يسعى عصبة من المحافظين الجدد لاقحام بلادنا في سلسلة من الحروب التي ليست في صالح أمريكا. لقد نال الجناح المؤيد للحرب ما كان ينشده الا انه حصل على شيء لم يساوم أصلا للحصول عليه فقد انكشفت قوائم عضويته وشركائه كما برز التحدي لدوافعه فقد قام تيم وربنيزت الصحافي الامريكي بطرح السؤال التالي مباشرة على ريتشارد بيرل: (هل بامكانك التأكيد للمشاهدين الأمريكيين بأننا حاليا ضد صدام حسين وان الاطاحة به تخدم المصالح الأمنية الامريكية؟ وما ستكون علاقة ذلك باسرائيل؟) لقد برزت العلاقة الاسرائيلية على السطح فجأة وذلك لم يعجب الجناح الداعي للحرب واصدقاؤنا المحافظون الجدد الذين وجدوا انفسهم في مواجهة مصادمة فكرية حادة او بتعبير آخر حريق فكري غير متوقع فيتصرفون بشكل انفعالي يتهربون من الصراع السياسي باسلوب صبياني غير ناضج بادعاء انهم بوضعية اقلية مضطهدة و سيعتقد الواحد منا ان الذين يزعمون انهم يرسمون السياسة الخارجية للدولة العظمى هم في الواقع رجال بحق على الساحة السياسة لكنهم في حقيقة الأمر وعلى أرض الواقع ليسوا كذلك. كان ما كس بوت المحرر السابق في صحيفة وول ستريت اول من بدأ الحملة عندما طرح انصار بيوكانان عبارة (المحافظين الجدد) واوردوا اسماء مثل وولغوويتز وكوهين - وبدا الامر احيانا كما لو انهم يعنون بذلك (المحافظين اليهود) لكن ماكس بوت يسلم بان العلاقة الحميمة مع اسرائيل هي معتقد رئيسي لدى المحافظين (الجدد) وهو يدعي ايضا ان الاستراتيجية الامنية القومية للرئيس بوش تبدو وكأنها ظهرت من صفحات مجلة (كومنتاري) وهذه الاخيرة هي الكتاب المقدس للمحافظين الجدد (للأيضاح مجلة كومنتاري هي الكتاب المقدس الذي ينشد منه الهدى الالهي وهي المجلة الشهرية التي تصدرها لجنة اليهود الامريكيين). أما ديفيد بروكس في مجلة (ويكلى ستاندارد) الاسبوعية فيشكو من ان عزو سبب الهجمات الامريكية الى العلاقة باسرائيل قد ادخلته في جحيم ويقول:(اتلقى الآن سيلا لا يتوقف من المقالات المعادية للسامية عبر بريدي الالكتروني والبريد الصوتي والبريد العادي. ان العداء للسامية موجود ويتنامى والفرق هو ان مركز تأثيره لم يعد مقصورا على انصار بيوكانان اليمنيين بل تعداه الى اليسار المؤيد للسلام). اما روبرت كاجان صاحب الزاوية في الواشطن بوست فيشير الى مكابدته العذاب في الخارج فيقول:(في لندن يجد الواحد افضل مفكري بريطانيا يقترحون بلغة معقدة وبلكنة لندنية قائلين ان نظريات التآمر الخاصة ببات بيوكانان والمتعلقة بقيام المحافظين الجدد (والمقصود:اليهود) ماهي الا تبني واختطاف للسياسة الخارجية الأمريكية). في حين ان لورانيس كابلان عن صحيفة (نيوريبابليك) الجمهورية (الجديدة) يتهم مجلتنا الصغيرة بانها تحولت الى منتدى للذين يؤمنون ويؤكدون ان الرئيس بوش اضحى عميلا لآرييل شارون ولمعسكر الحرب الخاص بالمحافظين الجدد. ونستهشد بالكاتب نشارز لندبيرغ الذي يتهم كلا من بول شرويدار وكريس ماتيوز وروبرت لوفاك وجورجي ان جايار وجيسون فست من صحيفة نيشن (الامة) وكذلك جاري هارد بانهم يلمحون الى ان اعضاء من فريق الرئيس بوش كانوا يزايدون لصالح اسرائيل وبكلمات اكثر وضوحا كانوا يبدون ازدواجية في الولاء وينفجر كابلان قائلا: ان المشكلة الحقيقية في ادعاءات كهذه لا تكمن فقط في انهاء عارية عن الصحة بل في كونها ادعاءات مسموعة حيث ان التطرق لموضوع ازدواجية الولاء لاسكات النقد والنقاش يتجاوز بكثير التسبب اليومي في تشويش وتلويث الاحاديث العامة الى ان يصبح احباطا للاحاديث العامة اذ انه كيف سيتمكن الفرد من دحض اتهامات قائمة على اساس عرقي؟ فهذه التهم في حد ذاتها مستحيل اثبات عدم صحتها وهذا هو الهدف المنشود من هذه الادعاءات. ما الذي يحدث هنا؟ هذا ما ركز عليه ميكي كوس في مقالة تحت عنوان(لورانس كايلان يلعب بورقة العداء للسامية). ان ما يفعله كابلان وبروكس وبوت وكاجان هو بالضبط ما فعله القس جيسي جاكسون عندما انكشفت مسألة حصوله على تبرعات ضخمة من 500 شركة كان قد اتهمها مؤخرا بالتمييز العنصري فقد لعب بورقة العرق وبالمثل فان المحافظين الجدد يحاولون اتقاء شر النقاد عن طريق تشويه صورة النقاد والطعن بدوافعهم. وفي الحقيقة فان تهمة (معادة السامية) هي السم في حد ذاتها لان هذا القذف المهيب مصمم لاسكات الحديث الجماهيري عن طريق تشويه السمعة وارهاب الخصوم ومراقبتهم وابتزازهم ووضعهم ومن قد ينشر مؤلفاتهم في قوائم سوداء. ويدعي المحافظون الجدد أننا نهاجمهم لأنهم يهود وهذا ليس صحيحا اننا نهاجمهم لان تعطشهم للحرب يهدد سلامة بلادنا حتى ولو وجد هذا تجاوبا واستحسانا لدى آرييل شارون. وهذه المرة نادى الرجال (وولف) اكثر مما ينبغي لكن ذلك غير مجد وطبقا لما اورده كوس فان صحيفة كابلان (نيوريبابليك) تدعم الاستاذ في جامعة هارفارد ستانلي هوفمان وفي معرض الكتابة عن مراكز القوة الاربعة في هذه العاصمة الذين يقرعون طبول الحرب يصف هوفمان المركز الرابع بقوله: واخيرا هنالك مجموعة متفرقة لاصدقاء اسرائيل ممن يؤمنون بوحدة المصالح فيما بين الدولة اليهودية والولاياتالمتحدة ينظر هؤلاء المحللون الى السياسة الخارجية من خلال هوس وحيد يقلقهم: هل يعود هذا بالنفع او الضرر على اسرائيل؟ ومنذ تأسيس ذلك الكيان عام 1948م لم يكن لهؤلاء المفكرين سمعة طيبة في وزارة الخارجية والآن يتخفون في وزارة الدفاع حول اصحاب استراتيجيات امثال بول وولفويتز وريتشاد بيرل ودوجلاس فيث. ان كان ستانلي هوفمان قادرا ان يقول ذلك (يسأل كوس) فلم لا يقدر كريس ماثيوز ان يفعل؟ يشير كوس ايضا الى ان كابلان اخفق في ان يذكر النقطة الاكثر تدميرا التي تربط المحافظين الجدد بشارون وبحزب الليكود. في التاسع من فبراير ظهر على الصفحة الاولى من جريدة الواشنطن بوست مقالا اورد فيه روبرت كايسار نقلا عن احد كبار المسؤولين الامريكيين قوله: اصبح الليكوديون هم من يمتلك زمام الامور الآن وقد اورد كيسار اسماء مثل بيرل ووولفوويتر وفيت بوصفهم اعضاء في الشبكة المؤيدة لاسرائيل داخل الادارة الامريكية فضلا عن ديفيد وارمزاز من وزارة الدفاع وايلبوت ابرامز من مجلس الامن القومي (ابرامز هو زوج ابنة لورمان بودهوري المحرر الفخري لمجلة الكومنتازي والذي ظلت مجلته طوال عقود لهم منتقدي اسرائيل بكونهم معادين للسامية). وبملاحظة ان شارون يشير باستمرار الى علاقته الخاصة المتميزة مع حزب بوش ويقول كيسار لاول مرة نرى نطاقا شبه تام في السياسات بين الادارة الامريكية وحكومة الليكود والسؤال الذي يطرح نفسه الان: كيف امكن حدوث هذا؟ وفي حين ان ذلك يصب في مصلحة شارون فهل يصب في مصلحة الولاياتالمتحدة ايضا؟ هذه لحظة الحقيقة لان امريكا على وشك اتخاذ قرار خطير جدا: هل ستشن سلسلة من الحروب في الشرق الاوسط والتي قد يشعل صدام الحضارات الذي حذر منه صاموئيل هوتنجتون الاستاذ في جامعة هارفارد حرب نعتقد انها ستكون مأساة وكارثة على هذه الجمهورية ولتفادي هذه الحرب وللرد على مزاعم المحافظين الجدد نطلب من قرائنا دراسة جدول اعمال هؤلاء والتي نوردها بحرفيتها ان اشعة الشمس هي افضل مطهر وكما اعتاد آل سميث ان يقول (لاشيء غير امريكي يستطيع ان يعيش في ضوء الشمس). اننا نوجه الاتهام قائلين ان عصبة من المنظرين والمسؤولين الرسميين يسعون لتوريط بلادنا في سلسلة من الحروب التي ليست في مصلحة امريكا اننا نتهمهم بالتواطؤ مع اسرائيل لاشعال هذه الحروب والغاء اتفاقيات اوسلو تتهمهم بالتقويض المعتمد للعلاقات الامريكية مع كل دولة من دول العالم العربي التي تتحدى اسرائيل او نناصر حقوق الشعب الفلسطيني في وطن خاص بهم نتهمهم بانهم نفروا الاصدقاء والحلفاء في انحاء العالم الاسلامي والغربي من خلال غطرستهم وتعطشهم للحروب. لم يحدث في تاريخنا ان تم عزل امريكا عن اصدقائها القدامى والأسوأ من هذا ان الرئيس بوش يتم استدراجه الى فخ بواسطة طعم وصفه له هؤلاء المحافظون الجدد الامر الذي قد يكلفه خسارة منصبه وكذلك يفقد امريكا سنوات من السلام الذي حققته لنا عن طريق التضحية بجيلين في الحرب الباردة. انهم يتهموننا بمعاداة السامية اي كراهية اليهود بسبب معتقداتهم او تراثهم او سلالتهم هذا غير صحيح والحقيقة ان هؤلاء المندفعين في كل هذه الاتهامات يحتضنون علاقة حميمة بامة غير امتنا وتتسبب هذه في التنكر لمصالح بلادهم وفي التصرف بناء على فرضية مؤداها ان ما هو خير لاسرائيل فهو خير لامريكا. من هم المحافظون الجدد؟ كانوا الجيل الاول من الليبراليين السابقين والاشتراكيين والتروتسكيين ومن الذين تم احضارهم بالقوارب عند ثورة ماكجوفيرن والذين تبوأوا مناصب في السلطة عقب وصول رونالد ريجان للحكم عام 1980. وطبقا لما كتبه كيفين فيليبس فان المحافظ الجديد كان سابقا اقرب ما يكون الى محرر في مجلة منه الى عامل رصف الطوب اما اليوم فالمحافظ (او المحافظة) الجديد هو الاقرب الى كونه استاذا مقيما في معهد سياسة عامة مثل المعهد الامريكي للمشاريع او المعهد اليهودي لشؤون الامن القومي. وطبقا لاحد الكتاب المحافظ الجديد هو على دراية وعلم اكثر باعمال فريق (تنك تانك) وهم الاشخاص المعنيون في البيت الابيض برسم سياسة الحكومة الامريكية من معرفته (بابرامز تانك) وهي نوع من الدبابات المنتجة بامريكا. وعلى وجه التقريب لم يطهر اي منهم من عالم التجارة او العسكرية والقلة منهم اتوا من حملة غولدووتر وقدوتهم من الابطال هم وودرو نلسون وفرانكلين روزفلت وهاري ترومان ومارتن لوثر كنج ومن النواب الديموقراطيين هنري جاكسون وبات مونيهيان. جميعهم مولعون بالتدخل في شؤون الآخرين والذين يعتبرون مساندة اسرائيل خاصة مشتركة لتوعيتهم ومن مشاهير هؤلاء جين كيركباتريك، بيل بينيت، مايكل نوفاك وجيمس ويلسون. اما منشوراتهم فتشمل الويكلي ستايدارد والكومنتاري، ونيوريبابليك، والناشونال ريفيو، والعقال الافتتاحي في صحيفة وول ستريت جورنال، ورغم قلة عددهم سيطروا على قوى غير متكافئة عبر السيطرة على المؤسسات والمجلات المحافظة وعبر اعمدتهم المكتوبة لدى النقابات الصحفية وعبر التواصل مع اصحاب المناصب. قرع طبول الحرب مع انتهاء الحرب الباردة بدأ المحافظون الجدد في وضع الخطط لحملة صليبية جديدة لاعطاء معنى لحياتهم وفي 11 سبتمبر وجدوا ضالتهم لقدا مسكوا بهذا الحدث الفظيع المخيف لتوجيه غضب الامريكيين نحو حرب شاملة لتدمير اعدائهم الدول العربية والاسلامية التي قاومت سيطرة الولاياتالمتحدة وتشمئز من اسرائيل. كانت مخططات جناحهم الحربي جاهزة قبل حدوث اعتداءات 11 سبتمبر بوقت طويل وعندما بحث الرئيش بوش عن جبهة جديدة في الحرب ضد الارهاب عقب هزيمة طالبان قام هؤلاء بوضع الطبخة الجاهزة امامه فاندفع اليها. وقبل تقديم كتاب سيناريو حروب امريكا المستقبلية آمل منكم امعان النظر في ردود الفعل السريعة للمحافظين الجدد تجاه ما حصل عقب ذلك اليوم المشؤوم. ففي 9/12 وبينما كان اعلى الامريكيين لايزالون تحت تأثير الصدمة نادى بيل بينيت عبر محطة سي ان ان باننا في صدام بين الخير والشر وانه يتوجب على الكونجرس اعلان الحرب على الاسلام الذي يحاربنا وانه يتوجب استخدام قوة هائلة وقد اورد بينت اسماء دول مثل لبنان وليبيا وسوريا والعراق وايران والصين كدول مستهدفة للهجوم لكنه لم يذكر افغانستان ملجأ ارهابيي اسامة بن لادن كيف عرف بينيت اية دول يجب تدميرها قبل ان يعرف هوية من قام بالهجوم علينا؟ لقد قامت صحيفة وول ستريت بتقديم قائمة اهداف محددة مطالبة الولاياتالمتحدة بتنفيذ غارات جوية على معسكرات الارهاب في سوريا والسودان وليبيا والجزائر وربما على اجزاء من مصر الا ان ايا من الدول الست التي ذكرها بينيت ولا حتى الخمس دول التي ذكرت كان لها علاقة باحداث 11 سبتمبر. وفي 5/15 طبقا لبوب ووداورد في مقاله المعنون (حرب بوش) قام بول وولفوويتز بتقديم نقاش عسكري لتبرير هجوم امريكي على العراق عوضا عن افغانستان وعندما سئل وولفونتر:ولماذا العراق اجاب في مجلس الحرب المصغر قائلا بانه (بينما قد تكون مهاجمة افغانستان غير مضمونة فان العراق كان يمثل نظاما استبداديا هشا من السهل تدميره وهذا ممكن عمله). وفي العشرين من سبتمبر قام اربعون من المحافظين الجدد بارسال خطاب مفتوح للبيت الابيض يوجهون فيه الرئيس بوش الى كيفية تنظيم الحرب على الارهاب وقد وقع ذلك الخطاب بينيت بوجهوتر، كيركياثريك، بيرل كريستول، اضافة لمحرر الواشنطن بوست تشارلز كروتامير، وكان ذلك الخطاب بمثابة انذار قيل للرئيس انه لكي يحتفظ بمساندة موقعي الخطاب عليه استهداف حزب الله لتدميره والهجوم على سوريا وايران ان رفضا تضييق الخناق على حزب الله والاطاحة بصدام ان علم الهجوم على العراق طبقا لتخيرهم لبوش سيشمل استسلاما مبكرا امام الحرب على الارهاب الدولي. وهنا لدينا عصبة من المفكرين الذين قالوا للقائد الاعلى بعد تسعة ايام من الهجوم على امريكا انه اذا لم يتبع خططهم الحربية فسوف يتهم بالاستسلام للارهاب لكن حزب الله لم تكن له علاقة باحداث التاسع من سبتمبر ما الذي ارتكبه حزب الله؟ لقد اذل اسرائيل باخراج جيشها من لبنان. لقد تم تحذير بوش بان عليه استغلال احداث 11/9 لكن سلسلة من الهجمات على انظمة غربية لم يهاجمها أحدا منها الا انها جميعها كانت عدوة لاسرائيل وكان ناتانياهو رئيس وزراء اسرائيل الاسبق دائم الظهور على التلفزيون الامريكي داعيا اياه لابادة امبراطورية الشر التي اتضح انها تشمل حماس وحزب الله والعراق وايران والمناطق الفلسطينية. وربما تكون بعض هذه الانظمة او المجموعات كريهة (للامريكيين) لكن ما الذي ارتكبوه بحق الولاياتالمتحدة؟ كان الجناح المؤيد للحرب مستميتا لشن حرب في الشرق الاوسط قبل ان تعيد امريكا حساباتها قام توم دوللي عن مؤسسة مشروع القرن الامريكي الجديد pnac بالدعوة الى الغزو الفوري للعراق فقد كتب قائلا (لا حاجة لان يتأخر الهجوم حتى يتم نشر نصف مليون جندي فان التحدي الاكبر سيكون احتلال العراق بعد انتهاء الحرب). ردد جوناه غولدبيرغ مقولة دونللي في الناشونال ريفيور فقال:(تحتاج الولاياتالمتحدة الى ان تحارب العراق لانها بحاجة لجهة ما تحاربها في المنطقة والعراق هو الخيار الأمثل). قام غولدبيرغ بتحويل مبدأ ليدين الموظف السابق في وزارة الدفاع الامريكي والذي حدده غولدبيرغ كما يلي: كل عشر سنوات او نحوها تحتاج الولاياتالمتحدة الى الامساك ببلد ما صغير ومتداع وقذفه ازاء الحائط فقط لكي نظهر للعالم اننا نعي ونفعل ما نقول( وعندما قام السفير الفرنسي في لندن خلال حفل عشاء بالسؤال لماذا يتوجب علينا ان نجازف باشعال حرب عالمية ثالثة من اجل بلد صغير قذر - ويقصد به اسرائيل - لم تكن مجلة غولدنبرغ مسرورة بهذا السؤال) وكان ليدين اقل طيشا ففي الحرب على صانعي الارهاب قام بتحديد الانظمة التي يتوجب على امريكا تدميرها بالضبط: في البداية وفي المقام الاول علينا تقويض الانظمة الارهابية بدءا بالثلاثة الكبار وهم ايران والعراق وسوريا وبعد ذلك نتوجه الى السعودية وحالما يتم الانتهاء من تدمير الطغاة في الدول المشار اليها سنظل مشغولين علينا التأكد من قيام ثورة ديموقراطية الاستقرار هو رسالة امريكية تافهة ومفهوم مضلل علاوة على ذلك نحن لا نسعى لاحلال الاستقرار في ايران وفي العراق وسوريا ولبنان وحتى في السعودية اننا نريد ان تتغير الامور، القضية الفعلية هي ليست ما اذا وانما كيف ستتم عملية زعزعة (الاستقرار). ان رفض الاستقرار بوصفه (مهمة امريكية تافهة) حسب ليدين الذي يمضي في تعريف المهمة التاريخية لامريكا قائلا: التدمير الخلاق هو الاسم الاوسط لنا سواء في مجتمعنا ام في الخارج نحن نمزق النظام القديم كل يوم من انظمة العلوم والتجارة والادب والفن والسينما. والسياسة والقانون لقد كان اعداؤنا يكرهون دوما هذا التحول في الطاقة والابداع والذي يقلق ويزعج تقاليدهم (مهما كانوا) ويعيب عليهم عجزهم على المواظبة على التقدم ولذا علينا تدميرهم لضمان تقدم مهمتنا التاريخية. ان كتابات كهذه تدين ليون ترونسكي اكثر مما تدين لروبرت تافت بالفصل وهي تنم عن اسلوب جاكوين في حركة المحافظين الجدد لدرجة انه لا يمكن لها ان تتماشى مع اي مفهوم للمحافظة الحقيقية. وبالنسبة لمجلة الويكلي ستاندارد كانت قائمة الاعداء الخاصة بليدين محدودة جدا علينا ان لا نعلن الحرب على شبكات الارهاب والدول التي تأويها فحسب بل علينا ان نشن الحروب على اية مجموعة او دولة نميل لمساندتها او مؤازرتها مستقبلا وذلك طبقا لصحيفة استاندارد. كان روبرت كاجنان ووليام كريستول يدوران بانفعال شديد لتوقعهما حدوث معركة الهرماجرون (نهاية العالم) ان الحرب القادمة ستتسع لشتمل عددا من الدول سوف تشبه صراع الحضارات التي امل الكثير في تجنبها من المحتمل ان زوال بعض الانظمة العربية المعتدلة قد يحصل بشكل غير مقصود. لقد برز بنورمان بودهورتز في مقاله في الكومنتاري على كريستول في الستاندارد وذلك عندما كتب بحماسة مفرطة قائلا: علينا اعتناق حرب الحضارات لان مهمة جورج بوش هي خوض الحرب العالمية الرابعة الحرب ضد الاسلام الاصولي وطبقا لحساباته فان الانظمة التي تستحق الاطاحة بها لا تقتصر على التي صنفت في محور الشر (ايران - العراق - كوريا) بل يجب ان تشمل على الاقل دولا مثل سورية ولبنان وليبيا ودولا صديقة لامريكا مثل العائلة المالكة السعودية وحسني مبارك في مصر اضافة للسلطة الوطنية الفلسطينية وعلى بوش ان يرفض المشورة الجبانة المقدمة من جانب كولين باول طبقا لبودهرتن والعثور على موطىء لفرض ثقافة جديدة على العالم الاسلامي المهزوم وبما ان الحرب ضد القاعدة تطلبت منا تدمير طالبان علينا ان نقوم بما يلي وفقا لودهرنز: قد نجد انفسنا شئنا ام ابينا مرغمين على الاطاحة بخمسة او ستة او سبعة من الطغاة في العالم الاسلامي (بما في ذلك راعي الارهاب السلطة الوطنية الفلسطينية لياسر عرفات) استطيع ان اتخيل ان الهيجان العظيم لهذه الحرب سيؤدي الى انواع جديدة من مهمة امبريالية لامريكا سيكون هدفها الاشراف على ظهور حكومات جديدة في المنطقة مسؤولة عن الاصلاح والتحديث عوضا عن تلك القائمة حاليا, استطيع ان اتخيل أيضا تأسيس نوع من الحماية الأمريكية على آبار النفظ (في الخليج). يقر بودهرتز بالفضل لأليوت كوهين فيما يتعلق بمصطلح (الحرب العالمية الرابعة) وقد شوهد بوش بعد ذلك بوقت قصير يحمل نسخة مهداة من كتاب كوهين الذي يمجد السيطرة المدنية على العسكرية في اوقات الحرب.. والتي تمثلت لدى قادة مثل ونستون تشرشل وديفيد بن غوريون. وتشمل قائمة الأنظمة لشرق أوسطية المستهدفة للتغيير طبقا لبودهيرتز وبنيت ولدمين وناتانياهو ولصحيفة وول ستريت دولا مثل الجزائر وليبيا ومصر والسودان ولبنان وسوريا والعراق والسعودية وإيران. وكذلك حزب الله وحماس والسلطة الفلسطينية والاسلام الأصولي. من المستفيد من ذلك؟ لمصلحة من تتبنى حروب لا نهاية لها في منطقة لا يوجد فيها شيء حيوي لأمريكا عدا النفظ الذي يتوجب على العرب بيعه لكي يعيشوا؟ من سيستفيد من حرب الحضارات بين الغرب والإسلام؟ الجواب: أمة واحدة زعيم واحد, حزب واحد: إسرائيل, أرييل شارون, الليكود. في الحقيقة كان لشارون في كل مكان صدى لمعاونيه في أمريكا, ففي فبراير 2003م أخبر شارون بعثة من الكونجرس انه بعد تدمير نظام صدام من الأهمية الحيوية للولايات المتحدة ان تنزع أسلحة إيران وسوريا وليبيا. لدينا اهتمام عظيم بتشكيل الشرق الأوسط بعد انتهاء الحرب على العراق, طبقا لكلام شاؤول موفاز وزير الدفاع الإسرائيلي في حديث أمام مؤتمر المنظمات الأمريكية اليهودية الرئيسية. بعد دخول القوات الأمريكية الى بغداد, عليها ممارسة ضغط سياسي واقتصادي ودبلوماسي (على طهران) طبقا لما ردده موفاز على مسامع اليهود الأمريكيين. هل يخشى المحافظون الجدد من ان الحرب على العراق قد تسقط حكومات عربية صديقة؟ كلا فهذا غير مهم هم سوف يرحبون بهذا السقوط, فمبارك ليس شخصية بارعة جدا, طبقا لما يراه ريتشارد بيرل في الرئيس المصري ونحن بالتأكيد نستطيع ان نقوم بما يلزم افضل منه , وعندما سئل عن امكانية ان تؤدي الحرب على العراق التي تتوقع ان تكون نزهة الى تقويض حكومات مثل حكومة مصر والسعودية, أجاب السفير السابق لدى الأممالمتحدة كين اديلمان على سؤال جوشوا هارشال من مجلة واشنطن الشهرية: ان كنت تنشد الحقيقة فهم يستحقون ذلك. في 10 يوليو 2002م دعا بيرل احد مساعدي لينتون لاروتي السابقين, واسمه لورانت ميوراوبك للتحدث أمام هيئة سياسة الدفاع. وفي معرض كلام مقتضب أصيب هنري كيسنجر بالذعر حينما وصف ميوراوبك المملكة العربية السعودية بانها (نواة الشر) والمحرك الرئيس وأخطر خصوم الولاياتالمتحدة. وأضاف قائلا: على واشنطن ان تعطي الرياض انذارا مفاده انه عليكم أيها السعوديون اما محاكمة او عزل أولئك المتورطين في شبكة الارهاب, بما في ذلك الاستخبارات السعودية, وايقاف كافة أشكال الدعاية المعادية لإسرائيل, وإلا سنضطر لغزو بلادكم والسيطرة على حقول النفط واحتلال مكة. وفي ختام محاضرته استعرض ميوراوبك استراتيجية شاملة للشرق الأوسط مفادها ان (ان العراق هو المحور التكتيكي) وان السعودية هي المحور الاستراتيجي وان مصر هي (المكافأة) والتقارير التي تسربت عن محاضرة ميوراوبك هذه لم تنشر فيما اذا كان أي من الحضور قد سأل عن كيفية الرد المحتمل من جانب العالم الإسلامي على القوات الأمريكية التي ستطأ أرض المسجد الحرام. ان الذي يسعى اليه هؤلاء المحافظون الجدد هو تجنيد الدم الأمريكي لكي يصبح العالم آمنا لإسرائيل, يريدون السلام بالسيف المسلط على الإسلام, وان يموت الجنود الأمريكيون اذا اقتضى الأمر لفرض هذا السلام. اطلق محرر واشنطن تايمز ارنود دي بورشجريف تسمية على هذا واصفا إياه بانه (مذهب بوش شارون) وقد كتب قائلا ان ليكوديي واشنطن قد امسكوا بزمام الأمور في السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط منذ تسلم بوش لمنصبه. يسعى المحافظون الجدد الى انشاء امبراطوية أمريكية كما يسعى حزب شارون الى السيطرة على الشرق الأوسط ويتوافق جدولا اعمال الاثنين كليا. فبينما يصر المحافظون الجدد ان احداث سبتمبر هي سبب الحرب على العراق والأصولية الإسلامية فان اصول خططهم الحربية قد وضعت قبل ذلك التاريخ بوقت طويل. تأمين العالم ان المخطط الرئيسي هو ريتشارد بيرل وقد كان احد مساعدي السيناتور سكوب جاكسون, بيرل الذي سمع صوته صدفة وهو يقول في عام 1970 على احد أشرطة التسجيل (الفدرالية) أثناء مناقشته مع السفارة الإسرائيلية حول معلومات سرية مصدرها مجلس الأمن القومي, وفي كتابه الصادر عام 1974 كتب ستيفن اسحق تحت عنوان (اليهود والسياسات الأمريكية) قائلا: ان ريتشارد بيرل وموريس اهيتاي يقودان ما يمكن تسميته مجازا جيشا صغيرا من مناصري السامية في مبنى الكابيتول. يفعلون ويديرون القوة اليهودية طبقا لما يخدم المصالح اليهودية وقد نشرت نيويورك تايمز تقريرا عام 1983 مفاده ان بيرل تلقى مبالغ كبيرة من احد مصنعي السلاح الإسرائيليين. وفي عام 1996 قام بيرل بالاشتراك مع دودلاس فيك وديفيد وورمزاز بكتابة موضوع عنوانه (تغيير نظيف, استراتيجية جديدة لتأمين العالم) وجهه لرئيس الوزراء الإسرائيلي ناتانياهو حث الكتاب الثلاثة نتانياهو على إلغاء اتفاقيات أوسلو الخاصة بالمغدور اسحق رابين, وتبني استراتيجيات عدوانية جديدة. يمكن لاسرائيل ان تشكل مجموعتها وبيئتها الاستراتيجية بالتعاون مع تركيا والأردن بواسطة اضعاف واحتواء وحتى صد سوريا. يمكن لهذا الجهد ان يركز على الاطاحة بصدام حسين من العراق, وهو هدف استراتيجي إسرائيلي هام لخدمة مصالحها كوسيلة لاحباط الأهداف والتطلعات الاقليمية السورية. ومؤخرا تحدى الأردن الطموحات السورية الاقليمية عندما اقترح استعادة الهاشميين للعرش في العراق. وطبقا لاستراتيجية بيرل فيث وورمزاز تبقى سوريا هي عدو إسرائيل ولكن الطريق الى دمشق يمر عبر بغداد, ان مخططاتهم هذه التي حثت إسرائيل على اعادة تأسيس (مبدأ حق الاستيلاء) قد تم فرضها الآن من قبل بيرل فيث وورمزاز وشركاهم على الولاياتالمتحدة. وفي بحثه المنفرد الذي كتبه عام 1997 تحت عنوان (استراتيجية لاسرائيل: حث فيث إسرائيل على اعادة احتلال المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية رغم ان عدد الضحايا سيكون ضخما. وبوصفه باحثا مقيما لدى معهد المشروعات الأمريكية قام وورمزاز بوضع مسودة خطط حربية مشتركة لإسرائيل والولاياتالمتحدة تهدف الى (الضرب في العمق لمراكز الراديكالية في الشرق الأوسط على إسرائيل والولاياتالمتحدة ان توسعا الصراع من أجل الضرب بعمق وليس مجرد نزع السلاح من المراكز الراديكالية في المنطقة وهي أنظمة الحكم في دمشق وبغداد وطرابلس الغرب وطهران وغزة ان هذا سيفضي الى الاقرار بأن محاربة الولاياتالمتحدة او إسرائيل هو بمثابة انتحار). وقد حث كلتا الأمتين على البحث عن أزمة حيث قال: (يمكن للازمات ان تشكل فرصة. وقد نشر وورمزاز خطته الأمريكية الإسرائيلية هذه في غرة يناير 2001 أي قبل تسعة أشهر من اعتداءات سبتمبر. كتب مايكل لند ما يلي حول عصبة بيرل فيث وورمزاز: (ان اليمين الصهيوني الراديكالي الذي ينتمي اليه كل من بيل وفيث هو صغير العدد لكنه أصبح قوة مهمة في دوائر صنع السياسات لدى الجمهوريين انها ظاهرة جديدة يعود تاريخها الى أواخر السبعينيات والثمانينيات, عندما قام المفكرون الديموقراطيون السابقون بالانضمام الى تحالف ريجان الواسع, وينما يتحدث الكثير عن هؤلاء الصقور علنا عن غزوات صليبية عالمية من أجل تحقيق الديموقراطية, فان القلق الرئيسي للعديد من هؤلاء المحافظين الجدد هو قوة وسمعة إسرائيل). تحت المدخنة يترأس بيرل اليوم هيئة السياسات الدفاعية, وفيث هو نائب وزير الدفاع ووارمزاز هو المساعد الخاص لنائب وزير الخارجية لشؤون الأسلحة المدعو جون بولتون الذي يعتبر الصدى الصادق لخط بيرل شارون وطبقا لما كتبته صحيفة (هآرتز) (الأرض), اليومية الإسرائيلية في أواخر فبرايرن فان: نائب وزير الخارجية الأمريكي جون بولتون قال في معرض اجتماعاته مع المسؤولين الإسرائيليين انه لا يوجد لديه شك بان الولاياتالمتحدة ستهاجم العراق, وان هذا سيكون ضروريا للتعامل مع التهديدات من جانب سوريا وإيران وكوريا الشمالية لاحقا. في 26 يناير 1998 تلقى الرئيس كلنتون رسالة تناشده التصريح بان الاطاحة بنظام صدام هو هدف في السياسة الخارجية الأمريكية وان يتخذ اجراء عسكريا ضده بسبب اخفاق الجهود الديبلوماسية. واذا ما استجاب كلنتون فان موقعي الرسالة سوف يعرضون كامل مساندتهم له في مساعيه الصعبة والضرورية هذه ..وقع هذا الالتماس اليوت ابرامز, بيل بينيت, جون بولتون, روبرت كاجان, وليليام كريستول, وريتشارد بيرل وبول وولفوويتز, قبل أربع سنوات من أحداث 9/11 كان المحافظون الجدد يستهدفون بغداد. مذهب وولفوويتز في عام 1992 تسربت وثيقة مخيفة من مكتب بول وولفوويتز في وزارة الدفاع. وقد اطلق عليها بارتون جيلمان من صحيفة الواشنطن بوست وصفا بأنها (مطبوعة سرية تهدف للمساعدة في توجيه الأمة في القرن المقبل). كانت مذكرة وولفوويتز تدعو الى (تواجد عسكري أمريكي في ست قارات من أجل اعاقة كافة المنافسين المحتملين من ان يطمحوا الى دور اقليمي او عالمي أكبر, وعلى الاحتواء والاستراتيجية المنتصرة في الحرب الباردة ان تفسح المجال لاستراتيجية جديدة طموحة مصممة (لانشاء وحماية نظام جديد). ورغم ان مذكرة وولفوويتز قد وضعت واهملت عام 1992 فقد أصبحت سياسة أمريكية في كتيب استراتيجية الأمن القومي ذي الصفحات الثلاث والثلاثين الذي اصدره الرئيس بوش في 2002/9/21. لقد وصفه تيم رياخ بانه اراقة للماء في السياسة الأمريكية الخارجية والتي لا تعكس المبادىء الأساسية التي وجهت الرؤساء السابقين لمدة تربو على خمسين عاما (الاحتواء والإعاقة). أما الدرو بيسمفتش الاستاذ في جامعة بوسطن, فيكتب عن استراتيجية الأمن القومي قائلا: انه مندهش من تكالبها لخنق مثالية الدولة بتنكر مجرد للآلية السياسية. وهذا يدل على انها ليست فقط نتاج الجمهوريين المحافظين المتصفين بالوقار, بل انها ناجمة عن تعاون غير محتمل بين وودرو ويلسون واليوت فون مولتيك. وفي معرض التصدي لأعداء أمريكا, تعلق الصحيفة قائلة: لن نتردد في اتخاذ الاجراء اللازم بمفردنا اذا اقتصى الأمر, لممارسة حقنا في الدفاع عن أنفسنا عن طريق الاجراء الوقائي. وهي تحذر أية أمة تسعى لامتلاك القوة لمنافسة الولاياتالمتحدة ستكون دعوة لتورطها في حرب مع الولاياتالمتحدة. (ليس لدى الرئيس اية نية في السماح لاية أمة باللحاق بالقناة الضخمة التي فتحتها الولاياتالمتحدة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي منذ أكثر من عقد ان قواتنا ستكون قوية بما يكفي لمنع الأعداء المحتملين من السعي لبناء قوة عسكرية أملا في التوق او التساوي مع قوة الولاياتالمتحدة). على أمريكا ان تعد نفسها لحقبة من (بناء الأمة على نطاق واسع) وبدون وجود استراتيجية للخروج. طقا لما يراه روبرت كاجان. لكن هذا السلام الأمريكي الذي يتخيله المحافظون الجدد يقودنا الى وقت اطلق عليه هاري بارنز (الحرب الدائمة من أجل السلام الدائم). ورقة ميونيخ وكما تم تحذير الرئيس بوش في 2001/9/20 من انه سوف يتهم بالاستسلام المؤكد في حربه على الارهاب, في حال عدم الهجوم على العراق, فانه على علم بان الضغط على إسرائيل امر ممنوع, ففي حين لعب المحافظون الجدد بورقة معاداة السامية, فانهم لن يتورعوا عن اللعب بورقة ميونيخ ايضا. فمنذ سنة خلت عندما دعا الرئيس بوش شارون للانسحاب من الضفة الغربية, رد عليه شارون بانه لن يدع احد يفعل لإسرائيل ما فعله نيغل هامبرلين بالتشيكيين. وعلى الفور قام فرانك غافنى من مركز السياسات الأمنية بمساندة شارون حين قال: مع كل يوم يمر تبدو واشنطن وكأنها ترى تصرفات حليفها الرئيسي في الشرق الاوسط، غير مقبولة بنفس الطريقة التي كانت لندن وباريس تريان مقاومة المنتهكين لعروض هتلر بالسلام مقابل ارض تشيكوسلوفاكيا. وعندما صرح قائد حلف الناتو الامريكي الاسبق، الفريق جورج جولان بأنه على الولاياتالمتحدة فرض السلام على اسرائيل والفلسطينيين، واجه هنا كذلك تهمة التملق فقد كتب جافيني قائلا: انهم سوف يتجاوزون قيام فرنساوبريطانيا بالتخلي عن حليف في ميونخ عام 1938 ويبدو ان مدرسة (افرض السلام) مستعدة لكي تجعلنا نلعب ايضا دور فيرماخت ايام هتلر، وذلك بأن نسلم الى ياسر عرفات (ستوذنلا المعاصرة) وهي الضفة الغربية وقطاع غزة وربما جزء من القدس. يوافق بودهورتز على ان شارون كان مصيبا في جوهر ما قال، لكنه اردف انه من الناحية السياسية لم يكن من الحكمة استخدام التشابه او المقارنة مع حالة ميونخ. ان الرئيس بوش على علم بأنه اذا ما حاول الضغط على اسرائيل لمقايضة الارض بالسلام، وهي معادلة اوسلو التي آمن بها والده واسحق رابين، فسوف يوصم كما والده بمعاداة السامية، وبأنه يتعلق بأسلوب ميونخ وذلك من قبل كل من الاسرائيليين وحلفائهم المحافظين الجدد داخل البيت الابيض. ولكن، ان لم يتمكن بوش من توجيه شارون، فلن يكون هناك سلام، وان لم يكن هناك سلام في الشرق الاوسط فلن يكون هناك امان لنا ابدا لأن الارهاب لن يتوقف، وكما سوف ينقل او يروي اي دبلوماسي او صحفي يسافر الى المنطقة، فأن اخفاق امريكا في ان تكون عادلة، واخفاقنا في نجم شارون واخفاقنا في ادانة تجاوزات اسرائيل، وتواطؤنا الاخلاقي في سلب ومصادرة اراضي الفلسطينيين وانكار حقوقهم في تقرير مصيرهم فإن هذا سيكون سببا مساعدا ومؤازرا للعداء لامريكا في العالم الاسلامي، حيث ينمو ويترعرع الارهاب والارهابيون. ختاما: فان الشعب الاسرائيلي صديق لامريكا وله الحق في السلام والحدود الآمنة، علينا ان نساعده على نيل هذا الحق، وكأمة لقد قطعنا التزاما اخلاقيا تم تأييده وصونه من قبل ستة رؤساء والذي يرغب الامريكيون في احترامه، لا ان يسمح بأن يشهد هؤلاء الناس الذين عانوا الكثير دمار وخراب بلادهم، ونحن علينا احترم هذا الالتزام. لكن المصالح الامريكية والاسرائيلية غير متطابقة او متماثلة، وغالبا ما تتصادم، وعند حدوث ذلك فالمصالح الامريكية هي التي يجب ان تسود وتنتصر، فضلا عن ذلك فنحن لا نرى نظام شارون بوصفه (افضل صديق لأمريكا). ومنذ عهد بن غوريون، كان سلوك نظام اسرائيل يتراوح بين المراوغة والازدواجية ففي الخمسينات قامت استخباراتها (الموساد) بتفجير المنشآت الامريكية في مصر ليبدو الامر وكأنه من عمل القاهرة، بهدف تقويض العلاقات الامريكية مع حكومة عبدالناصر الجديدة، وخلال حرب الايام الستة اوعزت اسرائيل بهجمات متكررة على البارجة الامريكية ليبرتي ادى ذلك لمقتل 34 بحارا امريكيا وجرح 171 فضلا عن اطلاق المدافع الرشاشة على طوافات الانقاذ البحري، ولم يتم التحقيق في هذه المذبحة او فرض العقوبة بسببها على اسرائيل من جانب الحكومة الامريكية وذلك من منطلق الدواعي القومية ورغم اننا قد قدمنا لاسرائيل عشرين الف دولار لكل مواطن يهودي، ترفض اسرائيل التوقف عن بناء المستوطنات التي تعتبر سبب الانتفاضة الفلسطينية، لقد جر ودنس الليكود اسمنا الطيب في اوحال ودماء رام الله، حيث تجاهلوا طلبات الرئيس بوش لضبط النفس وباعوا تقنية الاسلحة الامريكية الى الصين بما في ذلك صواريخ باتريوت وصواريخ فوليكس جو - جو والطائرة المقاتلة لافي التي تعتمد على تقنية طائرة اف 16 ولولا التدخل الامريكي المباشر لما تمكنا من منع بيع اسرائيل لنظام الاواكس. لقد حرضت ورتبت اسرائيل جوناثان بولارد لسرقة اسرارنا وترفض اعادة وثائقنا والتي سوف تثبت ما اذا كانت قد بيعت لموسكو ام لا، وعندما حاول كلينتون ان يلعب دور الوسيط لعقد اتفاق واي بلانتيشن بين اسرائيل وعرفات حاول ناتانياهو ان ينزع وينتزع اطلاق سراح بولارد كثمن لتوقيعه على الاتفاق، لكي يتمكن من اعادة هذا الخائن الافعى الى اسرائيل ممجدا اياه كبطل قومي. هل يتصرف البريطانيون اقرب حلفائنا بهذا الشكل؟ رغم اننا قلنا مرارا وتكرارا اننا معجبون كثيرا بما فعله هذا الرئيس، لكنه لا يستحق اعادة انتخابه اذا لم يبدوا التخلص من جدول اعمال المحافظين الجدد الخاص بالحروب التي لا نهاية لها على العالم الاسلامي والتي لن تخدم سوى مصالح بلد غير الذي انتخبه ليصونه ويحميه.