وقف في قاعة المحكمة رافعا صوته: سيدي القاضي.. اقر واعترف انني مذنب. القاضي: ولكن لم يوجه لك اتهام حتى الآن؟ ومن اجل هذا اعترف بذنبي واطلب ان تصدر المحكمة اقصى العقوبة بحقي.وسرى هرج في القاعة.. وصرخ القاضي غاضبا: اصمتوا. وساد القاعة سكون وانسكب ضوء القناديل المعلقة في السقف المرتفع على وجه الشيخ الاسود واخذ يتحدث بصوت متهدج.. وبحشرجة تصل حد البكاء. سيدي القاضي: انا مواطن في "موزمبيق" وادعى اورنلد آدم ويدعونني ب (القط) لانني ابصر في الليل اكثر مما يبصرون وقد قدر لي ان اشهد في الليل الحالك السواد كل احداث الاسطبل.. وقبل اعوام ثلاثة انجبت الفرس الافريقية جحشا ابيض وكان الامر غريبا للغاية.. ولكنني لم اخبر احدا.وبعد عام آخر انجبت فرس اخرى حمارا صغيرا بأذنين كبيرتين وكتمت الامر.. وقد تكاثر الحمير يا سيدي.. وهي تحتاج الى شهادة منشأ للحفاظ على اصولها.ولكنني اغفلت ذلك وما كنت لادرك ان تلك الحمير سوف يستفحل امرها.. وكنت اجهل تماما ما تخبئه الايام وكنت اتساءل هل يكون لها تأثير على عراقة النسل.. وهل ثمة خطأ في اخفاء امرها..ومع مرور الايام استفحل امر الحمير يا سيدي.. ولم اعد افرق اطلاقا بين الفرس والحمار.. وشق علي ان اضحي بعراقة الدم والاصل.. من اجل مجموعة من الحمير التي اكلت خيرات الارض ولم يبق من المروج الخضراء والمراعي شىء يذكر.. ويخيل الي انني احد الاسباب الكبرى في هذا الجفاف وهذا الجوع. سيدي لقد شبعت الحمير.. وجاعت الخيل والذنب ذنبي وحدي لانني الصامت الوحيد بين كل هذا "النهيق". التفت القاضي الى مساعديه، ثم اعلن بان ترفع الجلسة للتداول.. وبعد برهة عاد القضاة الى منصة المحكمة لاعلان الحكم وكان يملؤه احساس عجيب بالخلاص من الاثم.. لقد قال كل مالديه.. واعترف بذنبه.. وليكن حكم القضاة صارما فالامر اخف كثيرا من وطأة الذنب الذي عذبه سنوات طويلة.. ونطق القاضي: لقد حكمنا بناء على اعترافك.. ان تربط الى جوار الحمير وان تمنح كل الجحوش الصغيرة المولودة هذا العام والاعوام التي سبقت حق الانتماء والمواطنة.. انتهى الحكم. وصرخ الافريقي العجوز.. سيدي هذا ظلم.. ولم يجبه احد..