كنت اقول بالامس ان المواجهة بين محور (المانيا وفرنسا وبلجيكا) ولاحقا روسيا من جانب وامريكا في حربها على الارهاب في الجانب الآخر, ان هناك خلفيات الهوية الاوروبية الجديدة للقارة العجوز وطموحات الندية والخروج من تحت عباءة الهيمنة الامريكية لحلف الناتو وضغوط الرأي العام الاوروبي على سكوتها بالتحرك بمواقف سياسية مستقلة عن امريكا وتراعي مصالح شعوب القارة وبالاخص في منطقتنا العربية التي احتكرت واشنطن لنفسها حق الوصاية والادارة للعبة الاقتصادية بادوات السياسة والدبلوماسية فالشارع الاوروبي اليوم اكثر وعيا بمصالح الاتحاد الناهض ويحرك حكوماته في اتجاه المبادرة والاستقلالية عن الحليف الامريكي سواء داخل القارة او خارجها.. فازمة البلقان وتلكؤ اوروبا في احتوائها وتدخل امريكا العسكري خلق وعيا مغايرا في الشارع الاوروبي للتحرر من تبعية (العم سام) الذي ظل على الدوام منذ العام 1946 يتعاطى مع اوروبا وكأنها ولايات امريكية لا اقل ولا اكثر.. ولكن سياسة الحافة الامريكية منذ 11 سبتمبر هي من اخرج كما تقول المارد الاوروبي من قمقمه.. فكل سيناريوهات ادارة الرئيس بوش لتسويق شعار الحرب على الارهاب ومنهجيات القوة والضرب وازاحة الانظمة والدمقرطة التي بدأت بافغانستان والآن العراق وغدا بحر قزوين والاصولية في الجمهوريات الاسلامية وقد لا تتوقف عن التبرير لنفسها لادارة الاتحاد الاوروبي نفسه وجعله تابعا لاندا ومنافسا في خارطة المصالح والتكتلات التي تراهن عليها ادارة الرئيس بوش لابقاء امريكا قوة اعظم في الفية العولمة تحت مظلة التخويف (اما معنا او ضدنا ولا خيار غير ذلك..) الامريكيون على الضفة المقبلة من الاطلسي حاولوا جاهدين ايجاد تفاسير وتطمينات نفسية وتبريرات ذرائعية خاصة بشيراك وشرودر في الشارع الامريكي وان الرجلين يحميان مصالح لشركات وعقود ضخمة للحكومتين الالمانية والفرنسية في العراق تحديدا وفي المنطقة العربية.. ولم تتحرك لهجة التصعيد في واشنطن تجاه محور المواجهة القائم والذي يتنافى ومبدأ معنا اوضدنا اقل مايمكن ان يوصف بالشر في نظر الامريكيين بل على العكس لم تعط وسائل الاعلام الامريكية الامر اكثر من المرور عليه على عجل لكي لا يتأثر الشارع الامريكي بحقيقة موقفه الضعيف في اوروبا المسيحية وهذا غير مستغرب الآن على الاعلام السياسي الامريكي الذي عقد العزم على الحرب..