كانت الخطوة التي اقرتها قمة الدوحة الخليجية باعتماد التعرفة الجمركية الخليجية الموحدة هامة في سبل التوحد الاقتصادي, والدخول في المنافسة العالمية التي لا تؤمن - في الوقت الحاضر - إلا بمنطق التكتلات والتجمعات, التي تقوم غالبا على المصالح الاقتصادية بدرجة أساس. ولقد أشبع هذا الموضوع بحثا خلال الفترة الماضية, ولا أظن أن الحديث سوف ينتهي في هذا المجال فقد استعرض الكتاب والمتخصصون في الجانب الاقتصادي العديد من الإيجابيات التي سوف تعكسها هذه الخطوة في طريق الوحدة الخليجية الشاملة الصعب والذي لا يزال بناء يتطور وينمو رغم مرور أكثر من عشرين عاما على تأسيس أنجح مشروع إقليمي وحدودي في العالم العربي. إلا أن الشيء الذي لم يتم بحثه - على حد علمي هو مسألة الظواهر السلبية التي كانت - وما زالت تعكر صفو الوحدة الخليجية خصوصا في الجانب الاقتصادي, والتي تظهر في الكثير من المواقع, والحالات لعل أبرزها ظاهرة التبادل التجاري للسلع قليلة الجودة وظاهرة التكرار في المشاريع. ففي السنوات الماضية, شهدت الأسواق السعودية تواجد أصناف كثيرة من السلع قليلة الجودة, التي كان مصدرها - بكل أسف - أسواق خليجية مجاورة, ربما كان اشهرها المنظفات, والدهانات, وزيوت المحركات, فضلا عن المواد الغذائية, والتي كانت مصدر إزعاج للتجار والمستهلكين في المملكة, والذين كرروا المطالبة بمنع استيراد هذه السلع. وبالتالي فإن تفعيل المواصفات الخليجية المشتركة بات أمرا أكثر ضرورة في هذا المجال, فالوحدة الجمركية تجر معها خطوات وحدوية, وتحديات وحدوية أخرى, وكلما زادت مشاكل هذه الوحدة, فإن الحلول هي المزيد من التعاون, فنحن جميعا دول مجلس تعاون. وقد تنبه قادة المجلس لهذه الحقيقة فظهرت فكرة الربط الكهربائي, وفي الطريق فكرة الربط المائي وكلها مشاريع وحدية سوف يشهد عائدها المواطن الخليجي وضمن هذا الإطار نجد أن تفعيل المواصفات الخليجية ستكون رافدا جيدا للوحدة الجمركية نضمن بها السلع عالية الجودة. وعلى صلة بالموضوع إذا كانت الوحدة الجمركية سوف تجعل من التعامل للسلع الخليجية سلعا وطنية كما تضمن ذلك إعلان الدوحة, فإن كافةالدول الخليجية مدعوة للتعامل الأفضل مع السلع الخليجية (التي باتت سلعا وطنية) فليس من السليم - في ظل الوحدة الاقتصادية الحالية - أن تتعطل الشاحنات السعودية المحملة بالمواد الغذائية ذات الصلاحية محدودة المدة على المداخل الخليجية لساعات ثم ترفض لعدم صلاحيتها. وكما شكت الأسواق السعودية من السلع الخليجية قليلة الجودة, كذلك شكت بعض الأسواق الخليجية الأخرى من مزاحمة المنتج السعودي, الذي يحمل شعار الجودة غالبا, بالتالي فإن خطوات من الاندماجات بين الشركات والمؤسسات الخاصة تبدو ضرورة في هذا الوقت, لكي تحد من الظواهر السلبية فكم نتمنى أن تكون شركات البتروكيماويات مدمجة تخدم الجميع, وكذلك شركات الاتصالات والبنوك وشركات الكهرباء.. إلخ.