اقتصر الاحتفال بعيد الأضحى على أدنى حد ممكن بالنسبة لراوية أبو مطر وأولادها الثمانية المقيمين في كوخ في مخيم جباليا، الأكثر فقرا في قطاع غزة.فبالنسبة لعائلة راوية ولجميع عائلات غزة التي يقل دخلها عن 100 دولار في الشهر، لن يتم نحر أي ذبيحة بحسب تقاليد هذا العيد.تروي ربة العائلة البالغة من العمر 30 عاما لا اذكر انني نحرت مرة ذبيحة في هذا العيد .. وتقول وهي تبتسم تلقينا العام الماضي نصف كيلو من لحم العجل، فتقاسمناه بدقة.. لم تكن الكمية كبيرة، لكننا تذوقنا طعم العيد .فالعائلات الميسورة تستهلك بشكل عام ثلث الذبيحة التي يتراوح ثمنها بين 200 و300 دولار، وتوزع ما تبقى منها على الأقرباء والفقراء.. ومن تقاليد العيد أيضا شراء ثياب جديدة والعاب للأولاد، وهو امر يفوق إمكانات المرأة الشابة.تقول مشيرة الى القميص الأحمر المخملي الذي يرتديه ابنها محمود (14 عاما) متباهيا اشتريت لهم ثيابا مستعملة غسلتها وكويتها .. وتضيف كان الوضع افضل بكثير قبل الانتفاضة لانه كان في وسع بعض اقربائنا مساعدتنا. لكنهم كلهم اليوم عاطلون عن العمل كما ان زوجها عاجز عن القيام بأي شيء لتبديل هذا الوضع بعد ان اصيب بجروح بالغة قبل عشر سنوات برصاص الجيش الاسرائيلي.. غير ان محمود لا يعتبر نفسه استثناء على الاطلاق. يوضح لا يمكن لاي كان هنا في جباليا الاحتفال بالعيد . ويضيف بحماسة حين اكبر، سأصبح استاذا وسأبني منزلا لعائلتي واشتري لهم عجلا للعيد . وتعاني سميحة ابو العون (65 عاما) من وضع اقتصادي اسوأ.. وتروي بما اننا لا ننتمي الى اي تنظيم (فلسطيني)، فنحن لا نتلقى اي مساعدة. والمساعدة التي تقدمها لنا الاونروا (وكالة الاممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) بالكاد تسمح لنا بالاستمرار . فهي تتلقى مثل سكان جباليا البالغ عددهم 103600 نسمة مساعدات غذائية من الاونروا، فضلا عن خدمات تربوية وصحية مجانية. وحذرت الاونروا الاثنين من ان الاموال المخصصة لتغطية الحاجات الغذائية لمليون فلسطيني من سكان غزة ستنفد في نهاية مارس اذا لم تصل مساعدات دولية بشكل سريع. وسيكتفي احفاد سميحة ابو العون الستة هذا العام بطبق من العدس. وبالمقارنة، يبدو وضع حياة ابو شارخ مثاليا. فهي تلقت مع الزوجة الثانية لزوجها مساعدات لا تقل قيمتها عن 15 الف دولار، بعد ان قتل الزوج من باب الخطأ برصاص الجيش الاسرائيلي الذي ظن انه ناشط مسلح. كما تتلقى المرأتان مساعدة شهرية بقيمة 100 دولار من جمعية خيرية تابعة لحركة الجهاد الاسلامي.. وقد اشترت المرأتان لاولادهما الخمسة ثيابا جديدة وبعض اللحم احتفالا بالعيد، غير ان حياة تقول قد يكون البعض يحسدني على وضعي، لكنني فقدت زوجي . واوضح الشيخ هاني وهو استاذ يعمل متطوعا في جمعية خيرية اخرى تابعة للجهاد الاسلامي ان الاموال بدأت تنفد.. وقال ان المساهمات القادمة انخفضت وهي توزع بشكل رئيسي على عائلات الشهداء وليس على الفقراء . وختم ان الاحتفال بعيد الاضحى يعني التقاسم مع الاخرين والابتهاج. نحاول ان نتقاسم مع الاخرين قدر المستطاع، لكن الاولاد وحدهم يهتمون بالعيد. اما بنظرنا نحن الكبار، فان الامور لم تعد مثلما كانت بعد كل هذه الخسائر وكل هذا الدمار .