يرتقي اي يرتفع او يسمو وهو فعل تأثيره صادر مباشرة من اداء الفاعل نفسه, واستفسر ماذا يعني لنا هذا المفهوم في عملنا الوظيفي؟ اشك ان يكون هناك من يفكر كثيرا بمفهوم الارتقاء اكثر من مفهوم الترقية في الاعمال الوظيفية! والسبب بسيط جدا! وهو اننا تعودنا على ان لاتكون هناك خطط وبرامج تطوير تساعد الموظفين على الارتقاء بادائهم ومكانتهم الوظيفية, فربما يعد وجود هذه البرامج لدى اي قطاع اعمال مثلا من النوادر التي عادة ما نسمع بها ولانراها مثل الغول والعنقاء والخل الوفي!.. ولاوضح اكثر اقول ان من اهم الحوافز التي تشحذ قدرات الموظفين وتساعدهم على اعطاء المزيد وبذل المزيد من طاقتهم هو معرفتهم المسبقة بوجود برامج ومراحل ارتقاء وظيفية امامهم, ولن يستطيعوا بلوغها والوصول اليها اذا لم يقدموا اداء افضل ويحسنوا من قدراتهم ويطوروها, ثم يكون القرار لهم في العمل على الارتقاء طواعية او القبول بالكينونة والبقاء على ماهم عليه بالرغم من عبور قطار التطور على محطتهم دون ركوبه, وفي حياتنا العملية نعيش واقعنا بكثير من لحظات التامل والترقب ننتظر قرارات الترقية التي نفترض ان تهل علينا من قبل مسئولينا دون ان يكون غالبا لنا دور كاف في تحقيقه وذلك فقط من باب طول خدمتنا واستمرارنا باداء نفس العمل لسنوات! والعجيب ان هذه هي نفس الاسباب التي تتخذها الشركات الكبرى كذريعة لانهاء خدمات الموظفين لديها والتخلص منهم!, فلا طول الخدمة ولا الاداء المستمر بنفس الرتابة والمستوى مقبول لديها, لانه ببساطة تكاليف العامل الحالية قد زادت وليست كماهي منذ عقد من الزمن فبالتالي يجب ان يكون اداءه وجودة عمله اكثر وافضل, واضرب مثلا في وظيفة الحارس كم هي بسيطة ومحدودة المسئولية ولكن من يقبل ان يوظف حارسا لايستطيع التعامل مع الجمهور (لديه علاقات عامة) ولايحسن استخدام الهاتف ولايجيد التفاهم ومعرفة بعض الجمل الاجنبية ولايعرف صياغة تقرير عمله اليومي او يهتم بمظهره او حتى لديه بعض المعرفة بمكافحة الحريق والاسعافات الاولية, الخ. وهكذا كله لوظيفة حارس فقط, فكيف اذا ما تحدثنا عن موظف استقبال او بائع او مسئولا علاقات أو مشرف قسم او مدير عام مثلا! اذا اما قبل كل موظف ان يستمر في ادائه الوظيفي بنفس الرتابة والمستوى من دون ان يبذل هو نفسه لاضافة بعض المهارات والقدرات الاخرى اليه فكيف يتوقع ان يرتقي من موقعه الى ماهو افضل؟, والسؤال نفسه موجه الى الجهات المسئولة عن التدريب والموارد البشرية في قطاعات العمل كيف يمكن ان نثير الحماس لدى موظفينا بدون ان تكون لدينا خطط واضحة ومعلنة حول التطوير والارتقاء الوظيفي لكل وظيفة بعينها, وهذه لاتفصل حسب الاشخاص بل حسب الوظائف نفسها!, هناك قصور لدى الغالبية من قطاعات الاعمال في نظرتهم حول الاستثمار بالموارد البشرية, ربما لانها متوفرة ورخيصة وربما لعدم اقتناعهم بهذه الاستثمارات وربما (وهو الاجدر) لعدم كفاءة من يترأس هذه المسئوليات في طرح او تطوير نظم تساعد على الارتقاء الوظيفي لدى الموظفين كافة!.. نحن نقضي الوقت الطويل في البحث وبعناء عن موظفين يعملون لدينا بولاء واخلاص وجهد ونستغرب كيف يتركنا الموظف للعمل لدى قطاع آخر اذا ماحصل على عرض افضل (وكأنه مملوك لنا) ونسعى الى تقييد الموظف بتعهدات وضمانات وكفالات كي لايفكر بتركنا والعمل لدى الغير ولكن لانبذل القليل من الجهد للجلوس معه ومناقشة مستقبله الوظيفي لدينا وخطط تطويره المرحلية عبر برنامج زمني معقول ولا حتى نقوم بترشيحه لدورات تدريب لتطوير قدراته! فكروا قليلا وستجدون ان الدورات التدريبية لاتعطي مبادرة من المسئولين عادة! ولكن تطلب من قبل الموظفين الذين لديهم الرغبة الذاتية بالارتقاء وهؤلاء غالبا ما يكونون هم النخبة المرجو لها الارتقاء هي التي يجب ان نحافظ عليها والانسمح بخسارتها.