في دراسة اكاديمية بعنوان "صورة الرجل في شعر المرأة" أوضحت الدكتورة سهام الفريح أن المرأة العربية عاشت في بدايات عصر النهضة حتى العصر الحديث حالة الحيرة والتردد بعد أن دخلت في دهاليز التخلف والظلام عزلت فيه عن المشاركة في الحياة العامة، بعد أن كان لها شأن ومكانة سواء في العصور الإسلامية، أو حتى في العصر الذي وسم بالعصر الجاهلي، فقد كشفت لنا المصادر القديمة عن مواقف عديدة شاركت فيها المرأة في الحياة الاجتماعية والسياسية والأدبية في تلك العصور المتقدمة من حياة العرب المسلمين، ثم بدأ الضعف والانحلال ينخر في جسد هذه الأمة حتى أصبحت لقمة سائغة بعد أن بسطت الدولة العثمانية نفوذها على بقاع عديدة منها بلاد العرب، وأخذ تدريجيا ينطفىء ذلك الاشعاع الفكري والحضاري في المجتمع العربي، بأكمله والمرأة أحد عناصره ولم يبق لها دور في هذا المجتمع إلا المتعة والانجاب. أكدت الفريح في مقدمتها للدراسة التي صدرت في حولية جامعية على أن (المرأة العربية مقلة في نظم الشعر عن الرجل، لكن لم تكن المرأة العربية المبدعة وحدها المتخلفة دون غيرها من نساء العالم، فليس للفوارق البيولوجية دور في تخلفها، وإنما للإرث الاجتماعي والثقافي، لأنها بطبيعتها منصرفة إلى أدوارها الأولى كأم وزوجة، لذا فالمرأة تتجه بوجدانها إلى هذه الأدوار عن غيرها، لكن متى ما منحت لها الفرص والتجارب نفسها التي تسنح للرجل المبدع تميزت وأبدعت كتميزه وإبداعه ، ونموذج هذا العصر نازك الملائكة ثم انطلقت الباحثة نحو التحدث عن المرأة العربية في العصر العثماني، المرأة في حكم شجرة الدر، في المرأة في عصر النهضة، فالمرأة في العصر الحديث منذ بداية عصر النهضة حتى فترة الستينات. وتقول الباحثة ظهرت في العصر صالونات "حاولت النساء أن تضع لها منتدى بجانب المنتديات التقليدية التي هي وقف على الرجال، وذلك بأن يفتحن أبواب منازلهن لحضور الجنسين، فهذه الصالونات كانت سببا لخلق نمط جديد من السلوك الاجتماعي، وخاصة بعد الاستقلال السياسي عن النظام العثماني، وجاءت أيضا نتيجة نشر العلم الذي أدى إلى ظهور طبقة مثقفة سريعة النمو والانتشار بعد أن نال بعضهم هذا القسط من العلم من الجامعات الأوروبية، فدعوا إلى الحرية الفردية والمساواة وكذلك بتحرير المرأة التي كانت ضمن مطالبهم الرئيسية" هذا وقد أفردت الدكتورة سهام الفريح للأديبة مي زيادة موقعا خاصا في هذا الباب لأنها كانت ظاهرة أدبية واجتماعية برزت في عصر النهضة، وكان مجلسها يعرف ب "مجلس الثلاثاء" غيرت فيه الكثير من اوجه الحياة الثقافية ليس على مستوى مصر فحسب، بل على مستوى الوطن العربي حيث كانت لمي مواهب متعددة، عملت على صقلها وتنميتها بالقراءة والبحث. فإضافة إلى معرفتها بعدد من اللغات الأجنبية فهما وكتابة مثل الفرنسية والإنكليزية والألمانية والأسبانية والإيطالية واليونانية الحديثة، فإنها اتصلت بالتراث العربي الإسلامي وحفظت القرآن وقرأت الشعر القديم، ومن آثارها في اللغات الأجنبية: أزهار حلم عن الفرنسية ابتسامات ودموع عن الألمانية والحب في العذاب عن الإنكليزية ورجوع الموجة عن الفرنسية.كما دافعت مي عن المرأة، وانضمت إلى الحركة النسائية التي تتزعمها هدى الشعراوي وحضرت اجتماعاتها، وكانت لها كتاباتها الجادة في قضايا المرأة . أما عن صورة الحب في حياة مي"فقد ذكر بعض الدارسين لحياة الرافعي انه أحب مي صدرا من كهولته وإلى آخر عمره فشيء لا أنكره ولا شك فيه" ولم يكن الرافعي الرجل الوحيد الذي نسب إلى مي بعلاقة حب، فلها مع جبران خليل جبران مراسلات، و"قيل إنها أحبته وأحبها، ولكنهما لم يلتقيا ابداً، كانت نقطة البداية إنها أعجبت أعجابا شديداً بكتاباته، فراسلته، وراسلها، وتوطدت الصداقة بينهما التي تحولت إلى قصة حب، عاشت عشرين عاماً ظلا طوالها متحابين دون أن يلتقيا إنما ظلت هذه المراسلات سجلاً لهذه العلاقة".وعن نازك الملائكة قالت: ونازك ظاهرة أدبية متميزة، زاوجت بين ثقافتها العربية والغربية ومنحت الشعر لونا جديداً زاده رونقا وبهاء بتجربة أنثوية خاصة لم تذب في الرؤية التقلديدة للمرأة، ولم تضعف لغتها الشعرية إنما بقيت محافظة على لغة أنثوية خاصة بنازك الملائكة دون غيرها من النساء المبدعات، وحتى عندما نظمت في الحب، فقد تجاوزت معاني الحب المألوفة التي عبر عنها الكثير من الشعراء نساء ورجالا ثم أوضحت الباحثة مراحل كتابة الشعر لدى الشاعرة، وما تميزت به من فن شعري جديد لم يكن مألوفا آنذاك وهو ما يعرف الآن بشعر التفعيلة، (وتملكت الشجاعة بعد أن لاقت التصدي والاستنكار سواء من داخل بيتها أو من خارجه لكنها صدمت أمام رياح النقد. كما تناولت الفريح ظاهرة التشاؤم في حياة وشعر نازك الملائكة موضحة الأسباب، ومع ذلك فقد قررت نازك بأدوار عديدة كاتجاهها إلى الطبيعة، وإلى الله، وهذا زادها أثراء فكريا وفنيا.