اظهر الاصلاح الجديد لنظام التعليم الذي قررته الحكومة التركية الاسلامية المحافظة، التوتر المستمر بين النظام وجماعة فتح الله كولن الاسلامية النافذة، قبيل سنة ستشهد عدة عمليات انتخابية. وفي دلالة جديدة على الانقسامات التي تشهدها القاعدة الانتخابية لرئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، قبل اربعة اشهر من الانتخابات البلدية، هذا الجدل الذي يعود اساسه الى مشروع اغلاق مؤسسات تعليمية خاصة تديرها حركة كولن، بهدف مساعدة الطلاب على التحضير للدراسات الثانوية والجامعة. وكما قال رئيس الحكومة الاسبوع الماضي فإن الامر يتعلق بالغاء "نظام تعليم غير شرعي" لا يفيد "الا اولاد العائلات الثرية في المدن الكبرى" ويقحم الاولاد في منافسة حامية. وهناك حوالي الف من أربعة آلاف مؤسسة من التي احصيت في تركيا، تمولها حركة الداعية الاسلامي فتح الله كولن "72 عاما"، الذي يعتبر مقربا جدا من حزب العدالة والتنمية الحاكم. ومؤسس هذه الحركة المقيم في المنفى في الولاياتالمتحدة في 1999م، هربا من ملاحقات القضاء التركي بسبب انشطة مناهضة للعلمانية، يدير شبكة مدارس نافذة جدا تنشر الثقافة التركية في كافة انحاء العالم، ويدعم محطات تلفزة، والصحيفة الاكثر انتشارا في تركيا "زمان". وتضم الحركة اليوم ملايين المؤيدين، ولها علاقات في اوساط الاعمال والشرطة والقضاء التركي. ومشروع الاصلاح الحكومي اثار موجة احتجاجات في صفوفه، وعنونت صحيفة زمان على صفحتها الاولى "اي جريمة ارتكبناها تبرر هذا الاغلاق؟". وفي الصحيفة نفسها، عبر احد المقربين من فتح الله كولن، حسين غوليرس عن "صدمته". وبحسب بعض المواقع المقربة منه فإن الداعية شبه تحرك النظام هذا ب"الانقلاب". ورجب طيب اردوغان المعروف بحزمه، استبعد اي عودة الى الوراء. وقال "لقد اتخذ القرار (...) وهذا المشروع ليس موجها ضد اي شخص" قبل ان يعبر عن اسفه لموقف الجماعة. وقال رئيس الوزراء: "في السابق كانت وسائل الاعلام تنتقدنا بسبب تقاربنا مع الحركة. والآن هم اشقاؤنا الذين ينتقدوننا" مضيفا: "لا نفهم لماذا يعتمدون مثل هذا الموقف". ومما يدل على هذا التوتر، مواجهة النائب من حزب العدالة والتنمية ادريس بال، الذي تجرأ وانتقد الاصلاح الحكومي، اجراء استبعاد. والاستحقاقات الانتخابية تنطلق في مارس مع الانتخابات البلدية، ثم تتواصل في أغسطس مع اجراء اول انتخابات رئاسية بالاقتراع العام المباشر، على ان تنتهي بالانتخابات التشريعية في العام 2015. وهذا الخلاف اخرج الى العلن نزاعات قديمة بين الطرفين. ودعا الرئيس عبدالله غول، ونائب رئيس الوزراء بولنت ارينتش، وكلاهما مقربان من فتح الله كولن الى المصالحة، لكن دون جدوى. ومن شأن الانتخابات الرئاسية ان تعيد احياء هذه الخلافات. فاردوغان الذي ليس بامكانه الترشح لولاية ثالثة على رأس الحكومة في 2015، لم يعد يخفي نيته الترشح للرئاسة. من جهته لم يعلن غول الذي شارك في تاسيس حزب العدالة والتنمية ما اذا كان سيترشح ام لا؟، ما اثار تكهنات حول احتمال حصول منافسة بين رفيقي الدرب.