ظاهرة قديمة جديدة.. لكنها مستمرة.. احد طرفيها ضحية.. لكن المتضرر الاكبر هو مجتمعنا .. وصورته التي نسعى لان تكون دائما وضاءة.. تبهر بجمالها عيون الجميع. نتحدث عن العمالة السائبة.. المطلق سراحها في الشوارع.. تتسول لقمة العيش بأي عمل يسند اليها.. ولانهم كثر.. فهناك تقاتل على كل سيارة تمر وتقف .. يريد صاحبها واحدا او اثنين لانهاء مصلحة ما فيفاجأ بعشرات يتدافعون بشدة نحو سيارته التي تكاد تتحطم حتى لا يجد مفرا في التخلص منهم جميعا والانطلاق لحال سبيله. ورغم الجهود التي تبذلها الاجهزة الامنية لتطويق هذه العمالة السائبة الا ان هناك بعض الثغرات الصغيرة وبعض السلوكيات غير الواعية من جانب بعض المواطنين الذين يساهمون بطريقة غير مباشرة في جلب هذه العمالة بحجة الاحتياج اليها ثم بعد ذلك تطلقها في الشوارع مقابل حفنة من الريالات تكون هي الهم الاول والاخير للوافد الذي يطارده كفيله لقبض (المعلوم). حول هذه الظاهرة وهموم اصحابها كان هذا التحقيق يقول: محمد يوسف بتأثر شديد : قدمت بفيزا ودفعت من اجلها مبلغا كبيرا ويعلم الله كيف جمعته وجئت الى هنا تراودني آمال وطموحات كبيرة وسرعان ما تبخرت بعد ان اكتشفت ان صاحب الفيزا ليس لديه عمل لي. فخرجت الى الشارع كما ترى بحثا عن عمل حتى اعوض به قيمة الفيزا!! ضحية للوهم * يقول ابو مصطفى: بمجرد ان حصلت على الفيزا اعتقدت ان طاقة القدر قد فتحت لي لكي اكون مستقبلي، ولكن وللاسف وجدت نفسي ضحية لوهم كبير رغم انني دفعت كل ما املك لكفيل تبين لي انه ليس لديه اي عمل ولذلك اخرج بعد صلاة الفجر لابحث عن عمل صحيح اننا نحمل اقامة نظامية ولكننا نعيش عالة.. فيوم نحصل فيه على الرزق وينقطع عنا اياما وأياما ، وسبب تجمعنا في هذا المكان بالذات انه اصبح معروفا لدى كل من يحتاج الى عمالة بارخص الاسعار فهنا خليط غريب من المهن والحرف وما تطلبه تجده في الحال (نجار - حداد - سباك) وان شئت تجد ايضا مؤهلات جامعية متخصصة وحاصلةعلى اعلى التقديرات..!! لم يتحملوا ضيق ذات اليد والفقر والتدهور الاقتصادي في بلادهم فجاءوا الى هنا.. جاءوا الى الحلم الكبير الذي دفعوا من أجله الآلاف ولم يتحقق بعد. بلا مشاكل عامل افغاني يعمل في المعمار والبناء ويتردد على هذا الموقع يوميا منذ اكثر من سنة.. سألته ولماذا لا تعمل لدى كفيلك؟ فقال: كفيلي ليس لديه عمل.. وهو الذي قال لي اعمل في اي مكان بحريتك ولكن دون ان تحدث اي مشاكل.. فجزاه الله خيرا (!!) ورغم ان الحال (ماشي) معي الا ان زحمة العمال وتلهفهم وسباقهم بهذا الشكل على السيارات يؤلمني كثيرا وغالبا ما يحدث العديد من المشاكل والخناقات حيث يريد كل منا الفوز باي عمل يقتات به او يدفع منه ثمن الغذاء او يدخر مبلغا يعوضه عما دفعه في الفيزا من ريالات. ورغم ان معظم الذين في هذا الموقع يحملون اقامات الا ان هؤلاء يندس وسطهم عمال غير نظاميين وهو ما يؤرق العامل في هذا المكان ونطالب بحملة من الجوازات لتطهير السوق من هؤلاء. ضحايا الجانب الآخر ويقول احد المواطنين عن قصة وقوع الضحية: ان البيع لا يتم في المملكة ولكن في البلاد التي تأتي منها هذه العمالة مقابل مبلغ بسيط للكفيل والجزء الكبير يأخذه اصحاب المكاتب وسماسرة العمالة هناك، فقد ذهبت في رحلة لاستقدام مجموعة من العمال مع مجموعة من الزملاء وبمجرد نزولنا في مطار تلك الدولة استقبلنا عدد كبير من سماسرة العمالة والاستقدام استقبالا حارا وقدروا على الفور ما نريده وتعهدوا بانهاء اجراءات الفيزا كما تعهدوا باقامتنا في افخم فندق ولمدة شهر مجانا وكذلك تحمل كل نفقات تحركاتنا وقد علمنا بعد ذلك ان كل هذه التكاليف سيتحملها العمال بالاضافة الى الربح الخاص للمكتب. بل ان الاغرب من ذلك هو ما اكتشفناه عند وصول العمال الينا ان كلا منهم دفع خمسة الاف ريال للفيزا الواحدة وذلك من خلف ظهورنا!! ويضيف قائلا: اعلم ان مكاتب الاستقدام هنا ليست عليها اي مسؤولية بل المسؤولية يتحملها الكفيل ومكاتب السمسرة في البلاد الخارجية. فالكفيل يجهز اوراقه النظامية ويطلب مثلا عددا معينا من العمالة ثم بعد احضارها يتركها في الشوارع لانها تكون زائدة عن الحاجة الفعلية لاعماله او في بعض الاحيان لا يكون لها عمل اصلا.. وهنا يأتي دور مكتب العمل حيث ان من المفروض ان يقوم بحملات تفتيشية للتأكد من مثل هذه الامور وهذا يحدث طبعا ولكن بحاجة لتكثيف. ويتفق معه مواطن آخر صاحب مكتب للخدمات العامة والاستقدام ويشير الى ان المواطن الذي يقدم على ذلك يكون ضعيف النفس طماعا عديم الوعي بالاضرار المترتبة على سلوكه هذا.. فهو يوهم مكاتب العمل والاستقدام بأنه في حاجة ماسة لعمالة من الخارج ويقوم باستكمال كل الشروط النظامية التي تتم الموافقة بناء عليها ثم بعد ذلك يحدث الذي تراه الآن حيث يقوم هذا الكفيل وللاسف الشديد ببيع الفيزا للسماسرة في بلاد هؤلاء العمال.. بل ان هناك آخرين يبيعونها لبعض المتخلفين تحت ستار (الفيزا الحرة) بل ان الاغرب من ذلك ان كثيرا من هؤلاء العمال يعلمون قبل مجيئهم انه لا يوجد عمل لدى كفيلهم ومع ذلك يوافقون ويغامرون، ولذا يجب تكثيف حملات التوعية في وسائل الاعلام ضد هذه الظاهرة التي تسيء للمظهر العام للبلاد. عمالة آسيوية العمالة في كل مكان