فقدت الأحساء يوم السبت 30/ 11/1423ه أحد أبرز شعرائها الأفاضل وأحد القضاة المشهورين في الأحساء هو القاضي والشاعر الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل عمير ولد سنة 1339ه بمحلة النعاثل بالهفوف ويتصل نسبه بقبيلة سبيع. ولد لأب عالم، اهتم بتثقيفه وتعليمه، وفعلاً دفع به إلى كتاب محمد المتين (المطوع) حفظ الشيخ القرآن الكريم واستنارت به بصيرته، توسعت مداركه، وهذا إنما يدل على إقبال على كتاب الله، وأنه نشأ في بيئة طيبة، أرضها خصبة، فكانت الثمار تناسب خصوبة البيئة. أرسله والده إلى مدرسة النجاح التي أسسها حمد النعيم، وكانت مدرسة تأخذ بالعلوم الحديثة فضلاً عن العلوم الشرعية، وهو مع ذلك ملازم لوالده، حريص على حضور مجالسه وحلقاته، وأخذ عن والده التفسير والحديث والفقه وعلم الفرائض، وهذه إضافة إلى أن حفظه القرآن جعل منه مرجعاً كل من يريد الارتواء من معين علوم الشريعة، وعليه أن يتضلع في الأدب والتاريخ، والجدير بالذكر أن هذا العلم ( التاريخ) لم يحظ باهتمام من قبل علماء الأحساء آنذاك لأمور متعددة لا مجال لذكرها. وبعد أن أصبح ذا علم واسع في شتى المجالات عين مدرساً بالمعهد العلمي بالأحساء عام 1376ه من قبل الرئاسة العامة للمعاهد، والكليات بالمملكة واستمر بالمعهد سنتين، وكان أثناء عمله محط أنظار الجميع لما يتمتع به من أخلاق كريمة ونبوغ ذهني، وعمل جاد متواصل، وإيمان بالعقيدة الإسلامية. وفي عام 1377ه ترك التدريس وعين قاضياً بمدينة الجبيل بأمر من جلالة الملك سعود طيب الله ثراه، وما أن تولى هذه المهمة حتى تصدى لها بحزم وعدل أسفر عن حلول مقبولة لكثير من المشكلات التي كانت تموج بها المدينة، تلك المدينة التي سكنت إلى عدله ورضيت بحكمه وهدأت لحزمه. وبعد أن قضى على كثير من المشكلات بالمدينة حاول أن ينتقل من الجبيل إلى جهة أخرى، ولكن طلبه لم يستجب له، فطلب من سمو لي العهد في ذلك الوقت سمو الأمير فيصل بن عبد العزيز الاستقالة فوافق رحمه الله على ذلك عام 1380ه. وقد استطاع أن يصل إلى قلوب أهل الجبيل، وينال احترامهم وتقديرهم، فقد أحبوه في الله لأنه ذو خلق رفيع وأدب جم وسيرة مشرقة منيرة هذا بالإضافة إلى أنه كان نزيهاً عادلاً لا يكيل بمكيالين ولا يحكم إلا الشرع الذي ينصاع له الناس لأنه حكم الحق جل وعلا. وفي عام 1386ه عين قاضياً في مدينة القطيف بأمر من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وقد أثبت أنه كفء ومخلص وأمين ومتفان، فكان يتولى رئاسة المحكمة المستعجلة بالنيابة، وهو مع كل ذلك لا يتجهم في وجه أحد، ولا يعبس لأحد يبش لهذا ويهش لذاك دون أن ينسى واجبه وعمله الذي أخذ نفسه فيه بما يرضي الله، فالحق أحق أن يتبع. والشيخ كان ذا نفس وثابة وروح أديبة، يتحف جلساءه بالنوادر العلمية، والطرائف الأدبية، والطرائف الشعرية التي تعم بها الفائدة، وتتعطر بها الأجواء، ويحصل بها الترويح، وتضفي على المجلس رونقاً وبهاءً. استمر في قضاء القطيف اثنتين وعشرين سنة، يقضي فيها بعدل وحكمة القاضي إلى أن أحيل إلى التقاعد سنة 1406ه. له مراسلات مع بعض أدباء الخليج كالشاعر الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، والشيخ يوسف الصديقي، والشاعر الشيخ محمد بن سالم الرواحي، وهو من أهالي عمان قاضي مدينة زنجبار، توفي بمسقط. وقد حج خمس مرات، وزار الكويت، والعراق، والبحرين، ودولة الإمارات. له من الأولاد ستة أحمد وعبد اللطيف وعبد الله وعبد العزيز وابنتان. شعره الشيخ عبد الرحمن شاعر مجيد حافظ للشعر، له قصائد في الكثير من المناسبات، في المديح، والرثاء، والوصف، والغزل، وغيرها له مساجلات شعرية مع الكثير من علماء الأحساء، وأدبائها وخارج الأحساء أيضاً، له ديوان شعر ( نزهة الناظر للمقيم والمسافر) وهو حالياًُ تحت الطبع، ومن أشهر قصائده، قصيدة بعث بها إلى الشاعر الشيخ محمد العمر الملحم رحمه الله يقول في بعض أبياتها: ==1== سلام جاء من خل أديب==0== ==0==كماء المزن ينزل من صبيب أتى من فاضل حبر ودود==0== ==0==يعبر عن صفاء للقلوب إلى خل له وأخي وفاء==0== ==0==أليف في الوداد له لبيب محمد ذا الوقار نظمت نظماً==0== ==0==كمثل الدر في عقد سكيب فيا نجل الكرام لقد تناهي==0== ==0==عتاب منك في خطأ مريب فأنا لم نقم في دعوة ما==0== ==0==لا أخوان كرام في الدروب ولو قمنا بذلك ما سهونا==0== ==0==لشخصكم ولم تك بالسليب نقوم بحقكم ولكم دعانا==0== ==0==يدوم مدى شروق أو غروب نؤمل منكم تشريف حقل==0== ==0==لنا قد صين من شأن معيب ==2== وهي من شعر الإخوانيات التي تعالج هماً شخصياً، وتبرز علاقة حميمة، وهذه الأشعار لها خصوصية معينة تكشف عما يكنه من حب له ورغبة في استمرار التواصل والزيارة. رحمه الله الشيخ عبد الرحمن رحمة واسعة فقد كان قاضياً أديباً جمع بين القضاء والشعر لا تمل مجالسته ولا يطرق مجال في المجالس إلا وشارك فيه باقتدار. معاذ بن عبد الله المبارك