مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    استعراض مسببات حوادث المدينة المنورة    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    نهاية الطفرة الصينية !    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    الأمين العام لاتحاد اللجان الأولمبية يشيد بجهود لجنة الإعلام    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوقاية من العصاب القهري
نشر في اليوم يوم 08 - 01 - 2003

كأي مرض من الأمراض فإن للوسواس بيئة تساعد على نموه وتكاثره، وفي المجال الديني فإن الطروحات المتشددة والمتزمته للمسائل الدينية، قد تكون أرضية مناسبة لبذرة الوسوسة، وقبل أيام اطلعت على قضية امرأة كانت تيعش وضعا عادياً في حياتها وأعمالها الدينية فسافرت للحج، وكان المرشد الديني في الحملة التي التحقت بها، يدقق كثيرا على طريقة أداء الوضوء وأعمال الصلاة، ومن خلال بحثه وتوجيهه واسئلتها له، أكد لها أن وضوءها وصلواتها في السنين السابقة مليئة بالأخطاء وأنها باطلة، وأن عليها أن تعيد وتقضي كل عباداتها للفترة الماضية، وهنا تسللت جرثومة المرض إلى نفسها، وما انتهت من رحلة الحج وعادت الى بلادها، إلا وهي مصابة بحالة من الوسواس، اخذت تنمو عندها وتزداد حتى تحولت حياتها الشخصية والعائلية الى جحيم، انها تصرف ساعات لأداء كل فريضة من الفرائض.
وبالطبع هناك تيهؤ في بعض النفوس اكثر من بعض لاستقبال عدوى المرض، لتفاوت درجة المناعة والحصانة، لكن التوجيه الديني يجب ان يأخذ هذا الامر بعين الاعتبار.
فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم انه قال:( إن الدين يسر) (صحيح البخاري حديث 39) وعنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم:( خير دينكم أيسره) ( فتح الباري ج1 ص 127) وعنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :(إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق، ولا تكرهوا عبادة الله إلى عباد الله، فتكونوا كالراكب المنبت الذي لا سفراً قطع، ولا ظهرا ابقى) ( كنز العمال حديث 5377).
قهر مرض الوسواس له طريقة واحدة، هو قرار المريض نفسه وارادته، بالطبع يحتاج الى شجاعة كبيرة، وجرأة عظيمة، لكي يقرر عدم الاستجابة للانفعالات الوسواسية داخل نفسه، ورغم صعوبة ذلك لكنه أمر ممكن، وهناك الكثيرون ممن تعافوا من هذا المرض وتجاوزوه، بعد فترة من معاناة التزام العلاج، وما يسببه لهم من توتر نفسي وضغط عصبي، لكنهم بعد ذلك شعروا بحياة جديدة، وسعادة غامرة.
وعلى المحيطين بالمريض والقريبين منه أن يساعدوه في مقاومة هذا المرض الخبيث، ليس بالسخرية منه والتنكيت عليه، وانما بتشجيعه على برنامج منع الاستجابة، وتذكيره بالمفاهيم المعرفية المساعدة، وأخذ دور المراقبة والإشراف على انضباطه في العلاج، إنه مريض يثير الشفقة وفي مساعدته وإنقاذه أجر وثواب كبير.
بمقدار ما يسر الإنسان من رؤية شاب متدين ملتزم بالشرع، مقبل على العبادة، بذات القدر وأكثر يتألم اذا شاهد شابا في مقتبل العمر مبتلى بداء الوسوسة في أعماله الدينية، ذلك أن مرحلة الشباب هي أفضل فترات الاستمتاع بالحياة، والتعاطي معها بحيوية وارتياح، ويفترض في الدين أن يجعل الإنسان أكثر سعادة واطمئنانا، فاذا اصيب الشاب بالوسوسة في امر دينه، يتكدر صفو حياته، ويفقد استقراره النفسي، ويصبح الدين عبئا عليه بدل أن يكون دافعا ومحفزا له.
وقد أظهرت البحوث العلمية في بعض مراكز التحقيق أن 50-60% من حالات الوسواس تظهر في عمر 15-20 سنة، وتزداد تدريجيا، وتصل الى ذروتها في الاعوام 20-25 سنة، ثم تبدأ نسبة احتمال الاصابة في الانخفاض حتى سن 35 عاما،وكلما تقدم العمر بالإنسان كانت احتمالات الإصابة بالوسواس اقل.
ذلك ان مرحلة الشباب تصاحبها في الظروف الطبيعية حالة الاهتمام بالمعايير الأخلاقية، والقيم المعنوية، وقد تحصل بعض الشوائب والأخطاء في الأجواء الدينية التي يعيشها الشاب، مما يزرع في نفسه بذور القلق والهواجس، التي تدفعه للمبالغة في التأكد من أداء الواجبات الدينية، والتشدد في الالتزام بالأحكام الشرعية بدقة وتزمت.
وقد تكون تلك هي بداية الابتلاء والإصابة بمرض الوسواس.
وفي بعض الأحيان ينتقل الوسواس إلى الإنسان بالعدوى، لمعايشته شخصا متزمتا أو وسواسيا.
وهل تلعب الوراثة دورا في الإصابة؟ يرى ذلك عدد من العلماء النفسيين، مثل (براين) الذي يرى ان العصاب القهري مظهر لجبلة سيكولوجية ترجع في الغالب الى الوراثة، وان صعوبة علاج العصابيين ربما تكون بسبب العوامل الجبلية لديهم ويذكر (سادلر) ان سجلات عيادته لفترة أكثر من 35 عاما كشفت عن ان الوراثة تظهر كعامل رئيسي في 90% من الحالات.
ولكن ذلك كله ليس بدليل قاطع على ان الاعراض القهرية يتم توارثها، فقد يرجع الامر الى تعلم الابناء من آبائهم هذه المسالك القهرية، خلال طفولتهم المبكرة، مما يعرف في التحليل النفسي بالتوحد مع الآباء، فمسألة الوراثة لا يمكن حسمها الا بدراسة للمورثات (الجينات) وهذا هو ما قام به (براون ومننجر) حيث ادت ملاحظاتهم الكلينيكية وتجاربهم الى رفض النظريات التي تقول بأن العصاب القهري يتم توارثه عن طريق الجينات.
يفترض في الانسان المتدين ان ينطلق في اعماله وتصرفاته من احكام الشرع، كما يفترض ان يكون الدافع الى ممارسة العملية الوسواسية في الأمور الدينية، حرص الوسواسي على اداء الواجب الديني بدقة وبشكل صحيح، فلو كان لا مباليا لم اهتم بإتقان وضوئه وصلاته.
وهنا تكمن المفارقة العجيبة، ويتناقض الوسواسي مع نفسه في استجابته للوسواس، وانخراطه في العملية الواسواسية، فهو يريد التأكد من القيام بوظيفته الشرعية في مجال الطهارة والصلاة مثلا، بتكرار العمل أكثر من مرة، ليطمئن من خلو ذمته، وانجاز واجبه، لكنه يجهل أو يتجاهل انه بهذه الممارسة قد اخل بوظيفة اهم، وبواجب شرعي أكبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.