بعد مضي عام على اجتماع نيويورك والضمانات بحصول انتعاش كبير، يلتقي المسؤولون الاقتصاديون والماليون في دافوس لكن الحصيلة هذه المرة قاتمة وتوقعات النمو مثيرة للاحباط. وقد يضطر رؤساء الشركات والمصرفيون ووزراء الاقتصاد خلال الاجتماع الذي يعقد مجددا في منتجع دافوس السويسري لرياضة التزلج، ان يتحملوا مسؤولياتهم: فالاسواق المالية التي صدمت بفضائح فساد في الولاياتالمتحدة طالت خصوصا شركات انرون وورد كوم وتايكو، تبقى متقلبة وفي حالة تيقظ. و بناء الثقة موضوع اجتماع هذا العام من المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يبدأ جلساته غدا وحتي يوم 28 يناير الحالي، اختير بعناية فائقة وهو موجه خصوصا الى هذه الاسواق والافراد والدائنين المحتملين الذين لا يزالون حذرين بعد الانهيار الذي شهدته البورصات العالمية الصيف الماضي. لكن من الصعب اعادة بناء الثقة. فخلال اجتماع العام 2002 في نيويورك اخطأ المنتدى الاقتصادي العالمي وشعاره ملتزمون بتحسين وضع العالم . فما من احد توقع تردد الشركات في الاستثمار وحلولها مكان الافراد ولا حصول فضائح مالية في الولاياتالمتحدة ادت الى هزة كبيرة في اسواق المال. لذا فان غالبية توقعات النمو التي اصدرها المنتدى خلال اجتماع نيويورك بالغت في التفاؤل ولا سيما تلك المتعلقة بتحسن الوضع الاقتصادي في اليابان ومتانة الاقتصاد الاوروبي. ومع افتتاح اجتماع دافوس غدا الخميس، سيستغل كل النافذين والمسؤولين في القطاعات المختلفة من فرصة اللقاء الفريدة هذه، ليعكفوا على درس وضع الاقتصاد العالمي. ويفترض ان ينصب الاهتمام على الاجراءات التي تتخذها ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش لانعاش الاقتصادي الاميركي عبر الانفاق وخفض الضرائب فضلا عن العجز القياسي في الميزانية. ويقول بارتون بيغز خبير الاستراتيجيا في مصرف مورغان ستانلي بتفاؤل كبير ثمة عامل جديد مهم يثير حماستي هو اننا اكتشفنا ان جورج بوش كرئيس افضل بكثير مما كنا نتوقع . في المقابل فان المماطلات اليابانية التي سبق ان تعرضت لانتقادات شديدة خلال اجتماعات دافوس العام 2001، وخصوصا الصعوبات الهيكلية ومحدودية انعاش الميزانية في اوروبا التي يفرضها ميثاق الاستقرار والنمو، قد تكون موضع نقاش محتدم. ويشدد لورينزو كودونيو كبير خبراء الاقتصاد في منطقة اوروبا في مصرف بنك اوف اميركا في لندن على ان تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي سلط الضوء على مواطن الضعف في منطقة اليورو. يجب حل المشاكل الهيكلية العالقة بشكل فعال . وبعيدا عن الحماسة التي ظهرت في اجتماع نيويورك بعد اشهر قليلة على اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر، على المسؤولين الاقتصاديين ورؤساء الشركات والمحللين ان يتوخوا الحذر الشديد في توقعات النمو هذه المرة، خصوصا وان الظروف الخارجية العائدة الى الوضع في العراق وفنزويلا والارتفاع الكبير في اسعار النفط، لا تسمح بتقييم قاطع. وقال وزير الاقتصاد والمال الفرنسي فرانسيس مير الاسبوع الماضي ملخصا الشعور في العام المسيطر، ان الظروف العالمية ستبقى غير اكيدة وثابتة ما لم نتوصل الى تسوية للازمة العراقية امل ان تكون بالطرق السلمية . لكن باسكال بلانكيه كبير خبراء الاقتصاد في مصرف كريديه اغريكول الفرنسي فيشدد على انه متشائم ويقول العام 2003 سيكون في افضل الاحوال عاما انتقاليا مع انتعاش اقتصادي مؤجل، وفي اسوأ الاحوال خيبة أمل جديدة .