تتوافر لاوروبا، الطامحة دوما الى التكلم بصوت واحد على الساحة الدولية، فرصة ممتازة لتحقيق ذلك على صعيد الملف العراقي بيد أنها تواجه صعوبات كبيرة في ذلك. فمجلس الامن الدولي يضم حاليا اربع دول من الاتحاد الاوروبي وهو امر نادر جدا مع عضوين دائمين هما بريطانياوفرنسا ودولتين غير دائمتي العضوية هما اسبانياوالمانيا، وقد دخلت اسبانياوالمانيا مجلس الامن في الاول من يناير الحالي لفترة سنتين. واذا ما اضفنا اليها بلغاريا المرشحة للانضمام الى الاتحاد الاوروبي، ستشكل الدول الاوروبية عندها ثلث اعضاء مجلس الامن المؤلف من 15 دولة. لكن فاليري ديستان، رئيس الاتفاقية حول مستقبل اوروبا، قال في لشبونة ان ثمة احتمالا في عدم تحقيق موقف اوروبي موحد رغم هذا النفوذ المحتمل. وشدد في الوقت نفسه على ان الموقف الاوروبي الموحد في حال تحقيقه، سيلعب دورا حاسما. ويزيد من اهمية هذا الامر ان فرنسا تتولى رئاسة مجلس الامن في يناير على ان تسلمها الى المانيا في فبراير المقبل، وتسعى الدولتان في هذا الاطار، الى ابداء موقفهما المشترك من الازمة العراقية عبر تكثيف التصريحات بهذا الشأن. فقد قال الرئيس الفرنسي جاك شيراك في ختام عشاء غير رسمي مع المستشار الالماني غيرهارد شرودر ان المانياوفرنسا تتبنيان المقاربة والرؤية نفسها حول العراق. لكن برلين تؤكد في الوقت نفسه عزمها على عدم المشاركة في حرب محتملة على العراق، في حين يقول الرئيس شيراك انه يريد الاحتفاظ بحرية مطلقة لتقييم الوضع معلنا ايضا معارضته الشديدة لاي عمل عسكري منفرد. ويقول النائب الاوروبي الفرنسي جان لوي بورلا نج ان لندنوباريسوبرلين ومدريد كان بامكانها الالتزام والتوصل الى مواقف مشتركة خلال السنتين القادمتين بعد مشاورات بين الدول الاعضاء بيد ان الدول الكبرى تنتهج لغة مزدوجة وتفضل الاحتفاظ بهامشها الدبلوماسي. ويزيد من صعوبة التنسيق بين الدول الاوروبية ان بريطانيا حليفة الولاياتالمتحدة الكبرى، تتخذ مواقف متقلبة من الملف العراقي. فقد صرح وزير الخارجية البريطاني جاك سترو انه يظن، شأنه في ذلك شأن الرئيس الأمريكي جورج بوش، ان الوقت بات محدودا أمام العراق. لكن في الوقت ذاته يسعى رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الى طمأنة الذين يتهمونه بأنه يقرع طبول الحرب بتأكيده عدم تجاهل دور الأممالمتحدة حتى لو اقتضت الضرورة استصدار قرار جديد. واعتمد مجلس الأمن الدولي في نوفمبر الماضي بالإجماع قرارا يطلب من العراق الكشف عن أسلحة الدمار الشامل التي تتهمه واشنطنولندن بامتلاكها. ويفيد بعض المحللين ان اعتماد قرار ثان من الأممالمتحدة تجاه بغداد يشكل الجامع المشترك بين الدول الأوروبية، ويختم مصدر دبلوماسي بالقول لكن السؤال الكبير الآن هو معرفة محتوى ذلك.