في المظاهرات التي شهدتها مصر العربية خلال اليومين الماضيين احتجاجا على الحرب في بغداد كان احد الشبان يحمل لوحة كتب عليها سؤال وجيه جدا هو: يا فرعون مين فرعنك؟ هذا السؤال هو جزء من مثل شعبي يقول نصفه الثاني: مالقيتش حد يردني. ومما لا شك فيه ان هذا السؤال موجه الى الرئيس الامريكي جورج بوش. ويعني ذلك الشاب ان هذا السؤال كان يجب ان يوجه الى الرئيس العراقي صدام حسين الذي تفرعن منذ سنوات طويلة عاشت فيها العراق اسوأ سنواتها وهي سنوات سوداء منها ما هو معلن مكشوف مثل خوض الحرب ضد ايران ومنها غزو الكويت ومنها الحرب المتقطعة ضد الاكراد وهناك ما هو سري او شبه سري وصلتنا بعض صوره وأنبائه في السياسة القمعية التي استخدمها صدام ضد الشعب العراقي الذي يقول عنه (شعبي) وكأنه جزء من ممتلكاته التي اغتصبها من خيرات العراق على اكتاف رجالها ونسائها حيث قتل من قتل وهاجر من هاجر حتى تغير وجه بغداد. بغداد الحضارة وبغداد التاريخ العريق وبغداد الثقافة والفنون فانتهى الامر الى تشظي شخصية الانسان العراقي الذي لم يجد له مهربا. ذلك المثل له نظير عراقي لا يختلف عن سابقه الا باللهجة.. يقول العراقيون (قالوا له الفرعون منو فرعنك؟ قال: ما لقيت حد يوقف بصدري) ومن حاول ان يقف بوجهه عاجله الرصاص وكل افراد اسرته ومن والاهم، لان الطاغية المتفرعن كان قد احكم قبضته الشرسة على كل نفس ولم يعد هناك من يقدر ان يصد شروره. وازداد الامر سوءا عندما اصبح كل رجل يقف على خارطة المسؤولية العراقية ينطق بلسانه البذيء وقاموسه اللغوي الخاص الذي ان كان قد نجح في سنوات مضت فهو اليوم غير مجد بعد سقوط قناع الاقوال وجاء وقت الافعال. عندما شتم عزت ابراهيم احد اعضاء الوفد الكويتي في القمة العربية الاخيرة بقوله (لعن الله ابو شاربك) على مسمع من العالم لم يكن هذا شيئا جديدا وعندما يردد ويكرر وزير الاعلام العراقي في كل لقاء تليفزيوني او مؤتمر صحفي مثل تلك الالفاظ ليحشو بها نفيه المستمر واكاذيبه المعدة مسبقا لم يكن الامر جديدا ايضا وهو اسلوب عرفناه سمة مميزة لاسلوب الخطاب العراقي منذ حرب الخليج الثانية. اليوم ما عاد لهذا الخطاب قيمة يثمن بها. اليوم مازلنا ننتظرمن صدام ان يفعل شيئا ينقذ العراق وشعبه البريء. ولكن كيف لنا ان نحلم بان يتحرك قلب صدام على ارض هو اول من اساء اليها وكيف يأسى او يتألم على حال العراق وعلى ابرياء يدفعون ثمن حماقاته ولطالما دفعهم هو الثمن قبل هذا بكثير. آه ايها العراقي ليتك فعلتها قبل ان تفعلها قوى التحالف. ليتك آمنت بان العراق اقوى وارسخ من صدام وجنوده. اليوم ما عاد الكلام يجدي ولابد ان يدفع احدهم الثمن وهأنت ذا تدفعه. اللهم امنا في اوطننا، اللهم اعز الاسلام والمسلمين.