افتقدت واحة الاحساء فجر يوم السبت الموافق 29-11-1423 من هجرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - علما من اعلامها وابنا بارا من ابنائها, وهو الشيخ الفاضل العلامة الجليل عبدالرحمن الشيخ عبدالله الشيخ عبداللطيف العمير وساورد نبذة مختصرة عن سيرته, وحياته العلمية, واعماله واخلاقه المباركة في وقت سريع, لعل القارئ يستفيد من هذه الاسطر المتواضعة, التي كتبت على عجل. اخي القارئ الكريم: ان قراءة تراجم العلماء العاملين وسماع اخبارهم وما يدل على صلاحهم ونبلهم وزهدهم وورعهم, هي من اهم الوسائل التي تعين الانسان, وبالخصوص طالب العلم, على تحمل الشدائد والمصائب, في سبيل تحمل طلب العلم الشرعي وتحقيق الاهداف والغايات النبيلة والمقاصد الجليلة, لذا قال الامام ابو حنيفة رحمه الله (الحكايات عن العلماء ومحاسنهم احب الي من كثير من الفقه, لانها آداب القوم واخلاقهم) وعن مالك بن دينار قال (الحكايات تحف الجنة). ولد الشيخ عبدالرحمن عام 1339ه في الاحساء, في بيت علم وتقوى وورع وزهد وسلوك وكرم وادب, فترعرع على حب العلم فأحسن تربيته والده الشيخ القاضي عبدالله فعلمه العلوم الشرعية فبيته من بيوت القضاء في الاحساء, فجده الشيخ عبداللطيف تولى القضاء في الاحساء, بامر من الامام فيصل بن تركي - رحمه الله - لما توفي شيخه بن نعيم, وكذلك تولى والده الشيخ عبدالله - رحمه الله - القضاء في الاحساء فترة من الزمن, فرباه والده على طلب العلم والتقوى والايمان والعقيدة الصحيحة والاخلاق الكريمة والسمت الحسن والرجولة. حتى امتزج حب العلم وفنونه بدمه وعروقه, وقد تتلمذ واخذ العلم من كبار بلده, ومن ابرزهم الشيخ محمد المتين, الذين قرأ عليه القرآن الكريم وتعلمه على يديه في بداية سنة, ومن مشايخه الذين تتلمذ عليهم والده الشيخ عبدالله عبداللطيف العمير والشيخ محمد عبداللطيف العمير, درس على يديه علم النحو والفقه, واستفاد كثيرا من الشيخ محمد عبدالمحسن الخيال في علم التفسير والعقائد. وبعد ان تعلم العلوم الشرعية وحفظ القرآن الكريم والكثير من المتون مثل متن الزبد في الفقه, تولى التدريس في المعهد العلمي بالاحساء مدة قصيرة, لا تتجاوز 8 شهور, وكان من ضمن تلاميذ المعهد العلمي في ذلك الوقت عدد من ابرز المشايخ, منهم: الشيخ القاضي محمد عبدالرحمن الخطيب - رحمه الله - الشيخ القاضي محمد عبداللطيف الملا, الشيخ الاديب والشاعر محمد بن عبدالله العمر الملحم - رحمه الله. ثم تم تعيينه قاضيا في الجبيل, فتوجه اليها قاضيا, فكانت مدة عمله فيها 3 سنوات, وفي عام 1380ه استقال من عمله القضائي لظروف حلت به. وفي عام 1385ه عين قاضيا شرعيا في القطيف, ومكث فيها 22 سنة فكان - رحمه الله - حكيما فقيها عالما باوامر الشرع وحدوده, مصيبا في احكامه الشرعية الصادرة منه, جمع بين الحزم والرفق في شئونه القضائية اخذ بقول الشاعر وقد سمعتهما من فيه: ==1== لم أر مثل الرفق في لينه==0== ==0== أخرج العذراء من خدرها من يستعين بالرفق في أمره==0== ==0== يستخرج الحية من جحرها ==2== وهو على جانب كبير من العلوم والفنون, بارع في مسائل القضاء, فقيه كبير متضلع ومتمكن في مذهب الشافعي كاسلافه - رحمه الله - غير متعصب سهل, سمح وشاعر, واديب فصيح, قوي الذاكرة والحفظ بارع في اللغة العربية وعلومها, وفي علم السير والتاريخ له المكان اللامع في الاخلاق الفاضلة الكريمة, مجالسه كلها بحوث علمية وادبية واجتماعية, ومتواضع جدا مع الصغير والكبير والعامي والمتعلم, محبوب يستميل القلوب الى محبته, يمازح في حدود الادب, فكان على حظ كبير من التدين والزهد والبعد عن الشبهات والعزوف عن الدنيا. للشيخ رحمه الله ديوان من الشعر اسمه (بهجة الناظر للمقيم والمسافر) نسأل الله عز وجل ان يتغمده بواسع رحمته, انه السميع المجيب, ومن هنا اتذكر حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال (ان الله تبارك وتعالى جعل العلم قبضات, ثم بثها في البلاد, فإذا سمعتم بعالم قد قبض من الأرض, فقد رفعت قبضة فلا يزال يقبض حتى لا يبقى شيء) رواه الديلمي في الفردوس. عبدالله خالد امام وخطيب جامع الحليبي بالخالدية