانت وزارة المعارف ترى أن د. مطبقاني هو الأنسب لجهوده الواضحة في الدمج. وجاء بعد الضلعان د. علي بن ناصر الغفيص المدير الحالي. @ اليوم: كلهم تدرجوا في مراكز التدريب بوزارة العمل؟ العرفج: د. الضلعان تدرج وقد عرفته حين كان مشرفا على شئون الطلاب بالوزارة وهو الذي صادق على استمارة ابتعاثي لأدرس في ألمانيا. @ اليوم: حدثنا عن سياسة التدريب بهذه المراكز؟ العرفج: التدريب هو التأهيل الفني وقد يكون التدريب في المراكز أو عن طريق الابتعاث وفق أسس واضحة المعالم فالابتعاث إلى اليابان يعني الإليكترونيات الدقيقة وإلى ألمانيا يعني صيانة الآليات الضخمة... وهكذا. وفي فترة كانت وزارة المعارف تدرب, ووزارة العمل تدرب, كانت وزارة العمل تدرب لإيجاد كوادر وطنية مؤهلة لسد حاجة البلاد من الأيدي العاملة السعودية. @ اليوم: هل تدرس المراكز سوق العمل لتعمل على سد النقص؟ العرفج: هذا من أساسيات عمل المراكز إذ لا يمكن قبول متدربين وتخريجهم دون أن نخطط إلى أين سيذهبون إذا تدربوا. وبحمد الله هناك تواؤم بين التدريب ومتطلبات سوق العمل كقسم البناء وقسم السيارات. وكان قسم البناء قد أوقف للاكتفاء ولكن أرى أن من الضروري إعادة فتحه وكذلك أرى ضرورة فتح فرص للتدريب على الحلاقة والحدادة والحديد المشغول وكنا ننادي بفتح قسم الخياطة وقد يتم ذلك في فرع الأحساء وسيبدأ القبول من العام الدراسي القادم إنشاء الله. @ اليوم: نود منكم التركيز على بعض الأقسام. العرفج: كانت الحدادة في السابق تقتصر على لحام المعادن لذا وصينا بتطويرها لتتماشى مع الظروف الحالية وبالفعل أدخلت تعديلات كثيرة لتشمل الحديد المشغول الذي يسيطر على السوق الآن إضافة إلى تشكيل الألمونيوم. وما حدث من تطور في مجال الحدادة حدث مثله في المجالات الأخرى ففي البناء كانت المباني محدودة في تصميمها وطريقة بنائها ولا تحتاج إلا لمواد بسيطة, الآن تنوعت أشكال المباني وطرق البناء وظهر العزل الحراري والتمديدات الحديثة فكان لابد من إدراج كل هذه المهارات ضمن مناهج التدريب. في الفترة الأخيرة ظهرت حاجة ملحة لنوع من التدريب لم يكن في البال وهو التعامل مع ماكينات الأوفست في المطابع ودور النشر. لذا أرى ضرورة تكوين لجنة متخصصة من الجهات ذات الصلة, وتكون مهمة هذه اللجنة زيارة كل مراكز الإنتاج داخل المملكة وتحديد احتياج كل جهة ومن الفنيين والعمال المهرة لإحلالهم محل العمالة الوافدة في كل موقع. إذن المطلوب إيجاد قناة تواصل بين المصانع والشركات من جهة ومراكز التدريب من جهة أخرى, على أن تكون مهمة هذه القناة إعداد الدراسات بصورة مستمرة لتحديد مدى الاحتياج ولا تكتفي بإعداد دراسات وتوصيات ثم تتوقف سنوات وسنوات والعالم من حولنا يتغير يوما بعد يوم. @ اليوم: معاهد الإعداد ظهرت ثم انتهت فهل كان القرار سليما أم لم يحالفه التوفيق لظهورها بسرعة غير مدروسة؟ العرفج: القرار كان مدروسا وصحيحا ولكن المشكلة بدأت عند التنفيذ لأن الطالب كان يدرس ويتدرب. يدرس المواد الأكاديمية كغيره من طلاب المتوسطة والثانوية إضافة إلى التدريب النظري والعملي. وقد حالف التوفيق قسم التدريب ولكن في الجانب الآخر لم يعد معلمو المواد الأكاديمية الإعداد الكافي لدرجة أن الطلاب أنفسهم لم يشعروا بأهمية دراسة هذه المواد وبالتالي لم يهتموا بها الاهتمام الكافي هنا حدث نوع من الانفصام. @ اليوم:.... والتعليم الانفرادي؟ العرفج: حضرنا دورته بأمريكا عام 1398ه كما قلت في إجابة سابقة وعند العودة تم تطبيقه على سبيل التجربة ولكن توقف عند مرحلة التجربة ولم يعمم. خريج الكلية التقنية @ اليوم: خريج كلية التقنية يقف في منطقة وسطى بين المهندس ومساعد المهندس, وتتضاءل فرص قبوله في سوق العمل! ما رأيكم في هذا الوضع؟ العرفج: الكلية التقنية تؤدي دورها جيدا في تخريج كوادر فنية مؤهلة أكاديميا ومدربة فنيا وعمليا ولكن كما أسلفت في إجابة سابقة لابد من لجان متخصصة تدرس حاجة السوق من خلال المسح الميداني المستمر حتى لا تضيع جهود الكلية في التأهيل والتدريب لأن الكلية فعلا تقوم بدورها وخريجوها مؤهلون ومدربون ولكن أسواقنا اكتفت من تخصصاتهم فلماذا أضعنا الجهد والمال؟ @ اليوم: عبد العزيز التركي يرحمه الله لديه بصمات واضحة على التعليم الفني ماذا تقولون عنه؟ العرفج: كان الرجل صاحب رؤية مستقبلية لا تخطئ وقد أدرك مبكرا بثاقب بصيرته أن البلاد ستحتاج إلى هذا النوع من التعليم فقام بنفسه باختيار أماكن ومعاهد التدريب والمعهد الصناعي في كل من الدماموالأحساء وملكها لوزارة المعارف. وأذكر أنني عندما كنت أدرس في بريطانيا كان المرحوم التركي يشغل الملحق الثقافي في سفارتنا هناك وكان دائم التشجيع لنا. ولم تقتصر جهوده معنا على متطلبات وظيفته فقط بل كان يتابع كل ما يتعلق بنا ويذلل كل الصعاب ويفتح أمامنا الأبواب الموصدة ولا يمكن لأحد منا أن ينسى مواقفه الرائعة التي نسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناته. @ اليوم: ما تقويمكم لمستوى خريجي مراكز ومعاهد التدريب؟ العرفج: كل المدارس والجامعات الأكاديمية والفنية في أي مكان من العالم لا تقدم لسوق العمل خريجين جاهزين يتقنون كل شيء إتقانا مطلقا 100% هذا لا يحدث مهما كانت البرامج ومهما تميز الخريجون . لماذا؟ لأن ميدان العمل هو المعترك الحقيقي فالتدريب على السباحة لا يأتي بسباح عابر للمحيطات.. المدارس والجامعات والمعاهد تضع الخريج على المسار الصحيح وتزوده بالمهارات التي تعينه على الانطلاق دون عثرات ويظل العمل الميداني هو المحك الحقيقي. إذا أخطأ خريج في عمله فلا يعني هذا اتهامه واتهام الجهة التي أهلته بالقصور, فالخطأ حتى من الخبراء المتخصصين أمر طبيعي جائز الحدوث بدرجات متفاوتة. انطلاقا من كل ما ذكرت أرى أن مستوى خريجي المراكز والمعاهد مستوى طيب ولا أرى مبررا للتقليل من شأن الخريجين. إلا أن هناك معوقات لابد من إزالتها فمثلا كان ضمن سياسة المركز إتاحة الفرصة للطلاب للتدريب العملي في المصانع والمؤسسات والشركات مدة ثلاثة أشهر تحت إشراف المركز ليكتسبوا الخبرة العملية وهذا اتجاه طيب لو وجد من يستوعب الفكرة ويتعاون معنا على تنفيذها. فماذا حدث؟ ابحثوا عن المعوقات! زرت مؤسسة وطنية أرسلنا لها بعض طلابنا وللأسف وجدتهم جميعا جالسين بلا عمل.. سألت رب العمل فوصلني رد محبط يفيد بأن الطلاب (ما يعرفون شي!!!) صدمتني المفاجأة!! ولثقتي الشديدة في الخريجين بحثت عن السبب فوجدت أن المشرف الفلسطيني أمر نائبه الهندي بعدم إتاحة الفرصة للطلاب لأن عمل الطلاب مستقبلا يعني الاستغناء عنهما!! نفذ المساعد الهندي أوامر مشرفه حرفيا باقتناع شديد, وتم رفع تقرير لصاحب المؤسسة بفشل الخريجين في القيام بأي عمل!! ولولا متابعتي لقضوا شهور التدريب الثلاثة بلا عمل وعادوا بتقرير بعيد عن الحقيقة!! فور التأكد من هذه المعلومات اتجهت لصاحب المؤسسة ونقلت له الصورة كاملة فأشرفنا معا على عمل الخريجين يوميا حتى أثبتوا جدارتهم وأكملوا تدريبهم العملي بنجاح وتم توظيفهم فيما بعد بنفس المؤسسة. هذه القصة - والأمثلة كثيرة - تنفي نفيا قاطعا تهمة عدم مقدرة شبابنا على العمل أو عدم استعدادهم له حتى لو كانوا من القادرين. وبهذه المناسبة أهيب بإخواني المسئولين في مراكز التدريب والمعاهد ومكاتب العمل أن يتحركوا قليلا من مكاتبهم ويتركوا مقاعدهم الوثيرة مؤقتا ويتابعوا كل شاب أرسلوه ليعمل أو يتدرب في جهة ولا يعتمدون على تقارير الأداء - لأنني سيئ الظن بمؤسساتنا وإدارتها - ولكن ليقفوا بأنفسهم على معوقات عمل شبابنا.. أما مديرو المنشآت وأصحابها فأدعوهم أيضا لمتابعة من ترسلهم مختلف الجهات ليتدربوا أو يعملوا لديهم. ومرة أخرى أؤكد على نجاح خريجينا أينما ذهبوا ولقد ذكرت في إجابة سابقة أن أكثر الجهات التي تستوعب الخريجين هي أرامكو والقطاعات العسكرية ولو كان اتهامهم بعدم إتقان العمل اتهاما صحيحا لما رضيت بهم هذه الجهات المعروفة بدقتها وتجويد عملها. مشروع سمو الأمير محمد @ اليوم: من خلال زيارتكم للدول المتقدمة ما مدى اختلاف التدريب بيننا وبينهم؟ العرفج: في أمريكا مثلا هناك نوعان من التدريب تدريب موجود داخل الشركة نفسها لتدريب العاملين بها كما في أرامكوا وسكيكو لدينا. وتدريب آخر تقوم به الدولة وتمثلها وزارة العمل كما هو عندنا تماما ولكن الفرق أننا ندرب على نفقة الدولة ونؤهل الخريج ليبحث عن عمل بنفسه أو تبحث عنه بعض القطاعات كالتي ذكرتها. أما في أمريكا فالشركات والمصانع هي التي ترسل منسوبيها ليتدربوا حسب الحاجة على نفقة الشركات لا الدولة, وبعد انقضاء فترة التدريب يعودون إلى وظائفهم أكثر تأهيلا.. مثلا شركة فورد للسيارات ترسل من الذين على رأس العمل من يتدربون على كبس الأهواز, وتدفع لمركز التدريب التابع لوزارة العمل مبلغا مقابل تدريبهم على مهارة محددة لوقت معين. وأعتقد أن هذه الطريقة هي المتبعة في معظم الدول الكبرى. @ اليوم: ما رأيكم في مشروع سمو الأمير محمد لتوظيف الشباب؟ العرفج: مشروع ممتاز يسير وفق أسس عملية سليمة إذ قبل أي إعلان هناك لجنة تطوف بالشركات والمصانع والمؤسسات وتتحصل على المهن المطلوب توفير عمالة لها مع تحديد المواصفات والمهارات المطلوبة في من سيلتحق بكل مهنة وهكذا تكون الرؤية واضحة أمام اللجنة. هكذا يعمل غيرنا @ اليوم: زرتم اليابان, أمريكا, ألمانيا, بريطانيا للعمل أو الدراسة واكتسبت الكثير في مجال العمل.. وسؤالنا: ما الذي خرجت به من هذه الزيارات من انبطاعات خارج حدود العمل؟ العرفج:الخيط الذي يربط بينها جميعا هو تقديس العمل وحبهم له واحترامهم إياه. في شركة سكيكو باليابان عقدت الدهشة الألسن ونحن نرى حوالي أربعمائة من العاملات يتحركن كالدمى دون أدنى تشويه أو همس ناهيك عن الكلام.. كل واحدة تتحرك حركة آلية ولا تنظر حتى مجرد نظرة لمن تعمل بجوارها.. كل واحدة تحدق بتركيز شديد وتعمل بكل حواسها لإنجاز عملها، في أمريكا لم أجد شيئا متميزا كحب اليابانيين للعمل ولكن وجدت إخلاصا ووطنية لا حدود لها واعتزازا بالوطن حتى المنحدرون من أصول غير أمريكية وجدت لديهم هذا الاعتزاز بالانتماء مع العمل بإخلاص شديد لدولة ينتسبون إليها. في ألمانيا وجدت أن كل فرد يقاس بما ينتج.. ليس المهم في أي مجال لأن كل المجالات في ألمانيا مهمة ومقدرة.. ولكن الأهم هو الإنتاج الجيد.. كانت دراستنا في مصانع وهناك شاهدنا عمليا كيف يكون الإنسان منتجا إنتاجيا يتفوق به على الآخرين. في بريطانيا قوم يحترمون الوقت ويلتزمون به حتى يخيل إلى الزائر أن تأخير أو تقديم دقيقة واحدة جريمة كبرى!! وقد يغفر لك البريطاني كل هفوة عدا التلاعب بالوقت لذا نجد أن كل ثانية لدى البريطاني لها قيمتها. مشالح حساوية هندية! @ اليوم: نعود إلى الأحساء وشهرتها الواسعة في الحرف اليدوية عبر التاريخ, ماذا طورتم منها؟ ولماذا ترتفع حتى الآن لافتات كبيرة في وسط الأسواق تحمل عبارة (مشالح حساوية بأيدي هندية)؟ العرفج: هذا الموضوع شغل بالنا كثيرا وخاطبنا المؤسسة العامة للتعليم الفني وتناقشنا مع الضلعان المحافظ.. هناك ترحيب من الجميع واقتناع بالفكرة ولكن لم تتحرك أية جهة للتنفيذ ربما خشية عدم الإقبال من جمهور المستهلكين. على كل نحن لسنا جهة تنفيذية لننقل أفكارنا ومقترحاتنا إلى حيز التنفيذ.. وأنا بعد تقاعدي أنادي بحماية هذه المهن والحرف اليدوية من الاندثار حتى لا تفقد المنطقة جزءا مهما من خصوصيتنا الثقافية المعروفة عنها منذ أقدم العصور. بين الزواج ... والجوال @ اليوم: قبل أن نختم حوارنا الشامل هذا لدينا أسئلة خفيفة ولكنها مهمة: @ ماذا يعني عندك الزواج المبكر؟ يعني الاستقرار بكل معانيه. @ وما رأيك فيه؟ مهم جدا متى ما كان الشاب أهلا للمسئولية. @ ما العمر الذي تحكم على الزواج فيه بأنه مبكر؟ 21 سنة للشباب وأقل من ذلك للفتيات. @ هل تعتقد أن تحمل المسئولية ممكن في هذه السن؟ نعم إذا توفرت القدرة المالية. @ كيف يتزوج شاب تجاوز العشرين وراتبه ألف ريال؟ الإسلام حسم القضية قبل (15) قرنا حينما نادى بأن أيسرهن مهرا أكثرهن بركة, فلماذا نصر على وضع العراقيل وليس في ديننا إلا اليسر والتيسير؟ كما أن بإمكان الشباب أن يقتصروا في أمور كثيرة ليدخروا ما يعينهم على الزواج, فمثلا: هل الجوال ضرورة لكل الشباب كما نرى اليوم؟ وهل الكل يحسن استخدامه قدر الحاجة وعند الحاجة فقط؟ @ وفحص العروسين قبل الزواج؟ واجب.... واجب... واجب في غاية الأهمية لضمان حياة صحية جيدة وتكوين أسرة سعيدة هانئة وإنجاب أطفال أصحاء بإذن الله.. والفحص قبل الزواج لم يعد خيارا بل أصبح ضرورة وعلينا أن نقف يدا واحدة مع توجهات الدولة وتوجيهات أجهزة الإعلام ونداءات الجهات المختصة حتى يقتنع الجميع بان هذا الفحص في مصلحة الفرد والمجتمع ولا يوجد مبرر منطقي أو سند شرعي أو مسوغ اجتماعي يجعلنا نرفض إجراء الفحص الذي ليس فيه ما يخدش الحياء أو يمس عاداتنا وتقاليدنا.. فيا شباب وشابات المنطقة بادروا بالفحص ولا تترددوا... وفقكم الله. @ وزواج الأقارب؟ الأبعد أفضل وإن كان لابد من التزاوج داخل الأسرة الواحدة يكون الفحص قبل كل الخطوات الأخرى. مسك الختام @ أكلة تحبها؟ الكبسة والسمك الهامور. @ برقية للبلدية؟ المدن بحاجة لمتنفسات طبيعية وشوارع وحدائق عامة داخلها لا خارجها. @ الحوادث المرورية؟ لابد من تدريسها في مناهجنا لتكون التوعية مستمرة وراسخة. @ رياضة تمارسها؟ المشي والسباحة. @ الأبناء من الشباب؟ أعطوهم الثقة مع المراقبة والتوجيه باستمرار بصورة غير مباشرة. @ نشاط تجاري تمارسه الآن بعد التقاعد؟ الاستثمار العقاري @ شركات توظيف الأموال؟ لا تخلو من خطورة ومجازفة لذا لا أؤيدها. السيرة الذاتية @ عبد اللطيف بن أحمد محمد العرفج @ من مواليد حي الكوت بالأحساء 1364ه @ أب لمحمد وأحمد وست زهرات @ درس بألمانياوبريطانيا مع دورات في امريكاواليابان @ من مؤسسي مركز التدريب المهني بالدماموالأحساء @ تقاعد في عام 1423ه بعد خدمة قاربت 40 حضاري في تعامله أن العم عبد اللطيف العرفج قلما يكون مثله أحد من الرجال حيث أنه يملك طيبة القلب الزائدة وحسن الخلق ويملك التسامح حيث أنه متسامح مع كل الناس وهو رجل متفهم جدا حتى مع أولاده يستخدم الديمقراطية الكاملة حيث يعطي كلا حقه في الرأي صغيرهم وكبيرهم يتعامل مع كل الناس بتعامل حضاري جدا يرى في الناس ما يراه في نفسه فيرى في الجميع الأمانة والصدق وبما أنه ليس كل شخص يستحق هذه المعاملة تضيع عليه حقوق كثيرة: وكثير من حقوقه يتنازل عنها ويحتسبها عند الله سبحانه وتعالى والسلام عليكم.. ممد بن شيحان العنزي - زوج ابنته قلبه ارق من النسمة أرى في أبي عبد اللطيف أحمد العرفج أنه ذلك الصدر الحنون والعطوف الذي يحن لكل شيء وذلك الصديق الصدوق المتعاون والناصح الذي لا يبخل علينا بالنصائح وذلك الجواد الذي لا يبخل علي بالمال وإن قلبه طيب وطيبته أكثر من مياه البحر وقلبه أرق من النسمة الباردة وأنه للأسف يثق في جميع الناس صالحهم وطالحهم بمجرد الكلام المعسول فيضع ثقته فيه ولا يشك فيه وبذلك ينخدع ويغدر به بكل سهولة وهو مثلي الأعلى في كفاحه وعمله ومحاولته للتغلب على ظروف الحياة وأتمنى أنه يتوقف عن هذه المعاملة الطيبة والقيادية وأن يكون عونا لنا في دنيانا وآخرتنا. محمد عبد اللطيف العرفج حكيم ومتفهم أب ذو قلب حنون جدا تعلمنا منه التسامح والحب والعطاء وهو حريص جدا على تربيتنا التربية الصالحة مستخدما في ذلك السبل السليمة يتصف بالحكمة والتفهم لم يلجأ إلى الضرب أبدا علاقته مع أمي جميلة جدا. فنشأنا في جو أسري مترابط ومستقر ولله الحمد. ونحمد الله كثيرا على أن من علينا بوالدين همهما صلاحنا زرعا في قلوبنا حب الآخرين وحسن الظن وعدم مجازاة السيئة بالسيئة، وهو يعيش همومنا سواء كانت كبيرة أم صغيرة مرتبطة بمرحلة عمرية معينة ويساعدنا على تخطيها ويبذل مع والدتي كل ما بوسعهما كي نعيش حياة سعيدة صالحة ومهما أكتب عن شخصية أبي فلن أوفيه حقه في الوصف ليس لأنه أبي بل لأنه شخصية حكيمة ومتفهمة,,, معطاء محببة للجميع,,, ابنته الكبرى الأبناء يلتفون حوله أصغر الأحفاد في حضنه الحنون