تلتمس ثلاث معتقلات بسجن عكاشة بمدينة الدار البيضاء "91 كلم جنوبالرباط" في رسالة موجهة إلى وزير العدل المغربي التعجيل بالبت في طلب الطعن بالنقض في قرار جنائي صدر بتاريخ السابع من شهر مارس من العام 2000، وتم فيه الحكم على المتهمة "الأم" عائشة الأزهر ب 25 سنة وابنتيها فتيحة زياد ب 25 سنة، ونادية زياد بعشرين سنة سجنا نافذا. وحسب الملتمس فإن المتهمات الثلاث متشبثات ببراءتهن ردا على ما نسب إليهن وهو القتل العمد، ويعتبرن أن التهمة لفقت لهن بعد تدخل إحدى الشخصيات النافذة في الملف، إضافة لتقديمهن مجموعة من الأدلة وعدم وجود في الوقت نفسه أي دليل يثبت التهمة عليهن، باستثناء مضامين محاضر الضابطة القضائية، التي انتزعت منهن تصريحات تحت الإكراه البدني والتعذيب على حد قولهن. وتعود وقائع الملف حسب محضر الضابطة القضائية، عدد :ش ق المنجز في نوفمبر من العام 1997"أنه بتاريخ الخامس من نفس الشهر، تعرضت المسماة قيد حياتها خديجة بلبصير لحادث إضرام النار من قبل المسميات عائشة الأزهر، فتيحة زياد وزياد نادية، إثر نزاع وقع بينهن، وقد أدى الحادث إلى وفاتها بسبب إصابة جسدها بحروق من الدرجة الثالثة بالنسبة للأطراف السفلى والدرجة الثانية بالنسبة لبقية أعضائها. وبالنسبة لتصريحات المتهمات أمام الضابطة القضائية ، فقد تم الاستماع في يوم الحادث إلى الراحلة /الضحية، بلبصير خديجة بعد وصولها إلى المستشفى فصرحت، بأنها يوم الحادث وعلى الساعة التاسعة صباحا، بينما كانت تقوم ببعض الأشغال المنزلية، سمعت حوارا يدور حول ابنها البالغ من العمر أربع سنوات، ولما خرجت لمعرفة ما حدث، فوجئت بالسيدة عائشة الأزهر صحبة ابنتيها فتيحة ونادية وابنها عبد الكريم ينهالون بالسب والشتم على ابنها، وعند تدخلها، قامت عائشة الأزهر برشها بسائل كان بداخل قنينة ثم رمت النار، فشب حريق بجسمها وأنه لولا تدخل والدتها وأختها (لأدت النيران إلى قتلها حالا، وهو ما كان بعد ذلك)، على حد تعبيرها، مضيفة، أن المسماة عائشة الأزهر هي التي نفذت بمفردها عملية إضرام النار. وبنفس اليوم، تم الاستماع إلى والدة الضحية، فأفادت أنه بتاريخ الحادث كانت متواجدة بالطابق الأول، فدخلت عندها ابنتها مريم وبرفقتها ابنة بنتها، وبعد لحظة، سمعت صياح ابنتها خديجة الضحية، وهي تستنجد، ولما نزلت رفقة ابنتها شاهدت النار تلتهب جسم ابنتها خديجة فعملت على إطفائها مؤكدة أنها لم تشاهد من الذي قام بذلك ومن الذي أشعل النار بجسم الضحية، موضحة أنها لما نزلت استنشقت رائحة الغاز. كما أفادت أخت الضحية، مريم بلبصير، أنها كانت يوم الحادث، بسوق الخضر، قبل أن تتوجه إلى حي المعارف بالدار البيضاء عند والدتها المريضة وأختها، وأنها لما وصلت، وجدت أختها الراحلة أمام باب الشقة تحمل بين يديها بنتها الصغيرة وتتبادل السب والشتم مع مالكة الشقة "المتهمة الرئيسية عائشة الأزهر"، قبل أن تصعد إلى الطابق الأول، حيث سمعت صوت أختها، تطلب النجدة، وعندما نزلت بسرعة، شاهدت لهيبا من النار بكل جسمها، وساعدت أختها على إطفاء النار مؤكدة أنها لم تستنشق أي رائحة لأي مادة سائلة. إلا أنه ورغم هذه الوقائع فإن المتهمات متشبثات ببراءتهن، كيف ذلك؟ يتضح من خلال التصريحات السابقة لأفراد عائلة بلبصير، أن لا أحد منهم عاين أو شاهد من أضرم النار في جسم الضحية باستثناء الضحية نفسها في حين أنكرت إحدى أخوات الضحية المسماة سمية تواجدها بالبيت وقت وقوع الحادث /الجريمة. مقابل هذا ما رأي الشهود؟ تم الاستماع للشاهدة، لكحل فاطنة، العاملة كطباخة بمقهى متفرعة من الفيلا التي وقعت فيها الحادثة، فأفادت أنها رأت المسماة سمية تحمل صندوقين للقمامة وهي تطلب من خديجة/الضحية، إفراغهما بالممر الذي تمر به السيدة عائشة وأبناؤها في الدخول أو الخروج إلى منزلهم، مضيفة أن سمية قامت بكسر قنينة صغيرة وأخذت ترمي بما فيها من سائل بالمدخل الرئيسي المشترك، وتطلب من السيدة عائشة الخروج، وبعد لحظة، دخلت سمية للمنزل وأخرجت سائلا كالماء، ترش به بيدها المدخل الخشبي للمنزل، وكذا غطاء داكنا موضوعا أرضا على مستوى المدخل على موكيت صغير الحجم وأضرمت النار بواسطة عود ثقاب بواسطة المادة السائلة بمدخل المنزل. وبمجرد أن أشعلت النار بسرعة مفاجئة، أدخلت خديجة غطاء صوفيا مزركش بالأحمر والأسود ،والتحفت بداخله ودخلت وسط النيران، فاشتعلت النار باللحاف مما جعل سمية تخرج وتتوجه إلى المدخل الرئيسي للفيلا، لتنادي بأعلى صوتها ثم دخلت وأغلقت الباب الرئيسي للفيلا وأزالت اللحاف الصوفي عن الضحية وقامت مريم بإطفاء النار باللحاف الصوفي وكذا بالإطار الخشبي للباب الذي شبت به النيران، كما أضافت أن عددا كبيرا من الجيران حضروا لمد يد المساعدة إلا أن الباب الرئيسي كان مغلقا من طرف سمية وقامت بمحاولة قرعه بقوة، لكن لم يتم فتحه، كما سمعت والدة الضحية تعاتب ابنتها عن فعلها ، وهي تقول بالدارجة المغربية "يا صعة أشدرتي؟ ماذا فعلت يا صاحبة الحظ العاثر؟" كما أوضحت ضمن تصريحاتها المضمنة بمحضر ض، ق، أنها لم تشاهد عائشة أو أبناءها بداخل الفيلا سواء وقت السب أو الشتم أو أثناء إضرام النار. لكن شهادة هذه السيدة، سيتم تغييرها بواسطة تصريح لاحق، بعد تعرض صاحبته فيما يبدو للضغط، ورغم ذلك، ظل التصريح اللاحق يحتفظ بمقوماته الأولى ولم يورد فيه اسم إحدى المتهمات. أما الشاهد الثاني الحبيب أوريس فقد أفاد، أنه يوم الحادث، حوالي الساعة الحادية عشر إلا ربعا صباحا ، سمع ضجيجا وصراخا منبعثا من إحدى المنازل المجاورة للمقهى، فأخذ يطل من نافذة في المقهى، فأبصر سمية وهي تخرج غطاء صوفيا أحمر اللون وأفرغت عليه سائلا حارقا وأوقدت النار فيه، ورمت به أمام مسكنها وكانت إلى جانبها أختها خديجة. وقد أنكرت المتهمات جميع التهم المنسوبة إليهن ابتدائيا وتفصيليا وأكدن أنهن تعرضن للضغط والتعذيب والتنكيل، مؤكدات أنهن لم يكن موضوع شك واتهام، بل كانت التهم موجهة لعائلة الضحية، وأن الأمر ظل طبيعيا إلى أن أتى شخص مهم لتنقلب الأشياء وتتغير الأمور بسرعة، ليتم بعد ذلك استدعاء المتهمات وتوجيه التهمة لهن. وحسب المتهمات، فقد كانت هناك خطة جهنمية تسكن في أعماق الضحية وعائلتها منذ عدة شهور، تولدت في نفس هذه العائلة للإيقاع بهن، عبر خلق سيناريو محبوك لتوريط المتهمات المعتقلات في الجريمة. وهكذا تم الاتفاق على إشعال النار في ملابس الضحية حتى يتم تلفيق تهمة محاولة قتل الضحية لعائلة عائشة الأزهر. لكن الأمور سارت في اتجاه غير منتظر، على حد تعبير المتهمات إذ بمجرد ما تم إشعال عود الثقاب حتى اندلعت النار بشكل مرعب، وسبب ذلك، أن المادة الحارقة، أحرقت بسهولة البساط الأرضي الذي كان يكسو الأرض والمكون من مادة "البولستير"، فاشتد لهيب النار، وانقلب السحر على السحرة، فأصيبت عائلة الضحية بالهلع، فلم تهتد لكيفية إطفاء الحريق إلا بعد أن قضى الله أمرا كان مفعولا. فالغطاء الذي أحضر بقصد وقاية وحماية الضحية أصبح عمله يعارض نية هاته العائلة ولم يعرف اللهيب توقفا إلا بعد أن احترقت أرجل الضحية. وأن الضحية كانت منحنية لتدفع النار عن أرجلها بأيديها فلحق اللهيب الأيدي والوجه وأن الصور الموجودة بالملف وكذا التقرير الطبي يظهر. كما تقدمت المتهمات في عريضة الطعن بالنقض في هذا القرار الجنائي بسرد مجموعة من الخروق شابت هذا الملف. من أجل كل هذا وفي ظل الغموض الذي يعتري بعض جوانب القضية التمست المتهمات عبر دفاعهن من القضاء المغربي التعجيل بالبت في هذا الملف بعد أن قضين سنوات من المعاناة وراء القضبان ظلما بعد أن لفقت لهن تهم لا علاقة لهن بها، حسب الالتماس.